ضع اعلانك هنا

19دولة عربية تحت خط الفقر المائي

تواجه نصف 33 دولة في الشرق الأوسط أزمة مياه كبيرة، بحلول عام 2040، بسبب ندرة المسطحات المائية وزيادة الطلب على المياه، وتشهد 8 دول منها حالة افتقار كبيرة، ما يدفع دول العالم العربي إلى البحث عن حلول لأزمة خانقة، ولن تكون الكميات المستخرجة من باطن الأرض ولا عمليات التحلية من البحر قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الماء، فيما تعمل الجزائر، على تجاوز تحديات ندرة الماء، ببلوغ رقم 139 سدا على المستوى الوطني، بحلول 2030، بقدرة تخزين تصل إلى 12 مليار متر مكعب، حيث يشير المراسلون في الميدان وتصريحات المسؤولين إلى وجود 12 سدًّا من الحجم الكبير في طور الإنجاز.


يشير تقرير للخبراء إلى أنّ 13 دولة في الشرق الأوسط ستواجه أزمة خانقة في المياه، خلال الربع قرن المقبل، وستكون البحرين، والكويت، والأراضي الفلسطينية، وقطر، والإمارات، والسعودية، وسلطنة عمان، بين 10 دول، الأولى عالميا، المرشّحة لأزمة حادّة في المياه.

شمل التصنيف العالمي، 167 دولة، وقال باحثون في المعهد العالمي للموارد المائية، وضعوا أوّل مقياس لشدّة المنافسة على المسطحات المائية مثل البحيرات والأنهار ونفاد هذا المخزون على مدار كل عقد من عام 2010 وحتى 2040، إن منطقة الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم فقرًا للأمن المائي، مشيرين إلى أن دول هذه المنطقة تستخرج المياه الجوفية بكثرة، إلى جانب تحلية مياه البحار، وحسب متابعاتهم، فإنها ستواجه تحديات استثنائية وكبيرة في المستقبل القريب، في مجال الأمن المائي.

سنغافورة.. تجربة رائدة

قالت بيتسي أوتو، مديرة البرنامج العالمي للمياه في المعهد العالمي للموارد المائية، إنه على الحكومات أن تتفهّم المخاطر المحتملة التي تواجهها فيما يتعلق بالمياه اللازمة لتسيير شؤونها الاقتصادية، بما في ذلك تعاظم الطلب الناجم عن الزيادة السكانية، علاوة على الآثار غير المؤكدة لتغيّر المناخ، وتشير أوتو إلى تجربة سنغافورة في الإستعانة بالأساليب المبتكرة “الأنباء السّارة أن بوسع الدول اتخاذ قرارات للحدّ من هذه الأزمة وتجنّب المخاطر المرتبطة بكيفية إدارة موارد المياه”، ومن بين الطرق الناجحة في مواجهة أزمة المياه، نظام معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمالها، لكن أوتو تنبّه إلى أنّه “ليس من المجدي معالجة المياه إلى مستوى المياه القابلة للشرب وإتاحة استخدامها في المنازل ثم تهدر بعد ذلك في شبكات الصّرف الصحي”، مضيفة أن بعض دول الشرق الأوسط تعوّل على تحلية المياه من خلال إزالة ملوحة مياه البحار والمياه الجوفية، وقد تواجه مثل هذه الدول وغيرها، التي تعاني من أزمات المياه، العجز عن توفير الغذاء اللازم لشعوبها، لأنها تبدّد المخزون.

إهمال الأمن المائي.. خطر داهم

وفي هذا الصدد، يتساءل الخبراء عن جدوى استراتيجيات الأمن الغذائي لدول لا تملك استراتيجية للأمن المائي، وعلى سبيل المثال، أخذ الخبراء السعودية نموذجا، إذ تبدو جهودها في الزراعة غير مجدية، خصوصا بعد إقرارها بأن شعبها سيعتمد بصفة أساسية على واردات الحبوب بحلول عام 2016، وقال الخبراء إنه فيما تمثل الاضطرابات السياسية مبعث القلق الرئيسي اليوم في الشرق الأوسط، فربما كان الجفاف ونقص المياه في سوريا أسهم في انفجار الاضطرابات الاجتماعية.

ونزح نحو 1.5 مليون شخص، معظمهم من المزارعين والرعاة إلى مناطق عمرانية، فيما عجزوا عن الحصول على فرص عمل وخدمات كافية، وقالوا إن المياه لعبت دورا مهما في الصراع الممتد منذ عقود بين الأراضي الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، وقالت أوتو “من غير المرجح أن تصبح المياه سببا للصراع، بل قد تكون عنصرا لتسريع وتيرته أو مضاعفة الصراعات”.

