مدينة السواء
مدينة السواء : تقع مدينة السواء جنوب مدينة تعز ، على بعد حوالي ( 30 كيلومتراً ) تقريباً ، وتبعد عن سوق النشمة بحوالي ( 9 كيلومتراً ) على الخط الرئيسي المؤدية من تعز إلى التربة ، وتعتبر السواء اليوم مركزاً لعزلة كبيرة من مديرية المواسط ، وتضم عدداً من القرى والمحلات ، ومن أهم ما يميز هذه المدينة موقعها الجغرافي الهام الذي يتحكم بطريق التجارة الذي كان يربط المدن اليمنية القديمة بشواطئ وموانئ البحر الأحمر ، وقد اتخذها ملوك ” بني الكرندي ” مركزاً في ( القرن الرابع الهجري ) .
وقد ورد ذكرها عند العديد من المؤرخين حيث ذكرت في ” معجم البلدان لياقوت الحموي ” المتوفي عام ( 626 هجرية ) إلاَّ أنه لم يحدد مكانها تحديداً دقيقاً ، كما ورد ذكرها في كتاب ” المفيد لعمارة اليمني ” وأشار إليها – أيضاً – ” بن المجاور ” ، وقد بقي اسم مدينة السواء يتردد في المصادر التاريخية إلى العصر الحديث ، ويسمى موقعها اليوم ” حصن القدم ” الواقع في عزلة السواء ، والتي تبعد عن الحصن بما لا يزيد عن ( كيلومترين ) ، وتدل الشواهد الأثرية والنقشية المكتشفة في اليمن حديثاً أن مدينة السواء وحصنها كانتا موجودتان قبل الإسلام .
ومن هذه الشواهد يذكر النقش القتباني ( ريبورتوا – 4329 ) الذي يعود إلى ( القرن الثاني ق . م ) ، تشييد محفد في مدينة ” هربت ” وهي ” هجر _ جنو الزرير” وشيد هذا المحفد جماعة من مدينة السواء مقيمون في المدينة وأن مدينة السواء كان لها علاقة مباشرة مع تلك المدن القديمة .
كما يذكر النقش ( ja 585 ) من عهد ” إل شرح يحضب ويازل بني ملكي سبأ وذي ريدان ” في حوالي ( منتصف القرن الثالث الميلادي ) مدينة السواء ” هجرن – سوم ” ثلاثة مرات الأسطر ( 5 – 7 – 11 ) ، ويذكر صاحب كتاب ” الطواف حول البحر الإريتري ” أن مدينة السواء في المعافر وأن قيلها يقيم في المدينة ، ويشير إلى أن المسافرين كانوا يتجمعون في المدينة لاختيار الوقت المناسب للسفر بالبحر ، مما أكسب مدينة السواء عائدات كبيرة من الضرائب المفروضة على السلع التجارية في ميناء موزع الذي كان يستقبل البضائع من خارج اليمن وداخلها ، وبالتالي اكتسبت مدينة السواء أهمية كبيرة لذلك ، ونستطيع القول بناءاً على تلك الشواهد أن مدينة السواء كانت منطقة استيطان حضاري تعود جذوره إلى ( ما قبل الميلاد ) وازدهرت في ( القرون الأولى من الميلاد وما بعدها ) .
وفي الآونة الأخيرة عثر على نقش هام يلقي ضوءاً جديداً على بعض الفقرات التي أوردها المؤرخون ويعزز صحتها ، قام بنسخه وتصويره الأستاذ ” عبد الغني علي سعيد ” الذي عكف بدراسة تتعلق بالموقع وبمدينة السواء كمحطة على طريق التجارة إلى البحر الأحمر ، يبلغ طول الحجر ( 80 سم ) ، وارتفاعه ( 22 سم ) ، وسمكه ( 17 سم ) يتألف من خمسة أسطر ، كتب بطريقة الحفر الغائر على الحجر ، وحروفه صغيرة ومتزاحمة ومعناه الإجمالي ” كليب يهأمن عامل شَّمر يهحمد ذي معافر وأجناد الأشاعر والقبائل من الكلاع واعسيفري – عصيفري – وذي حبيل – الحبيل – شيد وأقام معبد الإله ( ذي سماوي ) إله أمير بالبرحة – بقعة رحبة – وسهله ( المسماة ) الصيرات ( الكائنة ) تحت المدينة سواء ( السواء ) فليتعهد الإله ( ذي سماوي ) إله أمير بالسلامة والنجاة والحماية ” لكليب يهأمن ” وقبيلة ” بني ذي معافر ” سادة البيت ( القصر ) شبعان .
