بيان صحفي عاجل: “شجرة الغريب” التاريخية في تعز على شفير الانهيار.. تقرير ميداني يكشف عن كارثة بيئية وشيكة
ا
تعز، اليمن – 12 مايو 2025:
يدق المركز اليمني للإعلام الأخضر (YGMC) ناقوس الخطر محذراً من كارثة بيئية وتاريخية وشيكة تهدد الجزء المتبقي من “شجرة الغريب” المعمرة والنادرة في تعز، وذلك في أعقاب الانشقاق الجزئي الذي هز كيانها في الحادي والعشرين من أبريل الماضي.
جاء هذا التحذير الشديد خلال مؤتمر صحفي عقده المركز اليوم الاثنين أمام الشجرة المهددة بالخطر في منطقة السمسرة جنوب تعز. ويهدف المؤتمر إلى حشد جهود مجتمعية ورسمية متكاملة لتنفيذ التوصيات الحاسمة التي خلص إليها التقرير الميداني الشامل الذي أعده فريق متخصص من المركز بالتعاون مع شركة الياسين للتجارة وبتنسيق مع السلطة المحلية بمديرية الشمايتين.
وقد كشف التقرير عن مخاطر داهمة، أبرزها تسرب المياه إلى التجويف الداخلي المكشوف للشجرة، الأمر الذي يضاعف من سرعة التحلل الفطري والبكتيري، خاصة مع بداية موسم الأمطار الذي يمتد من أبريل وحتى أغسطس. وحذر التقرير من أن هذه العوامل مجتمعة تنذر بانهيار كامل ومفاجئ للجزء المتبقي من الشجرة في أي لحظة، لا سيما مع هبوب رياح قوية أو زيادة في وزنها نتيجة تشبعها بمياه الأمطار، مما يشكل تهديداً وجودياً مباشراً يتطلب تحركاً فورياً وعاجلاً لإنقاذ هذا المعلم التاريخي.
تحليل معمق يكشف عن سلسلة من العوامل المتضافرة
خلص التقييم الأولي الشامل الذي أجراه فريق متخصص ضم خبراء بيئيين ومهندسين زراعيين، بقيادة الصحفي الاستقصائي معاذ ناجي المقطري، إلى أن الانشقاق المأساوي لم يكن وليد سبب واحد، بل كان نتيجة تفاعل معقد لسلسلة من العوامل المتراكمة على مر السنين.
وأوضح التقرير أن نقطة ضعف تاريخية في منطقة التحام جذعين رئيسيين للشجرة، نموا بشكل منفصل ثم التحما، شكلت ضعفاً هيكلياً مزمناً. وقد كشف الانشقاق عن تجويف داخلي هائل وجدار خشبي متبقٍ لا يتجاوز سمكه سبعة سنتيمترات في بعض المناطق. والأكثر خطورة، رصد الفريق تحللاً واسع النطاق يقدر بنحو 90% في اللب الداخلي، مصحوباً برائحة تعفن قوية، يُرجح أنها ناجمة عن تسرب المياه عبر شقوق قديمة ونمو فطري أضعف بنية الخشب بشكل كارثي.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الملاحظات المباشرة والقياسات عدم توازن واضح في توزيع الوزن، حيث كان الجزء الشرقي المنشق يحمل كتلة فروع ضخمة، بما في ذلك فرع يبلغ عرضه عشرة أمتار، مما شكل حملاً هائلاً على نقطة الالتحام الضعيفة. وقد عملت الأمطار الغزيرة التي سبقت الحادثة على زيادة وزن الأغصان بشكل كبير، بالتزامن مع رياح شرقية قوية في ليلة الانشقاق، لتشكل عوامل بيئية محفزة وضغطاً إضافياً أدى في النهاية إلى الانهيار الجزئي.
وأشار التقرير إلى أن عوامل أخرى مثل وجود النمل الأبيض في بعض الأغصان، والتغيرات المحتملة في منسوب المياه الجوفية، والتوسع العمراني المحيط، لم تكن هي السبب المباشر للانشقاق المفاجئ، إلا أنها ساهمت في إضعاف الشجرة على المدى الطويل.
