ضع اعلانك هنا

تاريخ الاغتيالات في الجنوب: السلاح الأخطر للخصوم.. فتّش عن المستفيد(تقرير يستعرض أبرز الاغتيالات ومراحلها التي طالت الجنوبيين منذ إعلان الوحدة ومن يقف وراءها)

هزّت عملية اغتيال قائد الحزام الأمني بمحافظة أبين العميد عبداللطيف السيدقائد الحزام الأمني بمحافظة أبين العميد عبداللطيف السيد، الأوساط الرأي العام في الجنوب، وأعادت للأذهان سلسلة طويلة من الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي والعسكري جنوبًًا، الذين جرى اغتيالهم بأساليب متعددة، اختلفت في أشكالها، واتفقت جميعها على مضمون استهداف الجنوبيين والتخلص من قياداتهم.
عملية اغتيال السيد، وكما هو مألوفًا في غالب الأمر، فقد تبنى تنظيم القاعدة الإرهابي العملية، لكن الحدث في حد ذاته لا يعد ظاهرة مستغربة، فالجغرافيا الجنوبية تزخر بالكثير منها على امتداد الفترة التي أعقبت الوحدة، وحتى قبل حرب صيف 1994م . وغالباً ما تحتل هذه العمليات مركز الصدارة في ظل أوضاع سياسية وأمنية غير مستقرة، إذ تعتمدها بعض الأطراف كآخر وسيلة لإسكات الخصوم وتقويض سلطتهم بل وحتى وجودهم وتأثيرهم.
تزامنت عملية اغتيال السيد مع حربًا كبير تخوضها القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي مع تنظيم القاعدة في بعض مديريات محافظة أبين، بعدما أطلقت القوات الجنوبية عملية عسكرية شاملة، سميت بعملية “سهام الشرق” التي تهدف لاستئصال وتطهير المحافظة من عناصر التنظيم، وحققت العملية الكثير من الإنجازات، رغم الخسائر البشرية التي رافقت العملية، الأمر الذي جعل فريق خبراء مجلس الأمن يسلطون الضوء على العملية باعتبارها عملية عسكرية جريئة تهدف للقضاء على معقل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في (وادي عومران) وكان من جملة ما حققه السيد ورفاقه في هذه العملية وقبل ساعات من اغتياله تحرير مسؤول قسم السلامة والأمان لدى مكتب الأمم المتحدة بعد أكثر من سنة من اختطافه.
وبالعودة إلى عملية اغتيال العميد عبداللطيف السيد فإن الرجل وكما هو معروف عنه، له باع كبير في مقارعة تنظيم القاعدة، وخاض معه معارك كبيرة وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة، كما يعرف عنه انحيازه المبكر للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعد السيد أحد أبرز قادته العسكريين، وصمد مع قواته في أحداث أغسطس من العام 2019م رافضًا الكثير من الإغراءات العلنية التي قُدمت له مقابل الانقلاب على المجلس.
ووفقًا لمراقبين فإن تبني تنظيم القاعدة لعملية اغتيال السيد، ليس دليلًا كافيًا على وقوف التنظيم بمعناه الإيدولوجي خلف هكذا عمليات، ولم يعد هذا الأمر مقنعًا للكثيرين في الجنوب على الأقل، حيث يعتقد كثيرون بأن التنظيم الإرهابي بشكله وطبيعته وحتى أيديولوجيته صار منذ زمن رهينة حسابات قوى سياسية في الشمال ولعبة بيدها، وهي التي لا يروق لها، وليس من مصلحتها استقرار الوضع الأمني في الجنوب، الحافل بأرقام هائلة من الاغتيالات السياسية والعسكرية الغامضة التي استهدفت قيادات عسكرية كبيرة وشخصيات سياسية مهمة فيه، وفي كل مرة كانت أصابع الاتهام موجهة نحو القوى السياسية والدينية في الشمال.
بعد إعلان الوحدة اليمنية، وقبيل حرب اجتياح الجنوب، برزت عمليات تصفيات واسعة ضد كوادر الحزب الاشتراكي اليمني، واستمر المسلسل بعد الفترة التي أعقبت حرب صيف أربعة وتسعين، بل أخذ الأمر بالتصاعد خصوصًا بعد انطلاق الحراك السلمي الجنوبي الذي تعرض الكثير من نشطاؤه وقياداته للتصفية على أيدي قوات أمنية أو مسلحين مجهولين، واستمر مسلسل الاغتيالات بعد إسقاط نظام صالح وسيطرة الإخوان المسلمين على السلطة، وجرت عمليات تصفيات ممنهجة لقيادات ونشطاء جنوبيون، واستمر الأمر بعد مرحلة سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحاولات تقدمهم صوب الجنوب، وفي كل مرحلة من هذه المراحل دفع الجنوب فاتورة كبيرة من قياداته وكوادره، ولم تكن هناك مرحلة قد خلت صفحاتها من عشرات أو مئات من أسماء قيادات جنوبية جرى تصفيتها بطريقة أو بأخرى.