ومن أهم المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية في مديرية المواسط هي :-
1- حصن القدم : يقع في مدينة السواء ، يعلو الحصن بقايا آثار مدينة كبيرة تحيط بالحصن من الجهات الشمالية والجنوبية تتمثل في خرائب مبانٍ متزاحمة وأحجار كثيرة ، وقد حفر بعض العابثين في هذه البقعة وعثروا على لقي أثرية وتظهر في الحفائر شقافات فخارية استخرجت من تلك الحفائر ، ولا تزال هناك بقايا أسوار الحصن ، وبعض المباني قائمة ، حفر فيها – أيضاً – العابثون وعثروا على عدد من المدافن ، وكذلك على أوانٍ من الفخار وفي أعلى الحصن آثار لمعبد قديم ، وفي أسفل الحصن من الناحية الجنوبية بقايا آثار لمعبد آخر ، ولا تزال بقايا سور الحصن في جميع الجهات ويقع الباب الرئيسي في الناحية الجنوبية ، وفي الموقع توجد خزانات مياه عديدة مازالت بحالة جيدة منها في الناحية الشمالية وإلى أسفل الحصن خزان كبير يسمى ” بركة الجاهلي” وما يزال معظمه قائماً ، وفي الجهة الجنوبية يشاهد عدد من صهاريج المياه المنقورة في الصخر .
أمَّا المقابر الصخرية فإنها تنتشر في الناحية الغربية للحصن وبعضها لا يزال يحتفظ بشكله الداخلي كاملاً وفي أحدها آثار مدخل جميل ، وله درج وينفذ إلى فناء محاط ببناء أحجار مهندمة .
ويحتفظ متحف تعز بعدد من اللقي الأثرية التي التقطت من موقع مدينة السواء منها رأس أسد من المرمر به زخارف بارزة على الرقبة ومبخرة من الحجر الجيري عليها زخرفة من جانب واحد وإفريز منحوت من الرخام يمثل الوعل ، وقطعة من المرمر نحت عليها زخرفة خاصة بالمعابد وثلاثة قطع كروية عبارة عن ميازيب ، إضافة إلى مائدة قرابين معمولة من حجر أحمر ومجموعة أخرى من اللقي الأثرية عثر عليها في مدينة السواء ، هي حالياً عهدة بقسم الآثار جامعه صنعاء .
كما توجد العديد من المواقع الأثرية والتاريخية المتناثرة في المساحة الجغرافية لعزلة السواء حالياً كانت ترتبط بشكل أو بآخر بالمركز القديم – حصن السواء – ، بالإضافة إلى قيامها على طريق القوافل التجارية التي كانت ممتدة من عاصمة المعافر القديمة ( جَبَأ ) ثم حصن القدم ووصولاً إلى ميناء موزع وهذه المواقع وهي :
– الدقداق : يقع في قرية المشّمر ويضم بقايا أساسات لمنشآت معمارية قديمة وتحيط به الأراضي الزراعية من جميع الجهات .
– الصردف : عبارة عن إطلال أثرية لمستوطنة قديمة تقع في هضبة على الطريق التجاري القديم ويلاحظ بقايا أساسات لمبانٍ قديمة شيدت بأحجار غير مهندمة .
– جبل المرياخة : يقع شرق حصن القدم ، وتوجد فيه أربعة كهوف صخرية فيها مقابر قديمة منحوتة في الصخور بشكل جيد ، يوحي المظهر بأن المقابر أنجزت بإتقان ومهارة فنية رفيعة المستوى .
الصورة: حصن النشمة