كتب / خالد سلمان
مدن مطفأة وموائد خالية من الخبز ، بيوت يعشعش فيها البؤس ، آفاق مسدودة ، تململ إجتماعي غادر الهمس إلى إجتياح الميادين حاملاً وجعه بذور ثورةً ، وحكومة لايعنيها كل هذا السخط الشعبي ، حكومة منفصلة وكأنها تدير بلداً لاعلاقة له باليمن…
الحالة محتقنة لم يعد ينفع معها مسكنات الكلام ، وضخ الوعود ، لحل مشاكل ليست هي من التعقيد بمكان ،ولكن حكومة غير معنية بأداء واجباتها ، ظلت ترحل المشاكل إلى أن تحولت إلى أزمة مشبعة بشحنات الإنفجار..
نحن أمام إنقسام أفقي وعمودي وفي كل الإتجاهات ، رفاهية مستفزة لأعلى هرم الحكم وقاعدة مليونية تعيش على الكفاف، وتنحدر من قاع الفقر إلى مادونه حيث لا بعده قاع…
هذا الوضع لن يبقى مراوحاً في مكانه ، سيذهب بالناس بعيداً نحو خيارات أُخرى ، تطيح بحكومة الفساد ، تدمر مراكز قوى الحكم ، تنزع عن الوجوه أقنعة النفاق وتطيح بالجميع ولا تستثني أحداً.
عدن حضرموت تعز تتحرك وهي كتل سكانية برمزية تاريخية ووعي مدني ، إن تحركت ستقطر خلفها كل مدن اليمن ، ستسحب البساط من تحد أقدام عتاولة الفساد ، وتقرر مصير البلاد ، مستفيدة من خبراتها المتراكمة وحتى عثراتها ، حيث لم يعد إسقاط الحكم قضية بذاتها، بل والتوافق على شكل البديل..
مايحتاجه اليمن كل اليمن تخطي تقسيم المعاناة إلى مربعات معزولة عن بعضها ، وخوض كل جغرافيا نضالها لوحدها ، المطلوب التفكير بتأطير هذه المعاناة وهذا الحراك ،تحديد أهدافه وآليات إنجاز إستحقاقات التغيير السلمي المنحاز ، لكل الشعب..
لدينا على الأرض معطى سيغير كل قواعد اللعبة ، سيدمر المفاهيم القديمة ، سيطيح بتجار الحرب ، أثرياء السياسة ، والطبقة المخملية ،عالية النبرة الخطابية مع الشعب والعمل ضده في آن معاً.
الحراك القادم سيتخطى عفويته ويرسم ملامح لوطن جديد، يهزم مشاريع التجويع يجرف الفساد ويسقط بنادق الحرب ، ويعيد تعريف مفاهيم الشراكة بالقرار والسلطة والثروة، على أساس من العدالة الإجتماعية ودسترة هذه الحقوق…
لقد سرقوا من الناس كل شيء الضوء والرغيف روشتة الدواء، والوطن الآمن، لم تمنحنا السلطات المتعاقبة سوى المزيد من الإفقار والحروب ورصيف موت للجميع، وكأن المساواة في الظلم عدل..
هذا الوضع غير الإنساني لن يستمر ، نحن أمام النقطة الحرجة الحاسمة ، حيث تتشكل ملامح القادم بين نحن كل الشعب ، او هُم طبقة الحكم الفاسدة ، وفي هذه الثنائية وهذا الفراز لا احد يستطيع أن ينتصر على الشعب..
إخلعوا ثوب المناطق في نضالكم وحدوا الارادات ، لافرق بين جائع هنا وجائع هناك ، ولا فرق بين دموع الأمهات ونزالة الأطفال ، فالقهر واحد ، وسبب بؤسنا واحد ، ولا خلاص إلا بنضال بأفق واضح المعالم وببرنامج واحد…