كتبت .. وداد الدوح..
دائماً ما يبادر الطرف الذي يظن أنه قوي في الهجوم على الطرف الآخر و لانه يعلم تماماً أن تكلفة الدفاع أكثر بكثير من تكلفة الهجوم فالتدمير لا يحتاج أكثر من ليلة واحدة كافية لتجعلك بلا مأوى تعيش على بقايا وطن بينما الأعمار يمتد لسنوات طويلة حتى تستعيد ملامح الدولة وخلال تلك الرحلة الطويلة من سنوات البناء والأعمار ستحتاج خلالها أيضاً إلى إعادة بناء الأخلاق والقيم التي سيفقدها جيل جديد مهمل دون تعليم حقيقي وهو الجيل المشتت بين(سنوات الاعمار)..
و لكن الملفت حقاً أنه خلال ذلك الصراع أو بعده ينال الطرف المهاجم استحقاق أكبر فإذا انتصر فرض أمر واقع بقوته واذا انهزم حاز على استحقاق ومساحة أكبر في أي تفاوض قادم.
ولنا أمثلة على ذلك فحرب اجتياح دولة الجنوب من قبل نظام صالح عام ٩٤ انتهت بأن فرض الطرف المهاجم المنتصر الوحدة بالقوة تحت شعار(الوحدة أو الموت) دون أن يمتثل حينها للقوانين…
وحرب اجتياج الحوثي للجنوب عام 2015 وبرغم انهزامه إلا انه لازال هو من يحدد أطار عملية التفاوض على المستوى الإقليمي وأمام مايقوم به من تجاوزات وأعمال ارهابية الا إننا نرى أن المجتمع الدولي لازال يتأرجح على استحياء بين إدراج اسمه كجماعة ارهابية وبين التراجع عن ذلك!!..
ولو انتصر الحوثي وقتها وسيطر على الجنوب لتفوق على نظام صالح بأن فرض علينا الموت قبل الوحدة…
وفي الأخير فأن الحقيقة المختصرة هي أن القوة هي من ترسم الخارطة السياسية وهي من تفرض الواقع بمتغيراته الجديدة ثم يأتي القانون بعد ذلك لينظم ويبرر لتلك المتغيرات الجديدة عبر دستور يمثل الأساس القانوني للدولة محملاً ًبنصوص حاسمة وفقرات مرقمه تجبرك على الإلتزام به ويصبح تطبيقه ساري على الجميع فالجميع سواسية أمام القانون لا أمام القوة!!..
وهذا مافعله نظام صالح بعد سيطرته على الجنوب في حرب 94م حيث قام حينها بعد كسب المعركة والسيطرة على الجنوب بتعديل الدستور وإلغاء مجلس الرئاسة وعاد كما بدأ في يوليو 1978 – رئيساً للجمهورية وأعاد عبدالعزيز عبدالغني لتشكيل حكومة جديدة مع شريكه في الحرب حزب الإصلاح.
ببساطة هي تفاهمات متعارف عليها في دهاليز السياسة قائمة على تغليب قانون القوة على قوة القانون…