ضع اعلانك هنا

الفساد الفاحش في ظل “الشرعية” اليمنية: معمر الإرياني نموذجاً..

فتحي أبو النصر ..
رئيس تحرير موقع انزياحات…

في زمن مليء بالدماء والتضحيات، حيث يعيش الشعب اليمني في معاناة لا تنتهي تحت وطأة الحرب والفقر، يأتي نموذج معمر الإرياني ليجسد ما وصل إليه حال البلاد من فساد باذخ ومؤسسات مشلولة. الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في حكومة “الشرعية” اليمنية..

يعد واحدا من الشخصيات التي أثارت الكثير من الجدل والغضب حول سلوكه وأدائه في الوزارات التي يتولاها، في وقت يعاني فيه اليمنيون من أوضاع معيشية مدمرة ونقص حاد في الخدمات الأساسية…

الإرياني، الذي يتقلد ثلاث وزارات حيوية، يبدو وكأنه يعيش في عالم آخر بعيد عن الواقع اليمني المعاش. فبينما يتلقى أكثر من عشرين ألف دولار شهرياً كرواتب عن كل منصب، إضافة إلى بدلات ومخصصات تتجاوز عشرة آلاف دولار أخرى،.

يتساءل المواطن اليمني: ماذا قدم هذا الوزير لبلده؟ لا مشاريع بنية تحتية، لا دعم حقيقي للثقافة، لا اهتمام بالإعلام، ولا حتى جهود ملموسة لتطوير السياحة، التي يفترض أن تكون من أولويات” وزارته”!..

و في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من انعدام الخدمات، يزداد أصحاب المناصب الفاخرة رفاهية على حساب المال العام، الذي من المفترض أن يكون مخصصا لخدمة الناس، لا لتمويل فئة قليلة تستغل المناصب لتحقيق مكاسب شخصية..

إذا كان من الطبيعي أن يكون لكل وزير رؤية وخطط للنهوض بوزارته، فإن معمر الإرياني لا يعدو كونه صورة فارغة من أي إنجاز. وزير الإعلام لا يملك سياسة إعلامية واضحة تدعم الإعلام الوطني وتحسن من صورته على المستوى المحلي والدولي، وزير الثقافة لا يوجد تحت إدارته أي نشاط ثقافي حقيقي، من مسارح أو معارض أو مهرجانات ثقافية. أما في وزارة السياحة، فحدث ولا حرج، حيث لا مشاريع سياحية ذات قيمة أو بنية تحتية يمكن أن تجذب السياح إلى بلد يعاني من أزمة حرب مستمرة…

مما لا شك فيه أن فساد الإرياني لم يعد مجرد إهمال أو تقاعس، بل أصبح فسادا منهجيا ومؤسساتيا. الأموال التي يستلمها تذهب إلى جيوب المطبلين، فيما يظل الشعب اليمني يعاني من فقر مدقع وتدهور في جميع المجالات. ماذا يعني أن يتلقى وزير ثقافة وسياحة أموالا طائلة وهو لا يساهم في تطوير السياحة أو الثقافة في البلد؟ بل ويعيش في رفاهية، فيما يواجه المواطنون نقصا حادا في احتياجاتهم الأساسية؟ هذا هو الفساد بعينه، فساد ليس فقط في المال، ولكن في الأخلاق والضمير الوطني…

على ان حكومة “الشرعية” اليمنية برمتها ليست بعيدة عن هذه الصورة المشوهة. ففي الوقت الذي يتم فيه تمويل جيوب المسؤولين، لا تجد أي دعم حقيقي للمؤسسات الوطنية. نرى أن امناء الأحزاب السياسية، بما في ذلك وزراء مثل معمر الإرياني، لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية والمالية، متجاهلين الواجب الوطني والمسؤولية التي تقتضي أن يخدموا الشعب، لا أن يستنزفوا موارده.
فالعديد من المناطق في اليمن..،

مثل تعز على سبيل المثال، في حاجة ماسة إلى إعادة بناء وتفعيل الصحف والمرافق الإعلامية والثقافية التي يمكن أن تساهم في تعزيز الهوية الوطنية. نحتاج الى اعادة اصدار صحيفة الجمهورية ،لكن الإرياني، الذي من المفترض أن يقود هذا الجهد، لا يقدم أي حلول حقيقية، بل يبقى في منصبه بلا أي تغيير يذكر، بينما يبقى الإعلام اليمني غارقا في الفوضى..

