نبيل سبيع
كانت حياتنا صغيرة
وطيبةَ القلب
لم تكن تتجوَّل هكذا في الأنحاء بحثاً عنا
بوجهٍ غاضب
وفي يدِها هراوة.
كنا أطفالاً صغاراً
نستيقظ مع بزوغ الفجر
ونخرج إلى الحياة مبتسمين
لنملأها بالأجنحة والزقزقة
والفرح
مثل كل عصافير قريتنا.
وكنا نعود إلى بيوتنا مع غروب الشمس
بدون إخفاقات تستحق الذكر
ولا جراح من ذلك النوع
الذي يترك ندوباً على الروح
أكثر مما يترك على الجسد.
كنا نغرق في نومٍ عميق
بمجرد أن تمتد أيدي أمهاتنا إلى الفوانيس
لتطفئها.
ولم نكن أصلاً بحاجة لضوء الفوانيس
لكي نتصالح مع الظلام
وننام بسلام
فقد كان لدينا على الدوام
ذلك الضوء الخافت والجميل
الذي كان ينبعثُ طوال الوقت
من قلوبٍ أمهاتنا.
كان النومُ صديقنا
لأنَّ اليقظةَ كانت صديقتنا أكثر
كنا ننام ببساطة
وكأنَّ المسألة لا تتطلّب منا
أكثر من وجود الجفون.
وكنا نستيقظ ببساطةٍ أكبر
وكأنَّ الحياة لا تتطلّب منا
أكثر من وجود أمهاتنا.
كانت حياتنا هادئةً وخافتة
وكأنَّها تحدثُ في السرِّ.
كانت حياتنا جميلةً ورحيمة
وكأنَّها تحدثُ في قلوب أمهاتنا
بدلاً عن العالم.
(نبيل سبيع)
نبيل سبيع