نظمت منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة الضالع صباح اليوم الخميس 15 نوفمبر ندوة سياسية بمناسبة الذكرى ال 55 لثورة 14 أكتوبر والذكرى ال 51 للاستقلال الوطني المجيد والذكرى ال 40 لتاسيس الحزب الاشتراكي اليمني بعنوان : الحزب الاشتراكي اليمن فكر راسخ في العقول وفعل حافل بالمنجزات
وفي الندوة قدم الاستاذ احمد حرمل رئيس الدائرة السياسية في سكرتارية الهيئة القيادية للحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب ورقة بعنوان : الحزب الاشتراكي بين وعي الدولة وفكر الثورة تطرق فيها الى الارهاصات التي سبقت ثورة 14 أكتوبر والعوامل التي ساعدت على صياغة وعي جيل الثورة
واشار الى ان المقاومة المسلحة للاستعمار البريطاني اخذت ثلاث اشكال هي :
1- المقاومة الفردية
2- الانتفاضات الشعبية
3- الكفاح المسلح المنظم
الشكل الاول والثاني لم يكتب لهما النجاح لان دوفعهما كانت شخصية ومناطقية ناهيك عن غياب فكر الثورة عند الذين قاموا بها الى ان جاء تشكيل الجبهة القومية في مايو 63 والتي قادة مع قوى وطنية اخرى ثورة 14 أكتوبر التي انطلقت شرارتها الاولى من على قمم جبال ردفان الشماء
قادة الجبهة القومية التي كانت حركة القومين العرب هي عمود الخيمة في تشكيلها هذه الحركة التي تشكلت عام 59 حبث كانت تؤمن بالفكر القومي العربي ، والقومية العربية أو العروبة في مفهومها المعاصر هي الإيمان بأن الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج ، وان اول خطوة يجب القيام فيها هي التحرر من الاستعمار
فجاء تشكيل الجبهة القومية من الفصائل التالية :
1ـ حركة القوميين العرب
2- نظيم الضباط الاحرار
3- جمعية الاصلاح اليافعية
4ـ تشكيل القبائل
5 ـ الجبهة الناصرية
6- الطلائع الثورية
7- منظمة جنوب اليمن الثورية
تجسيدا” لأيمانهم بالفكر القومي الذي انتجه منبر المسجد والمدرسة والمنابر الفكرية والثقافية والاحزاب والتنظيمات السياسية والحركة العمالية التي تأثرت بمحيطها العربي والمدى الثوري الذي برز مع حركات التحرر العربية والعالمية ، وعلى وجه الخصوص ثورة مصر عبدالناصر واذاعة صوت العرب والثورة الجزائرية .
هذا الفكر التحرري الذي تبلور لدى جيل الخمسينات مثل احد اهم العوامل الموضوعية ولذاتية لانطلاق ثورة 14 أكتوبر في مختلف الجوانب السياسية والعسكرية والاجتماعية والنقابية التي مثلت روافد ومصبات نضالية عملت على رفع وتيرت الاداء الثوري بشقيه العسكري والسياسي .
واضاف حرمل قائلا” : لقد كان اليسار في الجنوب رائدا” في كثير من الانجازات الوطنية الكبرى. فكرياً وتنظيمياً، قد اضطلع بدور ريادي في قيادة الأحداث وتأسيس الحركات السياسية والنقابية، وانجاز التحولات الاجتماعية والسياسية والفكرية، وكان على الدوام في الخطوط الأمامية المدافعة عن قيم الحرية والعدالة والمساواة
وزاد تمكنت الجبهة القومية من قيادة الثورة وتحقيق الاستقلال وانتقلت من الثورة الى الدولة ومن فكر الثورة المنسجم مع محيطه العربي الى وعي الدولة المتفرد وتجربة الدولة الفريدة من نوعها في الوطن العربي
والمح حرمل ان الحديث عن الحزب الاشتراكي اليمني يعني الحديث عن دولة الجنوب وعن التنظيم السياسي الجبهة القومية والتنظيم السياسي الموحد الذي نتج عن توحيد التنظيم السياسي الجبهة القومية و حزب الشعب الديمقراطي الذي كان يرأسه عبدالله باذيب
وحزب الطليعة الشعبية الذي كان يرأسه انيس حسن يحيى ، فالحزب الاشتراكي اليمني هو امتداد فكري ونضالي للجبهة القومية ومعظم فصائل العمل الوطني .
