ضع اعلانك هنا

الفيلسوف الذي جعل التاريخ يسير على رأسه !!..

الكاتب / الدكتور قاسم المحبشي..
————————————
الفيلسوف الذي جعل التاريخ يسير على رأسه !!..
فيما يشبه التوطئة لزيارة بيت كارل ماركس ..

عرفت جورج فيلهلم فريدريش هيجل( 27 أغسطس 1770 — 14 نوفمبر 1831) وأنا طالب في المستوى الأول بقسم الفلسفة والاجتماع بكلية التربية العليا، جامعة عدن عام 1984م وفي سنة ثاني وقع في يدي كتابه المهم فلسفة التاريخ؛ العقل والحرية. ولما كانت الايديولوجيا الماركسية هي النظرة المهيمنة في جامعتنا حينها بوصفها الجامعة الحكومية الرئيسة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي تأسست عام 1970 وهي بذلك تعد أول مؤسسة أكاديمية حديثة في تاريخ اليمن المعاصر ويعد قسم الفلسفة والاجتماع من أقسامها المؤسسة منذ عام 1970 بعكس ما كتب الزميل الدكتور أحسان شاهر عبدالجليل قبل أيام قائلا: ” أما في جامعة عدن فلم يتأسس قسم الفلسفة إلا في عام 1995، وقبل ذلك التاريخ لم يعرف جنوب اليمن العلم الفلسفي الأكاديمي..

ويرجع ذلك ـكما يبدوـ إلى اعتقاد القيادة العليا للحزب الاشتراكي اليمني، قبل قيام الوحدة اليمنية، بأن الفلسفة الماركسية ـ اللينينية هي الخلاصة النهائية الحقة للفكر الفلسفي الإنساني.وقد جرى تدريس الفلسفة الماركسية ـ اللينينية في المدرسة الحزبية العليا للعلوم الاشتراكية في مدينة عدن، جنبا إلى جنب مع عدة مقررات، مثل البناء الحزبي، والاقتصاد السياسي، والاشتراكية العلمية، والحركات العمالية المعاصرة، وحركات التحرر الوطني المعاصرة، وتاريخ اليمن الحديث والمعاصر” ( ينظر، احسان شاهر، ابوبكر السقاف أول فيلسوف يمني ، خيوط، 21 اغسطس 2024)..

ما علينا من مما كتبه شاهر إحسان من احكام غريبة الأطوار فيما يتصل بفيلسوف اليمن الأول، الأستاذ الراحل أبوبكر السقاف وفلسفته واشياء أخرى. ربما يحتاج ذلك إلى وقفة قادمة. جاء ذكرها هنا أشبه بتداعي أفكار فقط. يهمنا هنا هيجل وفلسفته في التاريخ إذ تم تقديمه لنا بصورة كاريكاتورية بوصفه هو جعل (التاريخ يسير على رأسه!) فجاء تلميذه النجيب كارل ماركس فاعاد التاريخ على قدميه! وحينما قرأت كتاب محاضرات في فلسفة التاريخ الذي ترجمه أمام عبدالفتاح أمام..

أحسست أن ثمة تبسيط سخيف لفلسفة هيجل الجدلية الذي حولتها الماركسية إلى قوانين التطور الثلاثة: قانون وحدة وصراع الأضداد وقانون التطورات الكمية والنوعية وقانون نفي النفي. منذ ذلك الحين وأنا مهتم بفلسفة هيجل الوعيرة. وفي دراسة الماجستير اخترت الكتابة عن العقل والحرية عن هيجل مع الاستاذ حامل خليل. وتلك الدراسة هي التي فتحت لي الأفاق للتعرف على النسق الفلسفي الهيجلي وربما يعود الفضل لهيجل في تحفيزي لمواصلة الدراسة في فلسفة التاريخ إذ كانت أطروحتي في الدكتوراه عن فلسفة التاريخ في الفكر الغربي المعاصر؛ ارنولد توينبي موضوعا.