تمهيد:
بدأت أولى فصول الاغتيالات التي طالت الكوادر العسكرية والسياسية الجنوبية بعد أشهر قليلة من إعلان الوحدة، وزادت حدتها بعد استيعاب “النظام اليمني بعض الشخصيات الجهادية ضمن هيكليته في الحكومة والجيش حينذاك، وقادت معه الحرب على الجنوب عام 1994، باعتراف من رئيس الوزراء اليمني في حينه عبدالكريم الإرياني، وشهادات أطلقتها لاحقًا قيادات من تنظيم ما كان يعرف بالأفغان العرب .”ومن أبرز الشخصيات التي تمت تصفيتها في تلك الفترة – فترة ما بعد الوحدة وما قبل حرب 1994م – اغتيال السياسي الجنوبي حسن الحريبي ومستشار وزير الدفاع وعضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ماجد مرشد، كما تعرض كبار القادة الجنوبيين لمحاولات اغتيال بدءا من علي سالم البيض مرورًا بحيدر العطاس وياسين سعيد نعمان وسالم صالح محمد، وأنيس يحيى، وعلي صالح عباد (مقبل) وبحسب مصادر رسمية فقد بلغ عدد الذين تعرضوا للاغتيال في تلك الفترة التي سبقت اجتياح الجنوب، أكثر من 160 من الشخصيات السياسية والعسكرية الجنوبية المنتمية للحزب الاشتراكي اليمني.
سلسلة الاغتيالات المنظمة تلك شهدت موجة ثانية أعقبت اجتياح الجنوب، تعرض خلالها العشرات من الضباط الجنوبيين لاغتيالات غامضة، تم تحميل مسؤوليتها للتنظيمات الإرهابية مثل القاعدة ولكنها لم تخل يوما من الأبعاد السياسية، وشاب الكثير منها الغموض والغرابة، كاغتيال الدكتور “عبدالعزيز السقاف” عام 1999 بدهسه في شارع حدة بصنعاء، ورغم مرور ما يقارب ثلاثة عقود على بعضها، ورغم تبدل الحكومات والأنظمة، فإنّ تفاصيل الكثير من عمليات الاغتيال لا تزال طي الكتمان، وغير معروفة تفاصيلها – خاصة تلك التي استهدفت قيادات عسكرية جنوبية كانت على هرم السلطة – وقيّد ملفات الكثير منها ضد مجهول. “فتتوقف معها لجان التحقيق عن البحث والتحري، وتتحوّل إلى فعاليات للتأبين وتعديد لمناقب الضحية”. كما تم التخلص من الكثير من القيادات العسكرية الجنوبية بينهم قيادات ألوية ومحاور عسكرية، عن طريق زجهم في حروب صعدة الستة، وهي الحروب التي عكست التنافس على السلطة بين علي صالح وعلي محسن الأحمر الذي سعى كل واحد منهما لاستنزاف الآخر بها، وذهبت الكثير من القيادات الجنوبية وقودًا لهذا الصراع.
الاغتيالات في حقبة الحراك السلمي
لم يقف مسلسل الاغتيالات عند استهداف القيادات العسكرية والسياسية المعروفة كما جرت العادة قبل حرب غزو الجنوب صيف أربعة وتسعين وبعده، بل تعدى ذلك لاغتيال ناشطين سلميين، وشباب الحراك السلمي الجنوبي، وأخذ مسلسل الاغتيالات طابعًا جديدًا هذه المرة، وأكثر عنفًا وكثافة، إذ كانت معظم عمليات الاغتيال تتم في وضح النهار، بعضها ينجح والآخر يفشل. وبحسب ورقة تحليلية لمركز سوث24 للدراسات فإن عدد عمليات الاغتيالات التي نفذتها قوات النظام اليمني السابق وأجهزتها الاستخباراتية ما بين عام 1995 إلى 2007، ضعف عدد من تم اغتيالهم ما قبل حرب 1994.” في حين تمت أكثر من 126 عملية اغتيال من عام 2009 إلى 2013، بحق ضباط عسكريين وأمنيين جنوبيين.
