بقلم / خالد سلمان..
لايبدو أن هناك تناسقاً وتقارباً في إيقاع المتغيرات الإقليمية الدولية تجاه الملف اليمني ، وبين حركة القوى المحلية المناهضة للحوثي، وتحديد موقعها في قلب التغيير القادم لا على حوافه وفي الهامش.
هناك إضعاف للحوثي يرتقي إلى مستوى القرار الدولي، بإخراجه من مسرح التأثير كجزء من مواجهة إقليمية مع إيران ، وهناك بالمقابل محلياً حالة من عدم الشعور بالمسؤولية الوطنية ، والإسترخاء خارج الإنخراط في قلب المتحول ، وإعداد الذات لقيادة قاطرة المواجهة على الأرض ، بإستثمار تفكيك أوصال القوة الحوثية المتخذ من أعلى المستويات الدولية.
هذا الإرتباك في الموقف الوطني المتباعد وفي سياقات المشاريع المتنافرة حد التوهان خارج اولويات اللحظة الفاصلة يعطل الإنفتاح الدولي على الشرعية وأطرافها ، ويوسع نطاق الشكوك وعدم رضا الفاعلين عن جاهزيتها السياسية العسكرية، في التصدي للمشروع الحوثي ضمن الدائرة الأكبر : قرار تصفية المليشيات الطائفية في المنطقة، وصولاً إلى حصار الحاضنة الأم إيران.
في الحقيقة مساران لايمضيان بذات السرعة والتناغم فالخارج الذي يشتغل على إطاحة الحوثي من مسرح الأحداث ، والداخل المستغرق بصراعاته وخلافاته، واشتغال كل طرف على حده بمشروعه السياسي الخاص وبحواضنه.
ما نحن بحاجة إليه توفيق المواقف أولاً قبل توحيد البندقية ، طرح خطة عمل تجيب عن سؤال مالذي نريده الآن ، وما الذي نتوافق عليه مسبقاً بشأن ضمان حقوق جميع الأطراف ، بما في ذلك شكل الدولة القادمة وموقع القضية الجنوبية فيها.
ما نحن بحاجة إليه على وجه الإستعجال ، إعادة صياغة مصفوفة تفصل بين الثانوي والرئيس، أو تعيد تكييف المشاريع في سياق واحدية الهدف : الخلاص من الحوثي والإستثمار في قرار تغيير قواعد المنازلة الدولية ، وخروج المعادل الوطني من صدفة وشرنقة الإنعزال والتنمل ، والنأي بالنفس ،وكأن هذا اليمن لا يعنيه، إلى الطرف المعني وصاحب المصلحة العليا في تقرير مصير البلد .
من غير فرض آهلية الشرعية والمكونات ، وتقديم نفسها للخارج كجسم موحد سياسياً، وعسكرياً يهيئة أركان تدير الحرب ،وغرف عمليات مشتركة، بما يصوب وجهة الجهد العسكري ويوحد البندقية ، مالم ننهض بتلك الأولوية فإن العالم المتداخل بملف اليمن، سيخلص إلى إستنتاج خطير: لاتوجد قوى بديلة عن الحوثي لإمساك زمام البلد ، وأن المنطقة ليست بحاجة لدولة فاشلة مفتوحة على حرب أهلية داخل الحرب، وتجزئة للمجزأ، بما في ذلك من تعظيم المخاطر على الجوار والمصالح الدولية.
على الرقعة هناك شيئان ملحان يجب حسمهما:
التوافق وتضيق هوة الإفتراق بين المشاريع السياسية ، بالتفاهم على آلية وشكل إدارة الخلافات ورسم إطار الحل لها بضمانات مافوق وطنية ، والقضية الأهم تحديد هوية العدو الأول الحوثي ومشروع إيران في المنطقة.
وحتى لا تنتقل المواجهة الدولية مع الحوثي من خانة الإقصاء كخطر مميت ، إلى قوة أمر واقع ، يجري في ظل الفراغ العمل على إحتوائه كجماعة سياسية ، على الشرعية والأطراف الوازنة عسكرياً وسياسياً أن تقدم نفسها كحاملة للمشروع البديل..