وقال ان الانتقال من الثورة الى الدولة ليس بالأمر الهين والانتقال من عقلية الثورة الى عقلية الدولة بحاجة الى مرحلة طويلة كون فكر الثور بحاجة الى ثورة فكر للانتقال من عقلية الثورة الى عقلية الدولة ، وهذا ما قام به التنظيم السياسي الجبهة القومية والتنظيم السياسي الموحد والحزب الاشتراكي اليمني لاحقا” من تغير جذري في مختلف مجالات الحياة من خلال الاهتمام بجودة التعليم الاساسي والثانوي والجامعي وجعله مجاني ليكون متاح للجميع ، وتحديث المناهج والوسائل التعليمية بما يواكب متطلبات المرحلة ، وتم ايلاء الابتعاث الخارجي اهتمام كبير ، وجرى افتتاح عشرات المعاهد الفنية والمهنية المتخصصة ، وعمل على الاهتمام بالأدب والفنوان وتشجيع الابداع والمبدعين ، والاهتمام بالمتاحف والاثار ، والاندية والمراكز الثقافية ، وجرى التركيز على التربية الوطنية واقامت الانشطة والمهرجانات الابداعية والفنية والمسابقات الثقافية والفكرية والتثقيف السياسي .
كل هذا ساعد على الانتقال من فكر الثورة الى وعي الدولة الذي ساد كافة مجالات الحياة ، ولم يقتصر وعي الدولة على تعامل الاجهزة الرسمية في الدولة ولكنه تحول الى ثقافة مجتمعية .
واستطرد قائلا” تجد وعي الدولة في احترام النظام والقانون من قبل الجميع رؤساء ومرؤسين ، وتجده في هيبة القضاء ، وتجده في رجل المرور ورجل الامن والموظف الحكومي على حد سوى . تجده في تذاكر الباص واحترام المفتش وقيام الركاب من مقاعدهم للرجل المسن والمرأة والطفل
تجد وعي الدولة في الحفاظ على الملكية العامة وصيانتها ، وتجده في الانتظام بخط السير واحترام اشارة المرور ، تجد وعي الدولة في الزي المدرسي وفي احتكام الناس للجان الدفاع الشعبية كسلطة شعبية وجدت من بين اوساطتهم ،
تجد ثقافة الدولة في الاهتمام يالرعاية الصحية ومكافحة الاومراض السارية والاوبئة ، وتجد وعي الدولة في مستوى الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات والمرافق الصحية .
تجد الدولة في طلاب الكلية العسكرية وطلاب كلية الشرطة عندما تشاهدهم في عطلتهم الاسبوعية وهم خارجين من الكلية بمظهرهم الجميل وملابسهم النظيفة والانيقة وتناسق زيهم الجميل من البيادة الى صلعة الراس وبهاماتهم المرفوعة وقاماتهم المنتصبة .
تجد الدولة في كل مواطن بحرصه على وطنه وامنه وسيادته ومصالحه ومؤسساته ونمائه واستقراره .
واشار حرمل الى ان انعقاد المؤتمر الاول للحزب الاشتراكي اليمني سبقه توحيد قوى اليسار في الجنوب وشمال كل على حدة ، ومن ثم وجد الحزب على مستوى اليمن بشماله وجنوبه في مارس 79 ومع اختلاف المهمات وبين الحزب في الجنوب الذي كان يقود الدولة وفرعه في الشمال الذي كان يناضل لأسقاط النظام في الشمال ، وبهذا جمع الحزب بين وعي الدولة في الجنوب وفكر الثورة في الشمال وهما مسارين مختلفين عن بعضهما .