وتضمن التحليل 4 دول، من المقرّر أن تواجه أزمة حادّة في المياه بين عامي 2010 و2040 هي تشيلي وأستونيا وناميبيا وبوتسوانا، ما يضيف أعباء جديدة على أنشطتها التجارية والزراعية والمجتمعية، وحذرت أيضا من أن التصنيف على المستوى القومي يخفي خلفه تفاوتات ضخمة بين الدول، فالولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، صنّفت 49 في عام 2010 و47 في عام 2040، لكن كاليفورنيا تكابد أزمة جفاف خانقة.

وقالت أوتو إن بعض هذه الدول قد يشهد زيادة إمدادات المياه مستقبلا، من خلال مياه الأمطار بسبب التغيّر المناخي، كما أنّ قطاع الزراعة قد يعول على مياه الأمطار، بدلا من مياه الريّ، ما ينقذ الطلب المباشر على مياه المسطحات المائية، مشيرة إلى أنه، في جنوب القارة الإفريقية ومناطق أخرى من العالم، حيث من المتوقع نضوب المعروض من المياه، مع تعاظم الطلب، يتعيّن على صناع السياسة التحرّك للحيلولة دون تفاقم أزمة المياه.

19 دولة تحت خطّ الفقر المائي

تمثّل المياه العذبة في العالم ما نسبته 3% فقط من مجمل المياه الموجودة على كوكب الأرض، ونسبة 77.6% من هذه النسبة على هيئة جليد، فيما تمثل نسبة 21.8% مياهًا جوفية، بينما تبقى نسبة 0.6% متاحة لتلبية احتياجات أكثر من 6 مليارات نسمة، يسكنون المعمورة، ويتقاسم هذه النسبة مجال الاستعمال المباشر في البيوت، وفي الزراعة والصناعة.

يضم الوطن العربي 10 مساحة اليابسة في العالم، غير أنه يصنّف ضمن المناطق الفقيرة في مصادر المياه العذبة، إذ يحتوى على نسبة 1% من كل الجريان السطحي للمياه، وحوالي 2% من إجمالي الأمطار في العالم، وهذا يعكس فقر الوطن العربي فيما يتعلّق بمصادر المياه، ما انعكس على التأمين المائي للفرد والذي يجب أن لا يقل عن 1000 متر مكعب سنويا، وفقا للمعدل العالمي، وبهذه المعطيات، وصل متوسّط حصّة الإنسان العربي إلى 500 متر مكعب في العام، وهي نسبة تمثل نصف حصّة الاستهلاك المرشد.

وبلغت أعداد الدول العربية الواقعة تحت خطّ الفقر المائي، 19 دولة، منها 14 دولة تعاني شحًّا حقيقيا في المياه، إذ لا تكفي المياه لسدّ الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، ولأن المنطقة العربية تقع جغرافيا ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة فإن 30% من أراضيها الصالحة للزراعة معرّضة للتصحّر بسبب نقص المياه، ويأتي هذا في وقت لا يستغل العالم العربي من موارده المائية البالغة حوالي 340 مليار متر مكعب سوى 50%، والباقي معرّض للضياع.