هذا فيما يخص العسكريين والأمنيين في تلك الفترة، أما نشطاء وكوادر الحراك السلمي الجنوبي فقد طالت عمليات الاغتيال الكثير منهم، في وضح النهار ومن الجهات العسكرية الرسمية، المنتشرة في مدن ومناطق الجنوب، واستهدفت الاغتيالات بشكل ممنهج نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وقيادات ميدانية، وشخصيات مؤثرة في الحراك السلمي الجنوبي على امتداد جغرافيا الجنوب.
ومنذ اندلاع شرارة الاحتجاجات السلمية في الجنوب وتأسيس فصائل الحراك السلميالجنوبي، فقد راح ضحية السياسات القمعية للنظام اليمني، أكثر من 5 آلاف مواطن جنوبي ، بين مدني وعسكري، تعرضوا للتصفية الجسدية عبر تبني العديد من عمليات الاغتيال التي كانت تدار من قبل أجهزة السلطة لمواجهة المسيرات السلمية لشباب الحراك السلمي الجنوبي، وجرى اغتيالهم بالرصاص الحي تارة ، أو بتسيير دراجة الموت، التي يقودها مجهولون يوزعون رصاصاتهم تجاه كوادر عسكرية في عدن وحضرموت، أو مظاهرات سلمية في الضالع ولحج و شبوة ، في مشهد دموي اجرامي ، يتحرف “صناعة الموت” لتقيد الجريمة ضد مجهول .
تصفيات بشعة

لم تكن الاغتيالات محصورة في تنفيذها على قمع المسيرات والمظاهرات، ولكن جرت هناك العديد من عمليات الاغتيال بأسلوب بشع، ولعل أبرزها ما تعرض له الناشط في الحراك الجنوبي بالعاصمة عدن أحمد الدرويش الذي تم اقتياده إلى سجن البحث الجنائي بخور مكسر في شهر يونيو من العام 2010، وهناك تعرض للتعذيب ومن ثم التصفية، عبر حقنه بحقنة فارغة سببت له شلل نصفي استمر لساعات قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وفقًا لما صرحت به منظمات حقوقية دولية ومحلية، ليتم التعامل مع القضية من قبل النظام بكل برود، وجرى توقيف المتهم الرئيسي بعملية الاغتيال، ليتم الإفراج عنه لاحقًا وتهريبه من عدن بعد أشهر من التوقيف.
ولم تكن حادثة الدرويش وحدها من هزت الرأي العام المحلي، والمنظمات الحقوقية، فلقد جرى بذات الأسلوب اغتيال القيادي في الحراك السلمي الجنوبي، خالد الجنيدي، الذي تعرض هو الآخر للملاحقة من قبل أطقم تتبع الأمن المركزي ونفذت بحقه عملية اغتيال ميدانية، الأمر الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية إعدام خارج القانون وقالت حينها أنه يجب على السلطات اليمنية إجراء تحقيق في إعدام ناشط سياسي رميًا بالرصاص، كذلك جرت حالات تصفيات أخرى لا تقل بشاعة، كاغتيال القيادي في المجلس الوطني – أحد مكونات الحراك الجنوبي- محمد محسن كباس، الذي أصيب في اشتباك مسلح مع قوات الجيش التي شنت حملة عسكرية لاستلام مديرية جحاف، وتم بعدها اختطافه ومن ثم تعذيبه وتصفيته في إحدى معسكرات الجيش بالضالع وفقًا لما أفاد به ناشطون قبل أن يتم إعادته جثة هامدة إلى ذات المكان الذي أصيب به، كذلك الناشط في الحراك الجنوبي علي صالح الحدي الذي تم محاصرة منزله ليلًا ومحاولة اقتحامه ليخوض معهم الحدي معركة غير متكافئة انتهت باستشهاده، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جرى سحل جثته والتمثيل بها وتم إفراغ عشرات من طلقات الذخيرة في جثته، كذلك الناشط في الحراك الجنوبي سيف علي غالب، الذي جرى اغتياله في أحد شوارع الضالع، ولم يتم الاكتفاء بقتله، بل قامت فرقة الاغتيال بدهسه والمرور فوق جسده بالسيارة التي تمت بها عملية التصفية.
أرقام:
وتكشف إحصائيات لمنظمات حقوقية عن أكثر من (160) شخصية قيادية جنوبية استهدفهم “نظام صنعاء في المرحلة التي أعقبت الوحدة وسبقت غزو الجنوب (90 – 94)، فضلًا عن محاولات اغتيال أخرى فاشلة.
