ضع اعلانك هنا

فواكه “الكربون”.. مخاطر واسعة يستخدمه مزارعون لتسريع الإنضاج

عبدالرب الفتاحي / خيوط

يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الإنتاجية في اليمن، ليس لكونه من أكبر القطاعات المشغلة للأيدي العاملة، بل بالنظر كذلك إلى ما تتمتّع به البلاد من أراضٍ شاسعة خصبة صالحة للزراعة في حال تم استغلالها بشكل أمثل.

وتأتي الخضروات والفواكه من المنتجات الزراعية الواعدة في اليمن التي تنتشر زراعتها في مختلف المناطق اليمنية بكميات زراعية مناسبة تغطي جزءًا كبيرًا من احتياجات الأسواق المحلية، ويتم تصديرها إلى الخارج، لكن هذ الواعدية الإنتاجية عرضة للكثير من المؤثرات والصدمات، كالآفات وأزمات الوقود وأسعار الأسمدة والمبيدات، إضافة إلى بعض الممارسات المرتبطة بالتسويق والتعامل مع بعض منتجات الفاكهة التي تتعرض لاستخدام مفرط لبعض المواد كالكربون، لأسباب تجارية بحتة يكون المستهلك ضحيتها الرئيسية.

ممارسات ومنتجات واعدة

يضع المزارعون في اليمن، مادةَ “كربيد الكالسيوم” أو الكربون مع بداية موسم إنتاج بعض الفواكه، بكميات كبيرة؛ كالمانجو أو الجوافة والليمون والموز، لتسريع إنضاجها عن الوقت المحدد لها، والتي تكون متأخرة بفترة قبل عملية حصادها.

ويلجأ مزارعون إلى استخدام هذه المادة على المزروعات في فترة بداية تشكُّل الثمرة ووصولها إلى المستوى الذي تكون فيه الأقرب للنضج بحجمها الطبيعي، إذ تجري هذه العملية في غرفة مظلمة ومعتمة بدون أضواء للحصول على ثمرة ناضجة بعد نحو أربعة أيام من وضع الكربون عليها وتسريع عملية عرضها في الأسواق قبل أوانِها، حيث يكون الطلب مرتفعًا عليها، وبيعها بأسعار مرتفعة.

يشرح عبدالله جابر، باحث زراعي، في حديث لـ”خيوط”، أنّ فترة رشّ الدفعة الأولى من ثمار الفاكهة كالمانجو أو الجوافة، بمادة الكربون يتم تحديدها بعناية، لكي يتم عرض هذه المنتجات في السوق قبل موعدها بما يزيد على أسبوعين، بينما تزيد المدة لمنتجات أخرى لم يستخدم فيها الكربون .

ويضيف أنّ هناك مزارعِين من الذين لا يفضّلون الاستعجال في عرض الفواكه ويُبقونها في الشجرة، حتى تبدأ عليها مظاهر النضوح، بينما يختار آخرون استخدام الكربون لتسريع الإنضاج؛ لأنّ السوق خلال فترة معينة تفتقر لهذه الفاكهة، وهو ما يتيح لهم جني الكثير من المال .

المنتجات اليمنية الزراعية كالخضروات والفواكه مطلوبة بشكل لافت في أسواق الدول المجاورة وغيرها؛ لذا يتطلب الأمر التركيز على عملية تجويد وسلامة إنتاجيتها.
بالمقابل، يمتنع توفيق محمد عبيد، موظف في إحدى شركات الأدوية، عن شراء الفواكه التي يستخدم فيها المزارعون الكربون، والتي تكون غير ناضجة ومذاقها وحجمها مختلف.

ويعتبر الكربون بنظر الكثير من الاختصاصين والباحثين الزراعيين، من أخطر المواد التي تستخدم في مجال الزراعة، إذ تعد مادة “كربيد الكالسيوم” مادة كيمائية سوداء تتفكك عند ملامستها للماء والتي ينتج عنها غاز “الإسيتيلين” الذي يفضله كثير من المزارعين -كما يقول المعتصم عيدروس، أكاديمي في الإنتاج النباتي- لانخفاض تكلفته وسهولة تحضيره.

