منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على الدولة والجمهورية، يعيش اليمن سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي وصفها مراقبون بأنها الأسوأ في تاريخه الحديث، إذ لم يسلم أي قطاع من تبعات الانقلاب وما تبعه من حرب مدمرة أحرقت الأخضر واليابس.
شهود عيان وتقارير محلية ودولية أكدت أن المدن التي كانت تضج بالحياة تحولت إلى أنقاض، وأن المراكز التعليمية أُغلقت أو حُولت إلى ثكنات عسكرية، فيما أُجبر الأطفال على ترك مقاعد الدراسة ليصبحوا وقودًا للحرب. كما شُرد المعلمون، وأُفرغت المناهج من محتواها الوطني، وحُشرت فيها أفكار طائفية.
وفي القطاع الصحي، كان نصيبه من التدمير واسعًا، حيث استُهدفت المستشفيات بالقصف، وتحولت بعضها إلى مخازن سلاح أو مقرات للجبايات، بينما حُرم الجرحى والمرضى من أبسط حقوقهم في العلاج. تقارير أممية تحدثت عن موت مئات اليمنيين يوميًا نتيجة غياب الأدوية وانهيار المنظومة الطبية.
على الصعيد المعيشي، يرى خبراء أن المجاعة الحالية ليست أزمة طبيعية بل نتيجة مباشرة لسياسات الحوثي، أبرزها قطع مرتبات الموظفين، وفرض الجبايات، ونهب المساعدات الإغاثية، ما جعل ملايين اليمنيين عاجزين عن الحصول على الخبز والدواء.
أما النزوح القسري، فقد شكّل جانبًا آخر من الكارثة، حيث يعيش ملايين النازحين في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة بعد أن دُمرت منازلهم وزُرعت مزارعهم بالألغام. هذه الألغام الحوثية، المنتشرة في مساحات واسعة، تقتل المزارعين في أراضيهم والأطفال في طرقاتهم والنساء في أسواقهم، ما جعلها “قنابل مؤجلة” تحصد الأرواح يوميًا.
سياسيًا، يؤكد مراقبون أن الحوثيين رهنوا قرار اليمن وسيادته لإيران، وحولوا البلاد إلى ساحة حرب بالوكالة، معرضين أمن المنطقة والعالم لمزيد من المخاطر عبر تهديدهم المتكرر للملاحة الدولية في البحر الأحمر. هذا الوضع عمّق عزلة اليمن وجلب عليه العقوبات الدولية.
وبحسب شهادات السكان والتقارير الإنسانية، فإن اليمن الذي كان يعرف بأرض السعيدة أصبح اليوم أرض الشقاء والموت والجوع المستمر، حيث لم يسلم بيت من فقدان شهيد أو جريح أو نازح، ولم تسلم أم من ارتداء السواد، ولم يسلم طفل من النوم جائعًا.
ويرى مراقبون محليون ودوليون أن اليمن لن يعرف طريق الاستقرار أو يستعيد مكانته إلا برحيل الحوثيين عن المشهد، باعتبارهم السبب الرئيس وراء كل انهيار اقتصادي وخدمي واجتماعي وأمني.
وفي وقت يواصل فيه الوضع الإنساني التدهور، يؤكد اليمنيون أن كل ما حل بهم من خراب ومجاعة ودمار سببه الحوثي، بينما ينتظر الشعب أن يلتقط المجتمع الدولي زمام المبادرة لإنقاذ البلاد من كارثتها المستمرة….