وقد لقي 21 ضابطاً جنوبياً حتفهم في العام 2010م، ومع انشغال أطراف الصراع في صنعاء بأحداث 2011 انخفض معدل الاغتيالات قليلًا إلى (13) ضابطاً جنوبيا العام 2011 ولم يستمر هذا المعدل بالانخفاض بل عادت الاغتيالات بشكل أكثر وأسرع وتيرة، ليصل عدد من تم اغتيالهم خلال العامين 2012م و 2013م فقط، ما يقارب 90 جريمة اغتيال أودت بحياة كوادر أمنية وعسكرية وشخصيات أكاديمية واجتماعية وقبلية ودينية. وتعددت الطرق والأساليب التي لقي بها ضحايا الاحتجاجات والاغتيالات مصرعهم، فالشاب عمر علي بازنبور، استقرت رصاصة في رأسه، أثناء مظاهرة شعبية بمدينة المكلا نهاية العام 2013م . وفي نفس العام أصابت طلقه من سلاح “دوشكا” تابع لقوات الأمن المركزي الشاب محمد أحمد المشجري، واستقرت في رأسه أيضاً، بينما دهس طقم عسكري الشاب أحمد سلمان الهجري، وهو على متن دراجته النارية، برفقه زميلين له، ليفارق الحياة على الفور .
أما شهداء الاغتيالات من الكوادر العسكرية والأمنية، فمعظمهم لقي حتفه عن طريق إطلاق الرصاص الحي مع استخدام كاتم الصوت في أغلب الأحيان وسط شوارع المدينة من قبل أشخاص ملثمين يستقلون في الغالب دراجات نارية، كما حدث مع الضابط في جهاز الأمن السياسي العقيد عبدالله سالمين الرباكي، أو عن طريق استخدام عبوات ناسفة، كما هو الحال في عملية اغتيال اللواء الركن عمر سالم بارشيد، مدير كلية القيادة والأركان بالأكاديمية العسكرية العليا، والعقيد عبد الرحمن باشكيل، مدير البحث الجنائي بوادي حضرموت، فيما اغتيل عدد آخر من الكوادر العسكرية عبر عمليات مدبرة، كعملية اغتيال مدير أمن حضرموت العميد علي سالم العامري، الذي استشهد مع عدد من رفاقه في مديرية العبر.
أما الاغتيالات بعد تحرير عدن والجنوب من قبضة الحوثيين في العام 2015 فقد تجاوزت الاغتيالات أكثر من أربعمائة حالة اغتيال ناجحة، توزعت بين قيادات عسكرية وأخرى أمنية وجنود عاديين، ورجال دين، وشخصيات سياسية، وقيادات في السلطات المحلية، وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي.
اغتيالات ما بعد حرب 2015 .. تخادم الحوثيين والإخوان

منذ تحريرها من الحوثيين في 2015، شهدت عدن موجة تاريخية من أعمال العنف والاغتيالات التي طالت قيادات أمنية وعسكرية، ورجال دين، وشخصيات مدنية.
وتصدرت عمليات الاغتيال مشهد العنف في هذه المدينة، كان أبرزها ومن بين أقدمها اغتيال محافظ عدن الأسبق، اللواء جعفر محمد سعد، في 6 ديسمبر 2015، بسيارة مفخخة استهدفت موكبه غرب المحافظة، وعلى المدى الأعوام اللاحقة شملت القائمة اغتيال عدد كبير من القيادات العسكرية والأمنية، وشخصيات سياسية، وقيادات في المقاومة الجنوبية.
وأخذت الاغتيالات في هذه الفترة وحتى اليوم أشكالًا مختلفة، وتعددت الجهات التي أشيرت نحوها أصابع الاتهام، كما تعدد المتبنين لها، بينما اتفقت جميعها على استهداف القيادات العسكرية والسياسية الجنوبية، ومحاولة إفراغ الجنوب من كوادره.
وتورط الحوثيون بشكل واضح في الكثير من هذه الاغتيالات، واستخدمت الطائرات المسيرة والصواريخ في تنفيذها، حيث استهدفت عدد من القيادات العسكرية في منصة قاعدة العند بطائرات مسيرة أثناء إقامة عرض عسكري، وراح ضحيتها عدد كبير من القيادات العسكرية الجنوبية البارزة يتقدمهم اللواء صالح الزنداني، نائب رئيس هيئة الأركان العامة، واللواء محمد صالح طماح مدير الاستخبارات العسكرية، وعدد آخر من القيادات العسكرية
كما تبنى الحوثيون استهداف القيادي البارز منير اليافعي المعروف بأبي اليمامة، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، بصاروخ متوسط المدى استهدفه شخصيًا أثناء إقامة عرض عسكري لقواته، وراح ضحية الاستهداف عدد كبير من القيادات والجنود.