مصادر المياه التقليدية

1- مياه الأمطار: الأمطار هي أولى مصادر المياه في العالم العربي، ومن الدول التي تعتمد عليها في بناء اقتصادها الزراعي والصناعي بصورة أساسية، المغرب، والجزائر، وتونس، وسوريا، ولبنان، والعراق، والصومال، والسودان والأردن، ويقدّر الوارد السنوي من الأمطار ما بين 2100-2300 مليار متر مكعب، وتتراوح المعدّلات السنوية لهطول الأمطار ما بين 250-400 ملم، وقد تتجاوز 1000 ملم في بعض المناطق، كجبال لبنان والساحل السوري ومرتفعات اليمن وجنوب السودان، وتتوزّع الأمطار في الوطن العربي على الوجه التالي،
60% من مياه الأمطار تتساقط في فصل الصيف، معظمها في حوض السودان والقرن الإفريقي واليمن وموريتانيا.
40% من مياه الأمطار تهطل في فصل الشتاء في المغرب العربي وشمال إفريقيا وبقية الدول العربية المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
2- مياه الأنهار: ويقدّر معدل موارد المياه المتجدّدة سنويا في العالم العربي بنحو 350 مليار متر مكعب، منها نحو 125 مليار متر مكعب، أي 35% تأتي عن طريق الأنهار من خارج المنطقة، حيث يأتي عن طريق نهر النيل 56 مليار متر مكعب، و28 مليار متر مكعب من نهر الفرات، و38 مليار متر مكعب من نهر دجلة وفروعه، وأهم أنهار العالم العربي،
– نهر النيل، وهو أطول أنهار العالم، يمتدّ من الجنوب إلى الشمال، بطول 6695 كلم، وينبع من بحيرة فيكتوريا، وتشترك فيه عشر دول هي؛ إثيوبيا، والكونغو الديمقراطية، وكينيا، وإريتريا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندي، وأوغندا، والسودان ومصر، وإذا كان السودان يشكل مجرى النيل، فإن مصر تمثل مجراه ومصبّه، بينما الدول الأخرى تكون منبعه وحوضه، وتعتبر مصر أكثر الدول احتياجا إلى نهر النيل، لموقعها الصحراوي وندرة الأمطار فيها.
– دجلة والفرات، وينبع نهرا دجلة والفرات من حوض الأناضول في تركيا، ويعبران تركيا وسوريا والعراق، وعندما يلتقي الفرات بنهر دجلة في القرنة شمالي البصرة، يشكلان معا شط العرب، ونهر الفرات يمتد على طول 2780 كلم من منبعه بجبال أرمينيا حتى التقائه مع دجلة، منها 761 كلم في تركيا، و650 كلم في سوريا و1200 كلم في العراق، وتعتمد سوريا على نهر الفرات بنسبة 90%، بينما تعتمد العراق عليه كليا. وعليه سدود عديدة، منها سدّ طبقة في سورية وسدود الرمادي والحبانية والهندية في العراق.

أما نهر دجلة، فطوله 1950 كلم، منها 342 كلم في تركيا و37 كلم بمثابة حدود بين سوريا وتركيا، و13 كلم بمثابة حدود بين سوريا والعراق، و1408 كلم في العراق، وينبع هذا النهر من جبال طوروس في تركيا، ومن السدود التي أقيمت عليه في العراق سدّ الموصل والثرثار والكوت والعمارة.

– نهر الأردن، وهو نهر صغير، يشكل الحدود بين فلسطين والأردن، ويمتد على طول 360 كلم، وينبع من الحاصباني في لبنان، واللدان وبانياس في سورية، ويخترق سهل الحولة ليصب في بحيرة طبرية، ثم يجتاز الغور وتنضم إليه روافد اليرموك والزرقاء وجالود، ويصبّ في البحر الميت، ويحتاج لمياه هذا النهر كثير من الدول المشاركة فيه، كالأردن وسوريا وفلسطين ولبنان.
3- المياه الجوفية، يقدّر مخزون المياه الجوفية في العالم العربي بنحو 7734 مليار متر مكعب، يتجدّد منها سنويا 42 مليارا، ويتاح للاستعمال 35 مليار متر مكعب، وهناك موارد مياه جوفية كبيرة غير متجدّدة، ومصادر المياه الجوفية هي مياه الأمطار، وهي المصدر الرئيسي لتلك المياه، وماء الصهير وهو الماء الذي يصعد إلى أعلى بعد مراحل تبلور الصهير المختلفة، والماء المقرون وهو الماء الذي يصاحب عملية تكوين الرسوبيات في المراحل المبكرة ويحبس بين أجزائها ومسامها، وتتوزع المياه الجوفية على ثلاثة أحواض كبيرة هي،

– حوض النوبة، ويقع بين مصر وليبيا والسودان، ويمتد إلى شمال تشاد، وتصل مساحته إلى نحو 1.8 مليون كلم مربع، منها 150 ألف كلم مربع تحت ارتوازية، ويقدّر حجم مخزون هذا الحوض بنحو 20 ضعفا من الإمدادات السنوية المتجدّدة في العالم العربي، ويرتفع منسوب مياهه في أطرافه الشرقية لتشكل الواحات الداخلة والخارجة والفرافرة في مصر، أما في ليبيا فيوجد النهر الكبير وهو نهر صناعي، ينقل مليوني متر مكعب يوميا من مياه هذا الحوض إلى الساحل الليبي، ويسقي 180 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.

