ضع اعلانك هنا

خلطات قد يكون ثمنها حياتك ، لا أحد يراقب العطارين، وبائعي العسل، ومنصات الترويج !

وفاء محمد / خيوط

تنتشر خلطات التجميل والتخسيس والتسمين والمقويات، وخلطات التطبيب الشعبية، بشكل لافت للغاية في عموم المحافظات اليمنية، بل يتم بيعها في بعض الصيدليات، وفي محلات بيع العسل والعطارة، دون رقابة أو محاسبة.

يزعم بائعو هذه الخلطات أنّها آمنة وتتكون من مكونات طبيعية خالصة، مثل العسل ومشتقاته، وبعض الأعشاب العطرية والطبية، والمكسرات، والشوكولاتة.

اللافت أنّ الإقبال عليها كبيرٌ من فئات المجتمع، خاصة النساء، وأصبح يُروج لها مؤخرًا والتسويق لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تساعد هذه الطريقة البعض على اكتشاف تجارب استخدام الآخرين لها، من خلال حديثهم عن المشكلات الصحية التي عانوا منها، وكيف لجَؤُوا إلى هذه الخلطات.

الخلطات في قولين

تشعر هنادي الشرعبي، بالخوف بعد سماعها عن الآثار الجانبية لخلطات التسمين، والتي غالبًا ما تظهر بعد فترة من الزمن، فقد اضطرت إلى تجربة خلطات عديدة من أجل زيادة وزنها، قبل أن تعلم بخطورتها.

تقول الشرعبي لـ”خيوط”: “كنت أعاني من نحافة، لذلك استخدمت وبعض أخواتي خلطات عديدة لفتح الشهية بشكل أفضل، لكن النتيجة كانت غير مرغوبة، إذ انتفخت أجسامنا بطريقة غريبة، لا تشبه إطلاقًا الامتلاء الذي يتكون بشكل طبيعي”.

وتتابع الشرعبي: “عندما توقفنا عن استخدام الخلطات، فقدنا الوزن الذي اكتسبناه دفعة واحدة، وعادت أجسامنا نحيفة بالتزامن مع تمدد الجلد في الفخذ، إضافة إلى فقدان الشهية. هذه الآثار كلها لم نكن نعلمها حين بدأنا بتناول خلطات التسمين”.

وبالمقابل، يقول عددٌ من مستخدمي هذه الخلطات أنّهم استفادوا منها دون أن يتعرضوا لآثارها الجانبية، ومنهم أمنيات عبدالسلام، إحدى مستخدمات خلطات التسمين، التي قالت أنها تعاطت ثلاث عُلب تسمين وخرجت بنتائج أرضتها.

أمنيات أكّدت لـ”خيوط”، أنّها إلى جانب استخدامها لهذه الخلطات استخدمت حبوب كالسيوم، وفيتامين D، تجنّبًا لحدوث هشاشة في العظام في حال زاد وزنها، وهو ربما ما ساعدها على تقليل الآثار الجانبية لتلك الخلطات.

توقف محمد عبدالرحمن، عن إعطاء والده الستيني خلطات مقوية جنسيًّا، يدخل العسل الطبيعي كعنصر رئيس في تكوينها، كان يعتقد أنّها مفيدة له وطبيعية.

لكن بمجرد أن علم بأن تلك الخلطات تدخل في تكوينها مواد غير طبيعية وأنّ لها مضارًّا صحية بالغة قد تؤثر على صحة والده الذي يعاني أساسًا من تضخم في القلب وارتفاع ضغط الدم، توقف فورًا عن إعطائها إياها، حسب إفادته لـ”خيوط”.

يستخدم بعض العطارين وبائعي العسل في الخلطات التي يبيعونها، لأغراض مختلفة، عقاقير صينية، والديكساميثازون والفياجرا، وجميعها تؤثر مستقبلًا على صحة الشخص عند استخدامها عشوائيًّا وبشكل خاطئ.

وماذا يقول العطارون والأطباء؟

استطلعت “خيوط” آراء بعض العطارين، وبعض وملاك محلات البهارات والعسل حول مدى صحة وجود أضرار جانبية للخلطات التي يبيعونها للمستهلكين، حيث أكّدوا أنّها طبيعية، وأنّ المشكلات تبدأ حين يقوم البعض بإضافة المركبات والأدوية.

الجدير بالذكر أنّ هناك بعض الصيدليات تشارك في بيع خلطات تستخدم لأغراض مختلفة، كالتسمين والتبييض، والتنحيف، والتقشير، والترطيب، وغيرها

. لكن الدكتور الصيدلي عمر الوهباني، أكّد أنه يرفض بشكل قاطع بيعها بسبب أضرارها المحتملة، نتيجة احتوائها على أدوية مطحونة ومخلوطة بالعسل، قد تتعارض مع أدوية أخرى يتعاطاها الشخص كمرضى الضغط والسكر والقلب وغيرها من الأمراض المزمنة، حسب تصريحه لـ”خيوط”.

وقال الوهباني: “يستخدم العطارون وكثير من محال بيع العسل في الخلطات التي يبيعونها، لأغراض مختلفة، عقاقير صينية، والديكساميثازون (علاج للالتهابات)، والفياجرا (مقوٍّ جنسي)، التي تؤثر مستقبلًا على الشخص عند استخدامها عشوائيًّا وبشكل خاطئ وبكثرة”.