وتمكنت القوات الأمنية من القبض على عدد من منفذي عمليات الاغتيال بمفخخات، بينما لاتزال بعضها غامضة حتى الآن، وكشفت التحقيقات تورط أحد أبرز القيادات العسكرية الموالية لحزب الإصلاح أمجد خالد قائد لواء النقل بشكل رئيسي بالكثير من عمليات الاغتيال، وفقًا للاعترافات التي نشرت للمهتمين الذين تم القبض عليهم.
وكانت حادثة اغتيال العميد الركن محمد ثابت جواس، واعتراف الخلية المنفذة للعملية بتنفيذها الاغتيال بناءً على أوامر أمجد خالد المقرب من حزب الإصلاح، قد أكد مدى صحة ما يقارب عن تخادم إخواني حوثي لتنفيذ الاغتيالات في الجنوب، فالرجل ظل المتهم الأول بمقتل زعيم جماعة الحوثي حسين بدر الدين الحوثي في عام 2004م حيث قاد حينها كتائب الجيش اليمني الميدانية في الهجوم على معقل الحوثي، وكان أبرز مطلوب للجماعة الحوثية.
وبحسب مراقبين فإن استهداف القيادات العسكرية الجنوبية في منصة العند، واستهداف العميد أبو اليمامة – الذي احتفل باغتياله ناشطو حزب الإصلاح والحوثيون على السواء – ما كان لها أن تنجح لولا وجود تخادم بين الجماعتين، وتقديم إحداثيات للجماعة لتسهيل عملية الاستهداف.
وبحسب الاحصائيات فقد ذهب ضحية هذه الاستهدافات أكثر من أربعمائة شخص تصدرت القيادات العسكرية والأمنية قائمتها، بينما لم يسلم منها الصحفيون كالصحفي نبيل القعيطي الذي تم اغتياله بجانب منزله، وناشطون على وسائل التواصل مناهضون للأفكار الدينية المتطرّفة كعمر باطويل، وشخصيات دينية بارزة كالشيخ عبدالرحمن العدني والشيخ رواي وغيرهما.
ويستمر مسلسل الاغتيالات التي استهدفت قيادات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، حتى بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع من أبريل من العام الماضي، بل وتصاعدت وتيرتها أكثر ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على الأبعاد السياسية لتلك العمليات التي تستهدف إفراغ المشهد الجنوبي من الضباط المحترفين، وتحاول خلط الأوراق وإرباك المشهد.
الخلاصة:
عند التدقيق في الطريقة التي تتم بها عمليات الاغتيالات في الجنوب، وعند التدقيق في الشخصيات المستهدفة تتحقق قناعة راسخة في أن من يقف وراء هذه الاغتيالات ليس طرفًا واحدًا بل أطرافًا عدة في اليمن تبدأ بنظام علي عبدالله صالح، مرورًا بحزب الإصلاح وما يمتلكه من نفوذ وتأثير ف الجماعات المسلحة كتنظيم القاعدة، وانتهاءً بالحوثيين وجميعهم تدفعهم رغبة جامحة في استمرار سطوتهم على الجنوب، وإبقائه خاضعًا لنهجهم.
إن عملية اغتيال العميد عبداللطيف السيد وقبلها مئات العمليات الناجحة منها والفاشلة يدفع الجميع لمواجهة حقيقة أن على الجنوبيين والمجلس الانتقالي بالذات مسؤولية التفكير باستراتيجية شاملة لتفادي مثل هذه الجرائم، ولمواجهة ذلك يرى مراقبون بأن هناك حاجة ماسة إلى إطار أمني واستخباراتي جنوبي فاعل، للحد من عمليات الاغتيالات الموسّعة والمتركّزة بشكل أساسي في جنوب اليمن التي تستهدف شخصيات جنوبية مؤثرة على النطاقين السياسي والعسكري. لذا، فتطوير جهاز استخباراتي قوي ومستقل بشكل متكامل عن الأجهزة الأمنية السابقة سيشكل أهمية للحد من هذه العمليات، كما يتطلب مواجهتها العمل على تحرير قطاع الاتصالات والإنترنت من قبضة الحوثيين، الذين يستغلونه في حربهم على الجنوب، ويستهدفون من خلاله الشخصيات السياسية والعسكرية المؤثرة، من خلال المراقبة والرصد والتجسس.

المزيد على الرابط التالي: الصدارة سكاي : خاص

تاريخ الاغتيالات في الجنوب: السلاح الأخطر للخصوم.. فتّش عن المستفيد (تقـريـر)

ضع اعلانك هنا