ضع اعلانك هنا

الخوخة تنعي ذاكرتها

الخوخة تنعي ذاكرتها..

 

رحل اليوم المعمر التهامي ابن مدينة الخوخة الحاج ابراهيم زبيطو عن عمر يزيد عن 120 عاما.

التقيه قبل 3 سنوات وأجريت معه حوارا قصيرا عن ذكرياته وجزءا يسيرا من قصة حياته ومدينته، وقد وددت لو أطيل الحديث معه لكنني خشيت أن أثقل عليه فاكتفيت ببضع أسئلة وصورتين.

 

منذ 100 عام بنى زبيطو حانوته الصغير في السوق القديم بمدينة الخوخة واقتعد كرسيه الخشبي قرب الباب، وعلى مدى قرن لم يتوقف عن الدوام ولم يشأ أن يحصل على إجازة أو تقاعد.

 

تغيرت دول وحكام، ومر على مدينته الساحلية عسكر كل دولة جديدة من الأتراك إلى عكفة نظام الإمامة إلى جيش الجمهورية ثم مليشيا الحوثي وآخرها قوات المقاومة، ومع كل متغير وحدث كان زبيطو ثابتا في ركنه المعتاد يراقب تبدل الأزمان وتغير الأحوال.

 

ورغم سنوات العمر الطويل، ظل محتفظا بصحته وسمعه ونظره وذاكرته ودعابته التي لا تفارقه، فحين تسأله عن عمره يقول لك مع ابتسامة لطيفة وبلهجته التهامية: سبع سنه.

 

وبقدر دهشة تساؤلك وأنت تشاهد رجلا من العهد القديم، كيف ظلت حواسه وفية معه لم ينل منها الزمن؟ إلا أن وفائه لمهنته وحانوته ومدينته لقرن كامل دهشة أخرى.

 

في المرة الأولى التي زرت فيها الحانوت وجدت مسنا بظهر محني يبيع السمن والحاجيات القديمة وينشغل بترتيب بضاعته، فسلمت عليه ظنا مني أنه الحاج ابراهيم زبيطو، ولم يكن ذلك سوى ابنه البالغ 75 عاما، وقد ابتسم لي وأخبرني أن والده يمر بوعكة صحية منعته عن الدوام.

 

لأعود وألتقيه لاحقا وقد استعاد عافيته واستعاد الحانوت روحه بوجوده. لكنه اليوم يفقده للأبد وتفقده الخوخة كلها.

 

رحمة الله تغشاه

 

علي جعبور

ضع اعلانك هنا