في صحيفة الغارديان البريطانية، كتب سيمون تيسدال مقالا بعنوان “بوتين يشن حربا أبدية، والغرب لا يستطيع أن يوقف أوكرانيا الآن”.
ويرى الكاتب أن العديد من الساسة الغربيين البارزين لم يفهموا بعد حقيقة الحرب الروسية على أوكرانيا، وغير قادرين أو غير راغبين في فهم التهديد الوجودي الذي تفرضه روسيا فلاديمير بوتين على الجميع.
وبينما يستمر القادة الغربيون في افتراض أن هذه الحرب، مثل الصراعات الأخرى، ستنتهي في نهاية المطاف بالمفاوضات، فإن الكرملين لا يطالب بأقل من استسلام كييف الكامل ـ وهذا لن يحدث، وفق الكاتب.
ويشير تيسدال إلى العديد من الأمور التي تدفع باتجاه الحديث عن محادثات سلام، مثل استعصاء تحقيق القوات الأوكرانية تقدما في هجومها المضاد، والاتساع الجغرافي للحرب والخوف من المواجهة النووية، وارتفاع معدلات الجوع في البلدان الفقيرة المتعطشة للحبوب، و”الإجهاد الحربي” العام.
واستعرض الكاتب تصريحات للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي “ردد خلالها مطالب روسيا”.
وكتب تيسدال: ” نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق الذي ينبغي أن يعرف أفضل، هو آخر من ينضم إلى صفوف الساسة الفرنسيين والألمان والإيطاليين من اليمين المتشدد واليسار المتشدد، الذين يريدون تقبيل بوتين والتصالح معه”.
وتوقع الكاتب أن تتزايد الضغوط في الولايات المتحدة لقطع المساعدات عن أوكرانيا وفرض تسوية سلمية، بغض النظر عن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. أما إذا فاز دونالد ترامب، أحد مشجعي بوتين، فقد يحاول فرض صفقة سريعة وإيقاف كييف عن الحرب.
وأشار تيسدال إلى موقف مغاير، جاء في تصريحات جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بعد محادثات ضمت 40 دولة عقدت مؤخرا في المملكة العربية السعودية، انتقد فيها بشدة الحكومات لفشلها في تسليح كييف في وقت مبكر وبشكل أفضل.
وكتب بوريل: “لكن كل هذا التذبذب يفترض مسبقا أن بوتين على استعداد للتحدث، وهو الافتراض المشكوك فيه إلى حد كبير. ومع عودة فصل الشتاء، وسط حالة من الجمود في ساحة المعركة، ومع اقتراب الانتخابات المتأرجحة في أوروبا والولايات المتحدة، فربما يعتقد (بوتين) أن الوقت في صالحه”.
وأشار الكاتب إلى أن الرأي العالم الروسي ربما يكون في تحول، ليس لصالح الحرب بقدر ما هو ضد فكرة الهزيمة، وأن استطلاعات الرأي الأخيرة كشفت عن أن هجمات الطائرات بدون طيار الأوكرانية ربما تحشد الروس خلف الكرملين.
واستشهد الكاتب بآراء محللين سياسيين رأوا أن “الكرملين أوضح مرارا وتكرارا أن استسلام أوكرانيا الكامل هو وحده المقبول، كأساس لاتفاق سلام”.
ويرى تيسدال أنه بالنسبة لبوتين، فإن مواصلة الصراع المستمر ضد الغرب هو السياق والهدف الأوسع للحرب. وهناك عوامل أخرى تجعل عملية السلام ذات المعنى غير قابلة للتصديق، وأي هدنة تجمد الوضع الراهن من شأنها أن تكافئ العدوان الروسي ــ وأغلب الأوكرانيين يفضلون الهلاك دون ذلك.
واختتم الكاتب بالقول: “وحتى لو تم الاتفاق على هدنة في أوكرانيا بطريقة أو بأخرى، فمن المرجح أن يتعامل معها بوتين باعتبارها وقفة تكتيكية تسبق هجومه المقبل. ويتعين على زعماء الغرب وخاصة بايدن، إيمانويل ماكرون، شولتز، ريشي سوناك، أن يدركوا هذه الحقيقة ــ وأن يبدأوا أخيرا القتال من أجل النصر”.