ويرى في حديث لـ”خيوط”، أنّ غياب الوعي والتركيز على العملية والمكاسب التجارية وغياب دور الدولة في تشجيع وتحفيز المزارعين ومساعدتهم في عمليات الإنتاج والتسويق وبكل ما يتعلق بالإرشاد الزراعي- يؤدي إلى مثل هذه الممارسات واستخدام مثل هذه المواد لتسريع إنضاج الفاكهة، عملية النضج التي يجب أن تتم عبر مراحل معقدة يتدخل فيها بشكل رئيسي هرمون “الإيثيلين” الذي يتدخل في العمليات الفسيولوجية لإتمام عملية النضج.

ما بين الخطر الصحي والفائدة الزراعية

ويؤكّد خبراء زراعيون واقتصاديون أنّ الفاكهة التي يتم تسريع إنضاجها، تنخفض قدراتها التنافسية والتأثير على عملية تصديرها؛ لأنّ هناك قوانين ومعايير تتعلق بالمواصفات والجودة يتم العمل بها في الأسواق الخارجية، لذا يتم اكتشاف ما إذا كانت عملية إنضاجها قد تمّت بشكل طبيعي أو بمؤثرات كاستخدام الكربون، وهو مؤشر على كون هذه المنتجات الزراعية منخفضة الجودة وغير صحية، وقد يكون لتناولها تبعات خطيرة.

في حين تعد المنتجات اليمنية الزراعية كالخضروات والفواكه، مطلوبةً بشكل لافت في أسواق الدول المجاورة وغيرها؛ لذا يتطلب الأمر التركيز على عملية تجويد وسلامة إنتاجيتها.

المهندس محمد القطني، باحث، يتطرق إلى أنّ الكربون قد يتم يستخدمه كغذاء وقد يستخدم للوقاية، وقد يستخدم كعلاج للنبات، وكل هذا بحسب كمية وحجم العناصر المضافة، فالكربون، وفق حديثه لـ”خيوط”، قد يفسد الثمار ويؤثّر على طعمها ولونها وجودتها، وقد يجعلها ذات جودة عالية، في حال تم استخدامه بعناصره المصاحبة والمدخلة عليه، لكي تجعل من الثمرة قوية ومتينة.

بحسب أبحاث زراعية، اطلعت عليها “خيوط”، فإنّ الكربون المعتاد في نضج الثمار يجلب مشاكل للثمرة، والبذور الخاصة بها، أمّا عنصر الكربون المعدل، والذي يحتوي على خليط من العناصر الصغرى، فله نتائج جيدة مثله مثل الفولفيك أو الهيوميك، وكلها من الكربون والفحم، رغم أنّها أحماض ولا تؤذي النبات، إضافة إلى أنّ أضرار الكربون الخامّ سيئة في الرائحة والطعم والقيمة الغذائية، لكنه بالمقابل قد يساعد النبات في التدفئة، وانخفاض درجه الحرارة، عن عشر درجات كما أنّ عنصر الكربون قد يكون ضارًّا جدًّا، وقد يمزج بالعناصر الصغرى الأخرى، فهو ضارّ ونافع في الوقت نفسه.

يوضح الباحث الزراعي، عمر السياني لـ”خيوط”، أنّ هذه المادة تؤدّي إلى سرعة وصول الفاكهة إلى مرحله النضج، فالكربون يعتبر محفزًا للثمار مع بروز تأثيرات سلبية تعمل على إتلافها وانخفاض قدراتها من الناحية التسويقية، وبالتالي تقلّ جودتها مع تغيرها في الطعم والرائحة، فيما تكون كذلك رخوة ومتهالكة وسريعة التلف.

وإجمالًا كما يؤكّد مختصون، يتسبب الكربون في الكثير من الأضرار، وهو ما يستدعي قيام الجهات الحكومية المختصة بمهامها في الحدّ من استخدامه ومنع تداول أي منتجات زراعية تم إنضاجها بالكربون وغيره من المواد الكيميائية الضارّة، لكي يحصل المستهلكون على فاكهة صحية وناضجة بشكل طبيعي، وليست مغشوشة تؤدّي إلى انتشار لحالات التسمم الغذائي، لكن بالمقابل هناك من يرى أنّ هذه المادة قد تكون مفيدة في تقوية الثمار في حال تم استخدامها بعناصرها الصحيحة والمناسبة .

*تحرير خيوط

•••
عبدالرب الفتاحي

المادة خاص بمنصة خيوط

ضع اعلانك هنا