ضع اعلانك هنا

“تهامة: بين الإقصاء والصمود.. حكاية أرض لا تنحني”..

بقلم الكاتب /✍🏻: عبدالجبار سلمان..

تهامة، تلك الأرض السخية التي تُعانق البحر الأحمر وتزخر بخيرات لا تُعد ولا تُحصى، هي سلة غذاء اليمن ومفتاح استقراره الاقتصادي. منذ القدم، كان لهذه الأرض وأبنائها دور مركزي في تاريخ اليمن، سواء على المستوى السياسي، الاقتصادي، أو العسكري. إلا أن هذه المنطقة الاستراتيجية، التي تُعد من أغنى بقاع اليمن بمواردها، قد عانت طويلاً من ظلم وتهميش وإقصاء متعمد في شتى المجالات…

تقع تهامة في موقع استراتيجي يجعلها حلقة الوصل بين الداخل اليمني والمنافذ البحرية على البحر الأحمر. هذه المنطقة، بسهولها الزراعية الخصبة وثرواتها البحرية الهائلة، كانت ولا تزال العمود الفقري للاقتصاد اليمني. تُعد تهامة سلة غذاء اليمن بما توفره من محاصيل زراعية وموارد طبيعية،.

ولكن هذه الخيرات لم تنعكس يومًا على واقع أهلها. ظل التهاميون محرومين من التنمية العادلة، تُنهب ثرواتهم وتُدار مناطقهم دون مراعاة لاحتياجاتهم أو تطلعاتهم. عانى أبناء تهامة من الإقصاء في السياسة، حيث لم يحظوا بتمثيل عادل يُعبر عن مكانتهم ودورهم. في الاقتصاد، تُستنزف مواردهم دون أن تعود عليهم بفائدة تُذكر..

وفي الجانب العسكري، غالبًا ما تم تجاهل دورهم الكبير في الدفاع عن اليمن وسيادته. أما على الصعيد الاجتماعي والثقافي، فقد تعرضت تهامة لمحاولات ممنهجة لطمس هويتها وتجاهل إسهاماتها الفريدة في إثراء الثقافة اليمنية. كان أبناء تهامة دائمًا في طليعة الميادين، منذ مقاومة الإمامة البائدة وحتى بناء الجمهورية اليمنية. سطّر رجالها ونساؤها أروع البطولات في مواجهة الظلم والطغيان..

واليوم، تقف تهامة شامخة في مواجهة مليشيا الحوثي التي سعت للهيمنة على اليمن بأكمله. أنشأ أبناء تهامة الحراك التهامي السلمي تعبيرًا عن رفضهم للإقصاء، ثم تطور إلى المقاومة التهامية المسلحة التي حققت إنجازات ملموسة على الأرض…

وبفضل شجاعتهم وصبرهم، كادوا أن يحرروا كامل أراضيهم لولا أن أتت اتفاقية ستوكهولم لتعصف بآمالهم. كانت المقاومة التهامية قاب قوسين أو أدنى من تحرير تهامة بالكامل، إلا أن اتفاقية ستوكهولم التي أبرمت عام 2018 أوقفت الزحف نحو الحديدة وأعطت مليشيا الحوثي فرصة لتعزيز سيطرتها على المنطقة. بدلاً من أن تكون الاتفاقية وسيلة لتحقيق السلام، أضحت عقبة في طريق تحرير تهامة وخيراتها من قبضة الحوثيين. رغم العقبات والمؤامرات لم يفقد أبناء تهامة الأمل. لا تزال مقاومتهم مستمرة، وإيمانهم بحريتهم وعدالة قضيتهم لم يتزعزع. يسعون لتحرير تهامة وكل الأراضي اليمنية من المليشيات الحوثية، وتحقيق دولة عادلة تُنصف الجميع دون تمييز أو إقصاء أو تهميش…

ختاماً أنا وبكل فخر تهامي الهوى والهوية، وأرفض أن أُبعد، أُهمّش أو أُقصى، فتهامة ستظل شامخة بأبنائها رجالاً ونساءً، حرة بخيراتها، ومصدر فخر لكل يمني حر. فتهامة ليست مجرد أرض أو موقع، بل هي رمز للصمود والتحدي. أبناء تهامة، برجالهم ونسائهم، قدّموا دروسًا في التضحية والصبر. ومع كل التحديات التي يواجهونها، فإن يومًا قريبًا سيأتي تستعيد فيه تهامة حريتها وكرامتها، لتصبح كما كانت دائمًا: قلب اليمن النابض وسنده الدائم…

ضع اعلانك هنا