وهكذا انتقلت من سارتر إلى هيجل بدوافع لاشعورية وواعية ايضا فالوجودية علمتني التفلسف بوصفه قلق الذات الواعية لكينونتها وحريتها واستلابها وفلسفة التاريخ أمدتني بالرؤية الكلية للعملية التاريخية بوصفها مغامرة الكائن الإنساني في الكوكب الأرضي. وبمناسبة مرور ٢٥٠ سنة على ميلاد جورج فيلهلم فريدريش هيغل الذي ولد 27 أغسطس 1770 — 14 نوفمبر 1831) بمدينة شتُوتغَارت في ألمانيا. يحس بنا التعرف على السياق التاريخ والثقافي الذي مهد لميلاد ونمو وازدهار هيجل وفلسفته والسياق هو كامل الوسط الذي يحط بالفيلسوف من جميع الجهات. وهيجل هو القائل: أن كل فلسفة هي بنت عصرها وربيبة زمانها. إذ واجه القرن التاسع عشر تراثاً غامضاً وفكراً متصدعاً،..

فمن ناحية كانت هناك نظرية التقدم التي تقول إن المجتمع الإنساني يتقدم باضطراد صوب الكمال المدني والثقافي والحضاري ومن ناحية أخرى، كان هناك اتجاه الحركة الرومانسية التي اخذ أصحابها يشككون في عقيدة التقدم ويكشفون عن الوجه الأخر للحداثة (الاضمحلال والتدهور)، هذه الطبيعة المزدوجة والمتناقضة في قلب الحضارة الأوروبية بين التقدم والتدهور، سوف تتجلى على نحو أوضح في القرن التاسع عشر من خلال الكتابات التقدمية والدراسات الفلسفية التاريخية.لكن القرن التاسع عشر لم يواجه فقط تراثاً ثقافياً متصدعاً بل أن التصدع والتناقض سوف يصيبان المشروع الحداثي نفسه في بنيته الكلية،..

وإذا كانت الحداثة قد بلغت قمة ازدهارها ونضجها في القرن التاسع عشر، بحيث غدت خبرة الإنسان بالتاريخ الذي صنعه بيديه وعقله خبرة واسعة شاملة وأكثر نضجاً، هذه الخبرة التاريخية في التقدم والتطور والارتقاء وفي مختلف مناحي الحياة الحضارية والمدنية والثقافية، كانت خير شاهد على عظمة الإنسان وفعله وقدرته على النمو والتكييف والتحسن والتجاوز المستمر، انه القرن المليء بعظائم الأمور كما يقول توينبي فقد شهد أهم حدث تاريخي وهو التوسع المفاجئ في سلطة الإنسان على الطبيعة وعلى الإنسان ذاته, انه العصر الذهبي لازدهار الرأسمالية الصناعية عند هنري سيمون, “انه قرن التاريخ بامتياز، حسب اوجسيتن تبيري (1795-1856)..

بل أن التاريخ يضفي عليه اسمه كما كانت الفلسفة تضفي اسمها على القرن الثامن عشر، ولقد تردد القول إلى درجة الإشباع كما يقول ماكس فيبر “أن القرن التاسع عشر كان قرن التاريخ، وقد ينطبق هذا القول على ألمانيا أكثر من أي مكان آخر. إذ بلغ الاهتمام بالتاريخ حد التقديس. بل لقد بجل هيجل وسافيني والفقهاء الألمان التاريخ ورفعوه فوق جميع الأشياء واقسم بيرك به وأقسم معه حزب المحافظين الإنجليز” بيد إن هذا الإجلال الكبير للتاريخ كان يعبر عن الإحساس المتزايد بالأزمة العميقة التي بلغها المشروع الحداثي الأوروبي، هذه ألازمة التي طالت كل البناء والأنساق الحياتية للمجتمع، أنها أزمة الإنسان الحديث، إذ كان الكثير من القيم القديمة والتقاليد والرموز التي ترسخت عبر التاريخ الالهه والأساطير والمقدسات والمحرمات والمفاهيم والمؤسسات تفقد وظيفتها الحيوية وتتحول إلى حقائق خاضعة للنقاش والجدال العلني المفتوح من كل شخص يستطيع ذلك، انها أزمة تصادم بين نمطين للحياة قديم وحديث، ونظامين للثقافة، نظام تمتد جذوره إلى نحو ألفي عام ونظام أخر أخذ يتشكل لتوه، فبدءاً من كانط عانى المشروع الفلسفي الذي سيطر منذ أيام أرسطو تحولاً جذريا نتج عنه تحول جذري لمعاني الاصطلاحات الأساس في المفردات الفلسفية التقليدية مثل “الميتافيزيقيا ، والمنطق، والجوهر، والوجود، والعدم، والقوة والفعل”..