– حوض العرق الشرقي، ويقع جنوب جبال الأطلس في الجزائر، ويمتد إلى تونس بمساحة 400 ألف كلم مربع، وهو حوض ارتوازي، ويقدّر مخزونه بنحو أربعة أضعاف الإمدادات المتجدّدة من المياه في المنطقة العربية.
– حوض الديسي، ويقع بين الأردن والسعودية، وتبلغ مساحته نحو 106 آلاف كلم مربع، وتستفيد منه السعودية.
4- مياه الأودية الموسمية والبحيرات الطبيعية، تنتشر في الوطن العربي شبكات من الأودية الموسمية المتباينة في كثافتها، تبعا لطبوغرافية ونوع التربة والبيئة السائدة، وكمية هطول الأمطار السنوي، ويتجاوز عدد هذه الأودية مئات الآلاف، وتجري هذه الأودية لفترات محدودة في السنة، بعضها يجري لعدة ساعات والبعض الآخر لعدة أيام أو شهور، ولا توجد دراسات موثّقة حول كميات المياه التي توفّرها هذه الأودية، إلا أنّ مظاهر السيول التي شهدتها تلك الأودية تشير إلى أن لها إمكانيات مائية لا يستهان بها، تتجاوز في مجموعها عشرات المليارات من الأمتار المكعبة.

المصادر غير التقليدية

– تحلية مياه البحر، حيث تقوم ليبيا ودول الخليج بتحلية مياه البحر، وتمثل مياه البحر المحلاة أكثر من 75% من المياه المستخدمة في دول الخليج العربي، بكمية تصل إلى 1.85 مليار متر مكعب، أي حوالي 90% من إجمالي إنتاج المنطقة العربية من المياه المحلاة، وتشير بعض المصادر إلى أن 35% من إجمالي محطات إزالة الملوحة من مياه البحار في العالم و65% من إجمالي الطاقات المتاحة لها عالميا موجودة في العالم العربي وخاصة في الجزيرة العربية.
– إعادة المعالجة، كإعادة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصرف الصحي واستخدامها في الزراعة والصناعة، وتقدّر كميات الصرف الزراعي والصحي المستخدمة في العالم العربي بين 6.5-7.6 مليارات متر مكعب.
– تجمع مياه الأمطار
– تلقيح السحب لإنزال المطر الصناعي.
مواجهة الطلب وسدّ الفجوة
وحسب الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، فإن استعمالات المياه في الوطن العربي تتوزع على ثلاثة مجالات رئيسية؛ هي الزراعة والصناعة والأغراض المنزلية، وتستهلك الزراعة حسبه 87% من المياه، بينما تستهلك الصناعة 7% ويستهلك للأغراض المنزلية 6%، ولمواجهة الطلب المتزايد على المياه والفجوة الكبيرة بين الموارد المائية والطلب عليها يقترح أفكارا ومشروعات لتنمية الموارد المائية، منها؛
– التوسّع في بناء الخزانات السطحية على مجاري المياه وحيثما كان ذلك ممكنا فنيا واقتصاديا.
– استكشاف الأحواض المائية وإعداد الخرائط الهيدرولوجية.
– تطوير معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي للوصول إلى الدورة المغلقة للمياه في هذه المجالات.
– إنشاء محطات مياه لإزالة الملوحة تعتمد على الطاقة الشمسية المتوافرة بكثرة في الوطن العربي لتقليل نفقات التحلية.
– تطوير التعاون العربي والإقليمي في مجال الانتفاع بالموارد المائية المتاحة وتنميتها.
العالم النامي أضعف في مواجهة ندرة المياه
ثمة خطر إضافي يحدق بالأمن المائي، يأتي من تغيّر المناخ؛ إذ يشهد العالم احترارًا لم يسبق له مثيل، وتزيد درجات الحرارة الآن بنحو 0.5 درجة مائوية عن معدلاتها المتوسطة خلال الفترة ما بين 1961-1990.
أثر تغيّر المناخ على موارد المياه في جميع أنحاء العالم، وأفضى إلى زيادة متوسط مستوى سطح البحر بمعدل 1.75 ملم سنويا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وتسبب في انحسار واسع النطاق للأنهار الجليدية غير القطبية، مما قلّص تدفق المياه في فصل الجفاف، وزيادة درجات حرارة الحفيرات وكذلك حرارة البحار، وتعمل الطاقة الشمسية المحتبسة في الغلاف الجوي بفعل غازات الدفيئة على توجيه الدورة الهيدرولوجية، وأية زيادة ستؤدي إلى تكثيف ملحوظ في الدورة، مما يغيّر من أنماط سقوط الأمطار ويُفاقم الظواهر المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات.
وحاليا يمكن مشاهدة آثار تغيّر المناخ على الأمن المائي، على الصعيد العالمي، ازدادت مساحة الأراضي المصنفة من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ IPCC بأنها جافة جدا، إلى أكثر من الضعف، منذ سبعينيات القرن العشرين، وصحب ذلك معدلات أكبر للفيضانات في المناطق الواقعة ضمن خطوط العرض الوسطى إلى العليا، ومواسم للجفاف أطول وأكثر تواترًا في أجزاء من قارتي آسيا وإفريقيا.
ويتسم الأمن المائي في العالم النامي بسرعة تأثره على نحو خاص بتأثيرات تغيّر المناخ، بعض الشيء، لأن مواقعها تعني أن هذه الأمم تستشعر وطأة تغيّر المناخ، وبعضه لأن انخفاض مدخولاتها وضعف قدراتها المؤسسية يحدّان من قدرتها على التكيف مع التغيّر في إمدادات المياه، وبعض آخر لأنها تعول بشدة على الصناعات القائمة على المياه، مثل الزراعة، وفي إفريقيا، تضافر ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة التبخّر، وانخفاض معدلات سقوط الأمطار لتقليل تدفق المياه بنسبة تصل إلى 40% في العديد من الأنهار الرئيسية، كما تسببت في وقوع حالات جفاف متكرّرة بمنطقة القرن الأفريقي.

