كتبت / زينب عبدالله ..
مع كل مناسبة وطنية، يطلّ بعضهم ليجعلها فرصة للهجوم على الحزب الاشتراكي اليمني، وكأنهم لا يدركون أنهم بذلك يمنحونه شهادة غير مباشرة على دوره المحوري في صناعة التحولات الوطنية. فلو لم يكن الحزب فاعلًا في التاريخ اليمني، لما استدعوه في كل محفل للنيل منه وتحميله مسؤولية الأوضاع الراهنة.
يرى كثير من الجنوبيين اليوم أن الحزب الاشتراكي هو المسؤول عن الوحدة مع الشمال، لكنهم ينسون – أو يتناسون – أنه الحزب ذاته الذي وحّد الجنوب أولًا. قبل الاشتراكي، كان الجنوب ممزقًا بين سلطنات ومشيخات وإمارات صغيرة، وكان بعض مناطقه أقرب إلى كانتونات مغلقة. الحزب هو من وحّد حضرموت مع المحميات الشرقية، وعدن مع لحج وأبين، وصنع من الجنوب دولة ذات سيادة تخشاها قوى الغرب ويسعى لاستمالتها المعسكر الشرقي.
فإن كانت الوحدة مع الشمال تُحسب كـ”خطيئة” على الحزب الاشتراكي، فلماذا لا يُحسب له أيضًا أنه هو من ألغى التشرذم الجنوبي ووحّد المشيخات والسلطنات؟ أليس ذلك فعلًا وحدويًا بامتياز؟
منذ حرب 1994، كان الحزب الاشتراكي الأكثر تضررًا، لكنه لم يتخلَّ عن القضية الجنوبية ولا عن القضية الوطنية، بل سخّر كوادره وإعلامه وإمكاناته للدفاع عنهما، إيمانًا منه بمسؤوليته التاريخية. وبينما كان بعض الجنوبيين يتراقصون في صفوف المنتصر، كان الحزب يدفع الثمن الأكبر في سبيل استعادة الحقوق والشراكة الوطنية. ورغم ذلك، ظل ثابتًا على مواقفه، لأن الوحدة ليست قضية شمالية أو جنوبية، بل قضية وطنية تحمي البلد من التشظي والاحتراب الأهلي.
لقد كان الحزب الاشتراكي حاضرًا في كل المشاريع الوطنية الكبرى: من الاستقلال، إلى توحيد السلطنات، إلى تحقيق الوحدة اليمنية. وعندما تآمرت عليه قوى العصبيات المناطقية والمذهبية شمالًا وجنوبًا للإطاحة به في 1994، لم يكن الحزب هو الخاسر الأكبر، بل اليمن بأكمله. كانت تلك الحرب الطعنة القاتلة في جسد المشروع الوطني، وأعادت إلى الواجهة أمراض الماضي: عودة دعاة الإمامة في الشمال، وأمراء السلطنات والمشيخات في الجنوب، وتفاقم النزعات الجهوية، واحتكار السلطة والثروة من قبل قوى لم تؤمن يومًا بالدولة الوطنية.
واليوم، تعيش صنعاء وعدن وحضرموت وكل اليمن ظروفًا تعيدنا إلى ما قبل الاستقلال: إمامة في الشمال، وسلطنات ومشيخات في الجنوب، وميليشيات تتنازع الحكم، بينما تنهار مؤسسات الدولة من تعليم وصحة وكهرباء، ويغرق الاقتصاد في الفوضى.
في هذه اللحظة القاتمة، نستذكر الجبهة القومية والحزب الاشتراكي اليمني ومنجزات دولة الاستقلال، حين كان التعليم مجانيًا، والصحة متاحة للجميع، والعدالة الاجتماعية والوزير والغفير يدرّس أبناؤهم في ذات المدرسة، ويُعالجون في نفس المستشفى، ويسافر المتفوقون للدراسة بناءً على قدراتهم، لا على ألقابهم أو مناطقهم.
ختاما الوحدة ليست شمالية ولا جنوبية ولا تحمي الشمال ولا تحمي الجنوب لكنها تحمي البلد ككل من التشظي والاحتراب الأهلي على اسسس جهوية تهدد بتفجير البلد وتشظيه الأعوام طويلة وهذا ما يتنبه له الحزب الاشتراكي اليمني ويحذر منه ومصدر تمسكه بمعالجة القضية الجنوبية كقضية سياسية محورية، واقتراحه دولة اتحادية من إقليمين كجزء من مشروعه الوطني ، سعياً نحو بناء يمن اتحادي ينعم فيه كل مواطن ومواطنة بالحق في السلطة والثروة والاستقرار .