هذه المفاهيم تغيرت حتى نكاد لا نتعرفها وان مسائل لم يعترض أحد على موضوعها غدت عديمة المعنى وحلت محلها مسائل أخرى لم تخطر على البال قبل ذلك.ويعود معظم الغموض الذي يتخلل الكتابات الفلسفية في القرن التاسع عشر إلى هذه الحقيقة مباشرة، وربما زاد ذلك من أهمية فلاسفة القرن التاسع عشر وأصالتهم، لكنه لم يجعلهم أجلى بياناً وأقرب إلى الإفهام, إن تلك ألازمة التي واجهها الإنسان الحديث، هي أكثر عمقاً من أية أزمة حدثت في الحضارة الغربية منذ الاصطدام الأول للوثنية مع المسيحية البدائية، لقد أجاد هنري ايكن تصوير وتلخيص المشهد الروحي للقرن التاسع عشر، من حيث “هو قرن النقد الاجتماعي السياسي الذي يقبل المبدأ القائل إن الموضوع الحق للفلسفة هو الإنسان…

ومن هنا ازدهرت فلسفة التاريخ”إن الإنسان لأول مرة في التاريخ يجد نفسه بإزاء قوى التناهي والاشتباك معها بكونها قوى خارجية عن ذاته الإنسانية المتناهية، هذه القوى المتناهية “الحياة والشغل واللغة” هي الأصل الثلاثي للتناهي الذي ستتولد عنه البيولوجيا والاقتصاد السياسي وعلم اللغة قوى الحياة والتاريخ والفكر بعد إن يتم إخضاع المتعالي للتجريبي، إذ ذاك كان على قوى الإنسان إن تتصدى للتناهي خارج ذاتها، ومن ثم لتجعل منه في مرحلة ثانية تناهيها هي، فتعيه حتماً تناهياً خاصاً بها, وحينئذ كما يقول (ميشل فوكو)” يركب معها الشكل الإنسان و(ليس الشكل الله) وتلك بداية الإنسان”على هذا النحو كانت أزمة القرن التاسع عشر، هي أزمة ميلاد جديد للمثل الأعلى للحضارة الحديثة، بعد الانهيار المطرد للتركيب المسيحي القروسطي (الإنسان – الله) إعادة بناء وتشكيل جديد للإنسان ومثله الأعلى على أساس جذري علماني إنساني واقعي تاريخي،.

ومن هنا ندرك سبب تحول الفلسفة في القرن التاسع عشر إلى نظم فكرية أيديولوجية متصارعة، لم تستطع إن تحل محل الفراغ الذي تركته الايديولوجيا التقليدية المقدسة، التي كانت تضمن وحدة المجتمع وتسوغ له آلام الحياة وتمده بطاقة هائلة من العزاء والسلوى” إن هذا الموقف الغامض الذي واجهه القرن التاسع عشر، كان ينطوي على جملة من المتناقضات والصدوع الفكرية والثقافية بين الدنيا والآخرة، التناهي واللاتناهي، المدينة الأرضية والمدينة السماوية، بين التاريخ المقدس والتاريخ الدنيوي. بين العقل والتجربة، بين المنطقي والتاريخي، بين المتعالي والواقعي، بين التركيبي القبلي والاستقرائي البعدي، بل كان أهم تلك المتعارضات هو ذلك التعارض بين النظريتين في فلسفة التاريخ، نظرية التقدم البشري في المدنية والثقافة، ونظرية التدهور والانحطاط في الحضارة بين التاريخ كما هو كائن والتاريخ كما ينبغي إن يكون..