المغرب العربي.. لا بديل عن إنشاء السدود

أشار تقرير إلى أن 17 بلدا إفريقيا سيعاني من انخفاض حادّ في المياه، وذكر التقرير أن بلدان المغرب العربي وشمال إفريقيا، إضافة إلى مصر وإثيوبيا وإفريقيا الجنوبية، ستكون من بين هذه الدول المرشحة لأن تشهد أزمة في المعطيات المائية، بسبب التغيّرات المناخية وانخفاض المتوسط العام لموارد المياه، وتزداد تأثيرات هذه الندرة في المخزون المائي للبلدان المذكورة مع تزايد عدد السكان وارتفاع الحاجيات من الموارد الثابتة.

وللخروج من هذه الأزمة، تطرح هذه البلدان، بدائل تمكنها من تجاوز خطر نقص المياه في السنوات القادمة، وذلك ببناء المزيد من السدود لخزن المياه واستعمال الطاقة النووية لتحلية مياه البحر، إلا أن مثل هذه البدائل تتطلب تمويلات كبيرة وتوفير الإمكانيات الضرورية لذلك، ورغم ذلك تبقى هذه البدائل الخيار الوحيد والممكن أمام هذه الدول لتجاوز الفجوة الغذائية وهشاشة التنمية الاقتصادية.

هل تخرج الجزائر من عنق الزجاجة؟

يشير مسؤولون إلى أن الجزائر تخطّت مشكل ندرة المياه، وأنها بصدد تحقيق الأمن المائي، برفع عدد السدود، وبرأي متابعين لموضوع الأمن المائي في الوطن، فإن الجزائر تحوز على 250 موقعا صالحًا لبناء السدود، بُني منها 50 موقعا، بطاقة تخزين إجمالي تفوق 10ملايير م3، فيما سيبلغ عدد السدود المستغلة بحلول سنة 2030، 139سدا، بقدرة تخزين تصل إلى 12 مليار متر مكعب.
وكان وزير الموارد المائية، حسين نسيب، قد صرّح، خلال فترة سابقة، بوجود 12 سدا في طور الإنجاز على المستوى الوطني، 8 منها، من الحجم الكبير، يتم استلامها خلال السنة الجارية، على غرار سدود ولجة ملال بتبسة وسوبلة بمسيلة وتغاريست بخنشلة والتحت بمعسكر وكاف دير بتيبازة وبني سليمان بالمدية.
ويبلغ حجم تخزين السدود الإجمالي حاليا، غالبا 4.908 مليار، لكن متوسط حجم المخزون المتوفّر في سنوات الجفاف، نزل إلى 1.75 مليار م3، أي ما يعادل 40% من طاقة التعبئة الإجمالية، ويرجع السبب في ضعف التخزين إلى الجفاف، إلى جانب مشكلة التوحّل.
وتعتبر الحكومة أن للماء جانبا اقتصاديا، غير أنها تعتبر أن الجانب الاجتماعي يغلب على الجانب الاقتصادي، وهذا ما دفعها إلى عدم تطبيق السعر الحقيقي للماء، حيث هناك نظام بالنسبة لتوزيع المياه، ونظام بالنسبة للتسعيرة، أما بالنسبة للمواطن، فهو يدفع سعرًا شبه رمزيّ، يتراوح في حجم الثلث الحقيقيّ لسعر المتر المكعب، فهناك تموين من طرف ميزانية الدولة، وتبقى مشكلة التبذير مطروحة، نظرا للسعر المنخفض، وهو ما دفع إلى حملات توعية بأهمية الماء وضرورة ترشيد استعماله.

الطاهر مرابعي

ضع اعلانك هنا