في 21 سبتمبر 2014، اجتاح مقاتلو الحوثي في اليمن – المعروفون رسمياً باسم حركة “أنصارالله” – العاصمة صنعاء وأصبحوا الحكام الفعليين لأغلب سكان اليمن.
يرى محللون أنه بعد عشر سنوات على استيلاء الحوثيين على السلطة في اليمن كانت دول الخليج محقة بشأن تهديدات المتمردين، بينما كان الغرب مخطئاً، وبالتالي فإن مواجهة أخرى واسعة النطاق أمر لا مفر منه.
وأعلن موظفو هيئة البث التلفزيوني الحكومية الاستيلاء على السلطة من مبنى كان يهتز بسبب تعرضه لإطلاق النار من قبل الحوثيين. وكان انقلاباً كلاسيكياً، بمساعدة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الذي قُتل في النهاية على يد شركائه الحوثيين بعد بضع سنوات.
وكان الاستيلاء على السلطة في 21 سبتمبر 2014 هو الفعل الذي أكد للمجتمع الدولي أن الحوثيين لم يعودوا مجرد حركة تمرد جبلية صغيرة بإمكان تجاهلها بأمان.
ويقول مايكل نايتس، وهو زميل برنشتاين في معهد واشنطن، في تقرير نشره المعهد إن الدرس الذي تم تعلمه كان بطيئاً للغاية، إذ كان الحوثيون يتقدمون نحو السلطة لمدة ثلاث سنوات في تلك المرحلة.
ومنذ أول قتال مباشر بين الحوثيين والسعودية على الحدود المشتركة في عام 2010، أولت إيران اهتماماً أكبر للحوثيين بإرسالها سفينة تجسس قبالة الساحل الذي يسيطرون عليه، كما أرسلت مستشارين، وأموالاً، وشحنات كبيرة من الأسلحة المتقدمة إلى ميناء ميدي، الذي هو الميناء الوحيد الذي يسيطر عليه الحوثيون باستمرار منذ عام 2010.
طهران سعت إلى مساعدة الحوثيين في التحوّل إلى “حزب الله الجنوبي” منذ عام 2011 فصاعداً
وفي نظرة إلى الوراء، من الواضح أن طهران سعت إلى مساعدة الحوثيين في التحوّل إلى “حزب الله الجنوبي” منذ عام 2011 فصاعداً، مستغلة الفوضى في اليمن التي أحدثتها الانتفاضات العربية والفشل في استبدال حكومة الرئيس صالح بأخرى أكثر استقراراً.
وتعلمنا السنوات العشر الماضية التي تمثلت باحتلال الحوثيين لشمال اليمن المكتظ بالسكان أن الوقاية دائماً أرخص بكثير من العلاج عندما يتعلق الأمر بسيطرة متطرفين عنيفين على الدول، فإزاحة الحوثيين من السلطة ستتطلب الآن جهداً جديداً قد يستغرق عدة سنوات أو حتى عقوداً من الزمن، وربما يشمل العودة إلى الحرب داخل اليمن.
وفي الوقت الحالي، لا أحد مستعد لهذا الاحتمال، ولكن هذه الحرب تقترب بشكل مطرد. ويوماً ما سيطالب الحوثيون بشيء لن تقبله أيّ دولة في المنطقة مثل تفويض مطلق للسيطرة على حقول النفط والغاز اليمنية في مأرب، أو اتصالات جوية وبحرية غير مراقَبة مع إيران.
وتعلّم الحوثيون أن التهديدات تؤتي ثمارها، ولكن في النهاية سوف تضطر الدول المجاورة إلى إظهار خداع الحوثيين ومواجهة هذه التهديدات، ولكن الحوثيين نادراً ما يهددون دون أن يكونوا جادين عندما يتعلق الأمر بالحرب. وسيكون هناك صراع إرادات.
ويرى نايتس أن مأساة اليمن هي أن القوات التي تقودها الإمارات في اليمن قد أنجزت معظم العمليات العسكرية الصعبة التي تمثلت بإبعاد الحوثيين عن ساحل البحر الأحمر.
وكانت هناك فرصة سانحة بعد أربع سنوات فقط من حكم الحوثيين لقطع الصلة بينهم وإيران. ولم تكن هناك حاجة من أي جندي أو بحار أو طيار أميركي التدخل لتحقيق ذلك.
إزاحة الحوثيين من السلطة ستتطلب الآن جهدا جديدا ربما يشمل العودة إلى الحرب داخل اليمن
وكل ما كان على الولايات المتحدة فعله هو البقاء بعيداً عن الطريق. لكن ذلك لم يحدث، وبدلاً من ذلك، أبرمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأمم المتحدة “اتفاقية ستوكهولم ” في ديسمبر 2018 والتي أعادت فعلياً ساحل البحر الأحمر للحوثيين.
وكانت العديد من المناطق التي يشن منها الحوثيون اليوم هجماتهم الأكثر فعالية على الشحن العالمي تحت السيطرة الإماراتية واليمنية في عام 2018، قبل كارثة “ستوكهولم”.
واليوم، تجني الولايات المتحدة بجدارة ما زرعته في البحر الأحمر. ففي يونيو، طارد الحوثيون حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس أيزنهاور” خارج البحر الأحمر بوابل من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن.
وعلى الرغم من أن الحوثيين يشنون اليوم هجمات أقل كثيراً مما كانوا يفعلون في بداية الصيف (عندما شنوا حوالي 12 هجوماً في أغسطس مقارنة بأكثر من 40 في يونيو)، إلا أن هذه الهجمات أصبحت أكثر تعقيداً نظراً إلى أن الوجود البحري الدولي في البحر الأحمر ضعيف للغاية، وبالتالي يستطيع الحوثيون الجمع بين السفن الاستطلاعية والزوارق غير المأهولة المتفجرة والطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للسفن بحرية تامة.
ويقول نايتس إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه الولايات المتحدة واضح: لا تشتكي من قيام حلفائك بالمزيد بما هو ضروري لضمان أمنهم الخاص، ثم تلقي باللوم عليهم عندما يفعلون بالضبط ما أردت.
ويضيف أنه على الولايات المتحدة إما أن توفر الأمن أو تبقى بعيدة عن الطريق بينما تتولى الدول الإقليمية القيام بذلك بنفسها.
السنوات العشر الماضية التي تمثلت باحتلال الحوثيين لشمال اليمن تعلمنا أن الوقاية دائماً أرخص بكثير من العلاج عندما يتعلق الأمر بسيطرة متطرفين عنيفين على الدول
وبالنسبة إلى الحوثيين، كانت السنوات العشر الماضية فترة من النمو غير المسبوق، وخاصة في العام الماضي منذ هجمات السابع من أكتوبر على إسرائيل…