والحال إن ما يحدث هو نتيجة لغياب الإرادة السياسية وغياب الرقابة الحقيقية على المسؤولين. ففي ظل حكومة تسيطر عليها المصالح الخاصة، ويغيب عنها أي نوع من الالتزام بالمعايير الوطنية، يصبح المواطن اليمني مجرد رقم في معادلة الفساد. وما من شك أن هذه الفوضى وانهيار المؤسسات الوطنية هي نتيجة مباشرة للتدخلات الدولية التي فشلت في وضع حلول حقيقية تنقذ البلد من أزماته المستمرة..

فالإرياني هو مجرد واحد من العديد من الشخصيات التي أصبحت تؤكد هذه الدوامة المدمرة. هؤلاء الأشخاص، الذين لا يلتفتون إلى معاناة الشعب، يستمرون في نهب مقدرات الدولة وسلب أموالها لصالح أسرهم وأتباعهم. وفي الوقت نفسه، تُغلق الأبواب أمام المثقفين والعقول المتنورة، ويتم تهميشهم لصالحهم كشخصيات تعيش في الرفاهية بعيدة عن واقع الشعب..

والثابت إن ما يعانيه اليمن اليوم من فساد وفشل على كافة الأصعدة هو نتيجة مباشرة للسياسات الشليية التي تبنتها “الشرعية” وحكومتها. وهكذا وزراء مثل معمر الإرياني لا يقدمون شيئا سوى السخرية من الواقع المأساوي الذي يعيشه اليمنيون…

إنهم لا يبالون إلا بمصالحهم الشخصية، بعيدا عن المسؤولية الوطنية. فما يعانيه اليمن اليوم هو ليس فقط نتيجة لغياب دولة قوية، ولكن أيضا نتيجة لغياب المسؤولين الذين يتحلون بالضمير الحي والإنتماء الوطني…

والخلاصة إن رموز اليمن، مثل الرئيسين عبدالرحمن وعبدالكريم الإرياني والشاعر مطهر، كانوا علامات فارقة في تاريخ اليمن، كانوا يعملون بجد لخدمة وطنهم، بعكس معمر الارياني الذي لا يعرف سوى الاستفادة من أموال الشعب وموارده. كان هؤلاء يضعون مصلحة الوطن فوق كل شيء، وكانوا حريصين على تطوير المجتمع اليمني ثقافيا وسياسيا…

أما اليوم، فقد أصبح الفساد عنوانا بارزا على كل زاوية في المؤسسات الحكومية. لا أمل في إصلاح البلد في ظل هذا الوضع، إلا إذا تغيرت عقليات المسؤولين وأصبحت هناك إرادة حقيقية للنهوض بالوطن…

وبجد،بجد، بجد :كفانا! كفانا معمر الإرياني وغيره من الفاسدين الذين نهبوا الوطن وأجهزوا على آمال الشعب. يكفي أن يعيش هؤلاء في رفاهية بينما الشعب يعاني من الفقر والدمار. ثلاث وزارات لا تحمل أي أثر إيجابي، ورواتب ومخصصات بلا وجه حق، بينما مشاريع الإعلام والثقافة والسياحة في خبر كان…

ما الذي قدمه هذا الوزير غير إضاعة الوقت وامتصاص المال العام؟ أهذه هي “الشرعية” التي يجب أن ندافع عنها؟ كفانا ضياعا وسرقة لحقوقنا. لا مكان للمفسدين في وطن عزيز، والشعب اليمني يستحق أكثر من ذلك بكثير…

ضع اعلانك هنا