ضع اعلانك هنا

آثار ازدواجية السياسات على الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن

آثار ازدواجية السياسات على الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن:

أ.د.محمد علي قحطان (القحطاني)
12 فبراير. 2025
———————–
مع انقسام الجغرافيا السياسية لليمن بين شكلين للسلطة: احدهما وليدة إنقلاب سبتمبر 2014 وما تلاه من الأحداث بعد استيلاء قادة الانقلاب على العاصمة صنعاء واعتبارها مركزاً لهم ، تسيطر على نسبة من ديمجرافيا اليمن . إذ تقدر ما تسيطر عليها من الجغرافيا السكانية نسبة 21 % من إجمالي مساحة اليمن ونسبة 65% من إجمالي السكان، حسب آخر إحصائيات قمنا بتحليلها.
والأخرى السلطة التي احتفظت بشرعيتها بدعم من التحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة السعودية والامارات واتخذت من عدن عاصمة مؤقتة لها وتسيطر على نسبة حوالي 79% من إجمالي مساحة اليمن ونسبة 35% من إجمالي السكان.
هذا الانقسام أخذ يتوسع باشكال مختلفه شملت مختلف مؤسسات الدولة السياسية والتنفيذية والتشريعية والاستشارية والقضائية وبرزت مساوء هذا الانقسام بصورة حادة على الوضع الاقتصادي والإنساني وادت إلى أن تصبح اليمن حسب التصنيفات الدولية منهارة وتعتبر الاسوء في الوضع الاقتصادي والإنساني على مستوى العالم .حيث تصاعدت نسب البطالة والفقر بصورة حادة للغاية.اذ تقدر ما وصلت اليه نسبة البطالة بمعدل 80% ونسبة الفقر 90% واشتدت الحاجة للمساعدات الإنسانية والوضع الإنساني ينحدر نحو حالة المجاعة. فنسبة عالية من السكان يعيشون على المساعدات الإنسانية وما يجمع من المال بوسائل الشحت على شوارع المدن والطرقات وابواب دور العبادة والمطاعم وصولاً للبحث عن بقايا الطعام في براميل القمامة وتشغيل الاطفال واستغلالهم وغيرها من الانحرافات الاجتماعية كالنهب والسرقات ….وغيرها .

وبرأينا أن اهم قضايا الإنقسام في السياسات والمؤثرة بحدة على الجانب الاقتصادي والإنساني عدد من القضايا منها : انقسام العملة الوطنية , ازدواجية الرسوم الجمركية وازدواجية وثائق الهوية الشخصية…..وغيرها . ويمكننا بهذه المقالة ايضاح مدى تاثير انقسام العملة الوطنية والطريقة المناسبة لمواجهتها ، على النحو الآتي:

انقسام العملة الوطنية لطبعتين (( قديمة وجديدة)) يؤدي للكثير من المشاكل والمعوقات الاقتصادية والإنسانية. إذ أن الأسرة اليمنية والانشطة الاقتصادية موزعة في مناطق نفوذ سلطتين ، كل منها يعمل بسياسات مختلفة ، فانقسام العملة الوطنية وتباين السياسة النقدية وسعر الصرف يزيد من التدهور الاقتصادي ويصعب معه مواجهة التدهور والأنهار الاقتصادي والإنساني. ومن الآثار السلبية المؤثرة ، يمكن ملاحظتها وتفسيرها على النحو الآتي:
اولا: يعمل في صنعاء والمناطق التابعة لها بسياسة تثبيت سعر الصرف عند مستوى 530 ريال يمني تقريباً بالطبعة القديمة مقابل الدولار الواحد وحوالي 140 ريال يمني تقريباً مقابل الريال السعودي. بينما يعمل في عدن والمناطق التابعة لها بسياسة تعويم سعر الصرف ، في ظل إنهيار الجهازين المالي والمصرفي وغياب مؤسسات الدولة ، الأمر الذي يؤدي لانفلات سعر الصرف وشدة المضاربة وتذبذب وارتفاع شديدين ، افقد الريال اليمني بطبعته الجديدة كامل قيمته تقريباً بالمقارنة مع قيمته الشرائية في عام 2014 ، قبل الحرب القائمة وبالتالي تأكل قيمة الدخل وأصبح موظفي الدولة في مختلف القطاعات عاجزين عن مواجهة متطلبات الحياه اليومية والخروج للشارع بمظاهرات عارمة تندد بانهيار سعر الصرف وتصاعد أسعار السلع والخدمات وانهيار الوضع الاقتصادي والإنساني ،مع غياب لأي أثر عملي للمواجهة من قبل الحكومة ومؤسسات الدولة المركزية والمحلية.
ثانياً: عند تحويل اي مبلغ نقدي من مناطق الشرعية إلى المناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين فإن الحوالة تفقد من قيمتها نسبة تتجاوز 77% .فمثلا تحويل 100 ألف ريال بالطبعة الجديدة من عدن إلى صنعاء أو من مدينة تعز لمنطقة الحوبان الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تحول بمبلغ يقل عن 23 ألف ريال بالطبعة القديمة. الأمر الذي أدى إلى انحدار أفراد الأسرة لمستويات ما تحت الفقر وخلق ظروف استثمارية طاردة وبالتالي ارتفعت معدلات التضخم والركود الاقتصادي والهجرة للقوى العاملة اليمنية ورجال المال والأعمال وبالتالى استيطان رأس المال اليمني في دول اخرى عديدة ، كالسعودية ومصر وتركيا وماليزيا وإثيوبيا وجيبوتي ……وغيرها
والاكثر من ذلك اندفاع الشباب اليمني للهجرة غير الرسمية تحت ظروف خطرة للغاية والتوجه للانظمام للتكتلات العسكرية المأجورة من قبل دول الاقليم وكذا ارتفاع معدلات الانحرافات الاجتماعية كالنهب والسرقات والفساد داخل اجهزة الدولة بصورة فاحشة يصعب مواجهتها مع استمرار التدهور الاقتصادي والإنساني.

وبناءا على ذلك نوصى لمواجهة التدهور في سعر الصرف ، العمل بالآتي:
فتح نوافذ صرافة للعملات الاجنبيه في البنوك الحكومية الثلاثة (( البنك المركزي ، البنك الاهلي وكاك بنك)) . ويمكن تغذية هذه النوافذ من المنح السعودية وعوائد المغتربين اليمنيين والمساعدات الدولية وما يمكن توفيرة من عوائد للدولة من مصادرها المختلفة والقروض الميسرة ما امكن ، بحيث يتم مواجهة انفلات السوق النقدية و السيطرة عليه من خلال اتباع ما يلي:
1) إعلان سقف أعلى لسعر صرف الدولار الأمريكي والريال السعودي ، عند مستوى:
2000 ريال يمني للدولار الواحد و 500 ريال يمني مقابل الريال السعودي.
2) عمل خطة لتعافي قيمة الريال اليمني بطبعته الجديدة تتضمن تخفيض نسبة 20% شهريا من سعر الصرف للريال السعودي والدولار الأمريكي. بحيث تواجهة طلبات السوق النقدية عبر نوافذ للصرافة في البنوك الحكومية الثلاثة المذكورة سابقا ، حتى يستعيد الريال اليمني عافيتة.
3) إعتبار تنفيذ هذه السياسة مهمة تتظافر كافة أجهزة الدولة الاقتصادية في مقدمتها البنك المركزي وكذا الأجهزة الأمنية وبالأخص الامن القومي والأجهزة العدلية ، بحيث تواجه أية مخالفات أو تهريب أو مضاربة بصرامة. وبهذا الخصوص يمكن تفعيل دائرة الأمن الاقتصادي في جهاز الأمن القومي ليتولى قيادة المواجهة.

وباعتقادنا أن العمل بهذه السياسة سيؤدي إلى مواجهة انقسام العملة الوطنية وتراجع إنهيار سعر الصرف للريال اليمني وتعافيه ، بحيث يستعيد أصحاب الدخول المحدودة ومنهم موظفي الدولة القيمة الشرائية لدخلهم ، الأمر الذي يعفي الحكومة من الاستجابة لضغط الشارع والعمل بسياسات تضخمية خاطئة تعمق ظواهر الإنقسام والتضخم والركود الاقتصادي وبنفس الوقت تحقيق تحسن سريع للوضع الاقتصادي والإنساني .

ضع اعلانك هنا