من جهته، يقول استشاري أمراض الباطنية ومناظير الجهاز الهضمي، محمد المجاهد، في حديث لـ”خيوط”: “تأثير هذه الخلطات على الكبد يشبه تأثير المخدرات، وذلك بسبب المواد المجهولة وغير المسجلة على العلبة التي تدخل في مكوناتها”.

وأكّد المجاهد أنّه من خلال عمله كطبيب، استقبل حالات عانت من صُفار، وارتفاع بالإنزيمات، وآلام في المعدة، وكذلك ارتفاع بوظائف الكلى بسبب استخدامها لهذه الخلطات.

في المقابل، يرى استشاري أمراض الباطنية والغدد الصماء والقلب، عبدالناصر الحاج، أنه لا ضير من اللجوء لهذه الخلطات، طالما كانت مكونة من عسل أو مكسرات وغيرها من المواد الطبيعية، والتي تخلو من الإضافات الخطيرة، كخلط مادة الديكساميثازون بالعسل والمكسرات لزيادة الوزن، حيث تعمل هذه الخلطة على فتح الشهية، ونفخ الوجه والجسد بسبب احتباس السوائل.

وتابع لـ”خيوط”، يكرر الشخص تلك الخلطات ليحصل على نتيجة أفضل أو لاستمرارها، لكنه يصطدم بآثار الديكساميثازون، كهشاشة العظام، وحب الشباب، والسكر، وارتفاع ضغط الدم، والأخطر هو معاناتهم من قصور الغدة الكظرية، مؤكدًا خطورة ذلك على المرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية، أو كبار السن.

وبخصوص خلطات زيادة الفاعلية الجنسية التي يقوم العطارون بخلطها مستخدمين العسل مضافًا إليه الفياجرا ومشتقاتها، أكّد الحاج أنّها سبب رئيس لحدوث الجلطات وغيرها من التغيرات المفاجئة.

منوهًا إلى نقطة مهمة، وهي خطورة استخدام المشعوذين وبعض المتخصصين بالرقية الشرعية، لخلطات مكونة من الماء وأدوية عشبية، وخلطها بأدوية خاصة بالمرضى النفسيين، ليجد الشخص الذي يزورهم الراحة، دون أن يعلم بحقيقة ما يتناوله.

ولفت الحاج إلى أنه من غير الواضح حتى معرفة كميات هذه الأدوية التي يتم إضافتها على هذه الخلطات، مشيرًا إلى قيامهم ببيعها بمبالغ خيالية.

وعرج الحاج في سياق حديثه، إلى خطورة قيام بعض الصيدليات والعيادات المرخص لها بعمل خلطات للبرد مكونة من (الديكلوفين، والديكساميثازون، وفيتامين سي)، للشخص الذي يعاني من إرهاق أو فتور أو حمى خفيفة، بهدف منحه نشاطًا كبيرًا خاصة أثناء مضغ القات.

الخلطات والتغذية

اتجه بعض المواطنين لاستخدام خلطات يصنعونها بأنفسهم، مستفيدين من أخصائيي التغذية، وبعض التجارب على شبكات الإنترنت، كاعتماد مشروبات وأطعمة بها سعرات حرارية عالية، عوضًا عن منتجات التسمين التي يتم بيعها والترويج لها.

في هذا السياق، توصي أخصائية التغذية، لمياء عبدالجليل، متعاطي الخلطات بالابتعاد بشكل قطعي عنها، خاصة إذا كانوا لا يعلمون مكوناتها.

وقالت في حديث لـ”خيوط”: “تعمل هذه الخلطات على إرباك عمل الهرمونات، أو التأثير على عمل أجهزة الجسم التي قد تتضرر نتيجة لذلك مستقبلًا”، وتنصح عبدالجليل باستبدالها بنظام غذائي متوازن، يحتوي على احتياجات الشخص اللازمة، التي تتناسب وحالته الصحية.

ما الحلول؟

في ظل استمرار بيع الخلطات المختلفة دون رقابة أو محاسبة، يقترح الوهباني أن تنفذ مكاتب الصحة حملات بشكل دوري على محال العطارين والعسل؛ بحيث يمنع بشكل قاطع استخدام الأدوية، والعقارات الطبية داخل الخلطات.

ويشدّد الوهباني على ضرورة إنزال عقوبات بحق المخالفين وتغريمهم ماليًّا، في حال استمروا في استغلال جهل الناس وبيع خلطاتهم المشبوهة، إضافة إلى عمل ندوات حملات إعلامية لتوعية الناس بمخاطر هذه الخلطات.

وأشار الوهباني في ختام حديثه إلى أنّ منتجي الخلطات أنفسهم، وكذلك مستخدموها، يجهل الكثير منهم أضرارها الكارثية، فأغلبهم غير متخصصين ولا علاقة لهم بأيٍّ من التخصصات الطبية.

يُذكر أنّ اليمن عانت خلال فترة الحرب من تهريب الكثير من الأدوية وتزويرها، في ظلّ عدم وجود الرقابة الكافية، حيث أصبح العديد من المواطنين ضحايا لهذه الحالة.

•••وفاء محمد.

المادة خاص بمنصة خيوط

ضع اعلانك هنا