وقد حاول فلاسفة القرن التاسع عشر أن يوازنوا بين جانبي التراث التنويري المتناقض، وكان هدفهم الأكبر هو نفي أي تناقض بين مؤسسات التقدم الإنساني كما عرفتها نظرية التقدم المدني وطموحات الإنسان البشرية الطبيعية الفطرية كما عرفها “روسو” إذ أعلنوا إن ما ينبغي وما نريد نكون عليه، سيصبحان شيئاً واحداً ذات يوم، أما ما ينبغي إن نكون عليه، وهو إن نكون كائنات اجتماعية مقيدة بالتاريخ، وما نريد إن نكون عليه هو إن نكون سعداء، ولذلك رفضوا كلاً من الفوضى السياسية للثورة الرومانسية و “الفوضى الروحية” لمجتمع السوق الذي لا يعرف سوى المصلحة الشخصية، ونادوا بمستقبل كان هو الأخر مقرراً سلفاً من الناحية التاريخية، وكان هذا هو المركب الديالكتيكي عند كانط أولاً ثم هيجل ثانياً..

لقد حاول كانط الجمع بين العقل واللعب، بين التاريخ تقدماً وبين خطة الطبيعة أو العناية الإلهية “بين السماء المزينة بالنجوم فوقي والقانون الخلاقي في باطن نفسي. كما كتب فوق شاهد قبره, في مقالة “فكرة عن تاريخ العالم من وجهة النظر العالمية، عام 1784” أراد الجمع بين وجهة نظر الاستنارة ووجهة نظر الرومانسية، على نحو ما فعل في نظرية المعرفة حين جمع بين المذهبين العقلي والتجريبي. فهو من ناحية يسلم بعبث الإنسان وشره إذ تصدر أفعاله عن غرائزه الأنانية وارادئه الجشعة، ولكن من ناحية أخرى يرى إن هذه الحالة من عدم الاستقرار واضطراب الطبيعة الإنسانية. هي نفسها وسيلة الطبيعة من اجل تقدم الإنسان،.

هناك غاية طبيعية لكل أفعال البشر التي تبدو عبثية، فالحروب والتنافس والتدافع والطمع وتصادم الارادات الفردية تصب في المحصلة الأخيرة في الخطة الشاملة للطبيعة، هكذا جعل كانط أفعال الإنسان وسيلة يحقق من خلالها التخطيط الإلهي أهدافه في التاريخ العالمي. وكان جورج فردريك هيجل 1770-1831م)أستاذ الفلسفة البارز في جامعة برلين قد استلهم الديالكتيك من سلفه كانط للاحتفاظ بكلا الجانبين من تناقض التنوير بين التقدم والتدهور، ففي المنظور الديالكتكي الأشياء التي تبدو متناقضة ما هي إلا مرحلة أولية للتركيب الجديد، والديالكتيك هو الصيرورة الضرورية للوجود، وكلما بدت الأشياء متناقضة، الفردية والشمولية الثراء والفقر، وحرية الضمير وسلطة النظام الارادات الفردية والمشيئة العامة، العقل الكلي والفعل الفردي تكون في الواقع متماثلة..

وخلاصة نظرية هيجل في التاريخ، تقوم على الاعتقاد بان الدولة هي الوحدة الأساس في فهم التاريخ، الذي ليس هو في نظره غير تحقق الوعي بالحرية، يقول هيجل “ينبغي إن يكون مفهوماً إن الدولة هي التحقق الفعلي للحرية، أعنى الغاية النهائية المطلقة.فهو يعني إن فجر التاريخ قد بدا في الإمبراطوريات الشرقية حيث كان الملك هو الحر الوحيد، ثم يبزغ الوعي بالحرية في الدولة اليونانية والرومانية حيث كان بعض الناس أحرار، وختم التاريخ مساره مع الدولة الجرمانية التي تمثل ذورة التقدم لأنها أوضحت إن جميع البشر أحرارا بطبيعتهم الذاتية، في الدولة الجرمانية تعود الروح إلى بيتها، ويتحقق فيها اتحاد الذات والموضوع، المصلحة الفردية مع الروح الكلية ويختم التاريخ مساره ولا جديد تحت الشمس..

وهنا تتجلى مثالية هيجل ولا تاريخيته، في انتخابه من مجموع الظاهرات ما يناسب “فرضه” وعرض شواهده المختارة بالطريقة التي تلائمة وفسرها تفسيراً مؤاتياً للفكرة العامة العقلية “إلا مثولة” الجاهزة التي بدا منها، لقد كان الهوى السياسي والرغبة الأيديولوجية الحميمة في وحدة ألمانيا الممزقة التي اجتاحتها جيوش (ذلك العقل الذي يمتطي حصاناً)، أي نابليون كانت رغبة هيجل في تحرير ألمانيا ووحدتها هي الحافز الذي يقبع خلف هذه الرؤية الفلسفية التوراتية، التي تختم التاريخ وتوقف سير الزمن، ويبدو أن الموظف هيجل لم يعدم الأسباب ليعلم “الفيلسوف هيجل” ما تعنيه قوة الأمر الواقع”.