خارطة طريق عاجلة لإنقاذ “حارسة الدهر”
يؤكد المركز اليمني للإعلام الأخضر (YGMC) أن الوقت ينفد لإنقاذ هذه الثروة الطبيعية والتاريخية الفريدة. ولهذا، قدم المركز من خلال تقريره خارطة طريق عاجلة تتضمن توصيات لا تحتمل التأخير، وفي مقدمتها:
• إجراءات علاجية فورية، تتضمن تنظيفاً دقيقاً للأجزاء المتحللة داخل التجويف، وتطهير المنطقة بمواد آمنة، وتغطية الجروح الكبيرة بمعجون متخصص، وتقييم الحاجة إلى دعم هيكلي مؤقت وعاجل.
• يدعو التقرير إلى الاستعانة الفورية بمهندسين إنشائيين وخبراء في ميكانيكا الأشجار لتقييم استقرار الجزء المتبقي وتصميم حلول تدعيم دائمة إذا لزم الأمر، بالإضافة إلى خبراء في مكافحة الآفات لتحديد نوع النمل الأبيض ووضع خطة للقضاء عليه، وإجراء تحليل بيولوجي لتحديد طبيعة التحلل الداخلي.
• يشدد التقرير على ضرورة توفير الرعاية والعناية والحماية المستمرة للشجيرة الفتية المجاورة، ووضع خطة مراقبة دورية للشجرة الأم لتقييم أي تطورات جديدة.
• يدعو المركز إلى التواصل مع خبراء أشجار الباوباب على مستوى العالم للاستفادة من خبراتهم، وإشراك المجتمع المحلي بشكل فعال في جهود الحماية والتوعية بأهمية هذه الشجرة.
تكتسب “شجرة الغريب”، التي تنتمي إلى نوع الباوباب (Adansonia digitata)، أهمية استثنائية كونها الشجرة الوحيدة من نوعها في اليمن، وربما في شبه الجزيرة العربية وآسيا بأكملها. هذه الشجرة المعمرة، التي يقدر عمرها بأكثر من ألفي عام، ورد ذكرها في كتاب “صفة جزيرة العرب” للهمداني قبل نحو 1200 عام باسم “شجرة الكلهمة” التي يستظل تحتها مائة رجل. وقد وصفها الشاعر السوري الراحل سليمان العيسى بـ “حارسة الدهر”، مؤكدًا على رمزيتها الثقافية والبيئية والتاريخية الفريدة لليمن، فهي معلم طبيعي هائل يتميز بتاج يمتد لـ 86 متراً على ارتفاع يقارب 32 متراً وجذع يتجاوز محيطه 32 متراً.
وقد اعتمد التقرير نهجاً ميدانياً مفصلاً شمل فحوصات بصرية دقيقة، وقياسات مستفيضة، ومقابلات معمقة مع شهود عيان من بينهم حارس الشجرة (علي عبده محمد)، ومدير الموقع (ياسر القرشي)، ومزارعين، وكبار السن، وسكان محليين من الجنسين.
وتأتي فعاليات المؤتمر الصحفي الذي استعرض نتائج التقرير ضمن حملة مناصرة خضراء أطلقها المركز اليمني للإعلام الأخضر (YGMC) تحت وسم #معاً_لإنقاذ_حارسة_الدهر.
وفي ختام بيانه، وجه المركز اليمني للإعلام الأخضر نداء استغاثة عاجلة إلى السلطات المحلية في تعز، والحكومة اليمنية، والمنظمات البيئية المحلية والدولية، والمجتمع المدني، والمجتمع المحلي، للتحرك الفوري والعاجل لتنفيذ التوصيات الحرجة الواردة في التقرير، مؤكداً أن كل يوم تأخير يزيد من خطر فقدان “حارسة الدهر” إلى الأبد.
12 مايو 2025
#معاً_لإنقاذ_حارسة_الدهر
ملاحظة للمحررين: يمكن للمهتمين تحميل التقرير الكامل، في الرابط التالي :
https://drive.google.com/drive/folders/1zo_HWivnArbkdte3Z5pAf5wMaNQrpMSb