جاءت الوحدة اليمنية ووجد الاشتراكي نفسه بجناحيه الجنوبي والشمالي في وضع لا يحسد عليه حيث تم البدء بتنفيذ مخطط التخلص من الشريك منذ الوهلة الاولى وجرى استخدام كافة الاسلحة بدء” من التنصل لاتفاقية الوحدة والاغتيالات الى الفتوى والحملة الاعلامية الظالمة واعادة احيا خصوم الاشتراكي وتسخيرهم ضده ، وحينها وجد جناح الدولة القادم من الجنوب حاملا” معه مشروع الدولة وجد بانه لا وجود للدولة في الشمال على المستوى الرسمي ولا وجود للوعي باهميتها على المستوى الشعبي، وجناح الشمال الذي كان يحمل فكر الثورة وقدم تضحيات جسام لانتصاره وترسخ ذلك الفكر في عقول منتسبيه وفي طهارة سلوكهم وجد بان احلامه ذهبت في مهب الريح وفي وضع جديد يتحكم بمفاتيح القرار فيه تلك القوى التي كان يناضل من اجل اسقاطها ، وان فكر الثورة لم يعد له مكان في الوضع الجديد .
جاءت انتخابات 93 ووفرت فرصة تاريخية لعلي عبدالله صالح وشركائه من القوى الظلامية لتحويل الاشتراكي الى شريك ضعيف في السلطة وتحويل الجنوب من شريك دولة الى شريك سلطة يمكن اخراجها منها بانتخابات صورية مزورة ، وجاءت الازمة لتعجل باخراج الجنوب من شراكة الدولة والاشتراكي من شراكة السلطة بالقوة ، من خلال شنهم الحرب العدوانية الضالع على الجنوب في عام 94 م وتم لهم ما ارادوه .
ومنذ حرب 94 العدوانية الظالم واجه الاشتراكي صنوف متعددة من القمع والتهميش والاقصى ، وقتل وتنكيل وتشريد ، واعتقال وملاحقات وصودرت امواله وتم الاستيلاء على مقراته وتسفيه تاريخه وتشويه قيادته
واختتم ورقته بالقول : نستطيع ان نقول ان تجربة اليسار في الجنوب غنية بانجازاتها في أكثر من محطة مر بها. فقد كان اليسار رائد النضال المسلح الذي نجح في دحر المستعمر البريطاني وإخراجه، وأقام تجربة ثورية تختلف عن التجارب والأنظمة التي عرفتها المنطقة العربية من المغرب العربي حتى المشرق العربي
وواجه اليسار أثناء سعيه لأقامت تجربته الثورية الجديدة الكثير من المؤامرات والدسائس من قبل القوى العربية والاقليمية والعالمية المناهضة لتوجهه ، منذ بداية التجربة وحتى نهايتها. وعلى الرغم من كثرة المحن وشحة الموارد الاقتصادية والمالية وضبابية الرؤية السياسية وانعدام الخبرة الإدارية وقلة الكوادر الحزبية والتكنوقراطية التي يمكن أن تسهم عملياً وعلمياً في بناء التجربة المنشودة وفق واقع البلد واحتياجاته، كان اليسار في الجنوب صادقاً في توجهه مؤمناً بخياراته متجرداً عن مغريات السلطة وهو يمارسها، ومبتعداً عن نهب الثروة وهو يجتهد في تنميتها واستخدامها لصالح الثورة وقواها الأساسية ومنجزاتها الاقتصادية.
كل من يعرف طبيعة التجربة والفترة التي مرت بها طبيعة الأوضاع الوطنية والإقليمية والدولية السائدة آنذاك، وصدق الرجال والنساء الذين كانوا يحلمون بنجاح تلك التجربة، سيعطي لهذه التجربة الكثير من الجوانب الإيجابية أكثر من الهفوات والسلبيات التي لا يمكن إنكار أنها رافقت بعض الجوانب التطبيقية.
وهكذا فقد كان اليسار ، رائد حلم التغييرات الكبرى في الشمال والجنوب، وقدم خيرة شبابه شهداء من أجل تلك المُثُل والمبادئ التي آمن بها وسعى وكافح لإنجازها.