إن هيجل الذي يختم التاريخ بشمس معنوية لا تشرق إلا في سماء رأسه المعنوي الغربي الجرماني الغافل الذي لم ينظر إلى الماضي فيتعظ ولم ينظر إلى المستقبل فيتسشرف. قد فضل العواء مع الذئاب، حينما انتهى مفكراً محافظاً على نحو واضح وفاضح حينما جعل الفلسفة والتفلسف والتحليل والتركيب والديالكتيك في خدمة اللاهوت القومي الوطني الجرماني المتعصب وهذا يتضح من خطبته الشهير في 12 أكتوبر 1818م ِإذ يقول “نحن الألمان نمتاز عن بقية أمم وبلدان أوروبا الأخرى التي تلاشت فيها الفلسفة ما عدا الاسم في كون الفلسفة ما تزال تستمر فينا كخصوصية من خصوصيات الأمة الألمانية لقد تلقينا من الطبيعة (الالهه) الرسالة العليا بان نكون حراس الشعلة المقدسة”مع هيجل لم ينتهي التاريخ وتتوقف الحضارة فحسب بل ينتهي تقليد راسخ من التفكير الميتافيزيقي التأملي ِ.

إذ تعد فلسفة هيجل على نحو عام نقطة الأوج في تطور المثالية الألمانية في المدة بعد الكانطية, بيد إن أهمية هيجل لأغراض هذه الأطروحة تكمن في التأثير الكبير الذي مارسه في تطور الفكر الفلسفي اللاحق وفي فلسفة التاريخ بوجه الخصوص فمن معطف هيجل تنطلق الرؤى الفلسفية الجديدة ذلك لان الامكانات الراديكالية المذهلة لأفكاره قد أسكرت جيلاً كاملاً من الناشئين، ازدهر في برلين أربعينات القرن التاسع عشر، “وقد عرفت هذه المجموعة التي ضمت كارل ماركس وفريدريك انجلز في صباهما “الأحرار” ويطلق عليها ألان الهيجليون الشباب، تشبت هؤلاء الراديكاليون بالجانب ذي النزعة التاريخية من فكر هيجل وطوروه ليصير نظرية في الثورة السياسية”..

ومن أسطورة نهاية التاريخ تتفتق الرؤى المختلفة، ِإذ إن ضلال هيجل سرعان ما توُّج بأقوال الفيكتوري الإنجليزي (ارنولد اوف روجبي) الذي أعرب في خطابه الافتتاحي بوصفه أستاذا ملكياً في التاريخ الحديث في أكسفورد سنة 1841 عن اعتقاده “بان التاريخ الحديث سوف يكون أخر مرحلة في التاريخ البشري” ويبدو وكأنه يحمل علامات اكتمال الزمن وكأنه لا يكون ثمة تاريخ مقبل فيما بعد”هذه الرؤية الخلابة لايقاف إيقاع الزمن وتثبيت التاريخ هي التي شغف بها الهيجلي الشاب كارل ماركس (1818-1883) حينما فسر التاريخ وحركته تفسيراً اقتصادياً اجتماعياً وصراعاً بين علاقات الإنتاج والقوى المنتجة يسير على وفق حركة ديالكتيكية إلى نهايته المحتومة وهدفه الختامي المتمثل في المجتمع الخالي من الطبقات والصراع الطبقي، حينئذ تزول الدولة وينتهي التاريخ، مع المجتمع الشيوعي المنشود حيث السعادة النقية والسلام الدائم والخبز الوفير والحرية الصافية والجمال العميم، اذ يكون (الكل حسب قدراته ولكل حسب حاجاته)، ويستلهم المفكر الأمريكي (فرانسيس فوكوياما) هيجل من جديد حينما يعلن “نهاية التاريخ والإنسان الأخير”..
————————–

ضع اعلانك هنا