أريد أن أتحدث من قلبي بلغة غير منتظمة وكلام غير مرتب، وأعتذر اني اوردت كلمة مرتب في سياق هذا الحديث الذي لن يكون مفيدًا لان هذه الكلمة تجرح قرابة عشرة ملايين بني أدم.
في حديثي هذا سأحاول تشريح الحياة التي نمر بها لا ادري كيف أستطاع الكيبورد ان يطلق كلمة وظائف أعضاء بعد كلمة تشريح رغم اني اريد ابتعد كثيرًا عن تلمس أوجاع الناس، حتى لا افتح الجروح التي تغرقهم في وضع خالي من الوظائف ، لكن الكيبورد يريد أن يثبت مدى إطلاعه وعمقه في العلوم الحديثة.
في الخامسة من عمري دخلت المدرسة كانت اول يوم أشبه بمحاولة بائسة لإنتاج طفل لا يحب أن يعرف شيء من مكان واحد في مدة أقصاها سبع ساعات يومياً كنت أكثر تذمرًا من هذا الوضع الحماس الذي حملنا إلى المدرسة هو ذاته من حرضني على كراهيتها لكن بطريقة أخرى حدث تفاعل للعناصر المحيطة وانتج ذلك الكره ، ان تأتي إلى مكانٍ ما وتحمل الكثير من الحماس ليقتله مُدرس جاء ولم يغسل حتى وجهه ومنظره أقرب إلى السجان منه إلى المعلم … بحاول تبسيط الفكرة أو بالأصح بحاول أفلسفها عندما تأتي إلى مكان كان في نظرك لما سمعت عنه انه مصنع العقول والوعي ومصنع الذائقة للأشياء الجميلة، وتحاول تأتي بهندام نوعاً ما أنيق ومرتب وتجد أمامك شخص بعيد كل البعد عن ما سمت، وتجد نفسك في مكان لا تكاد تصدق ان بإمكانك الخروج بفائدة منه..
في المدرسة القريبة من قريتنا والمكونة حينها من ثلاثة فصول والتعليم فيها إلى مستوى سادس إبتدائي يعني ستة مستويات قسمة ثلاثة فصول … كان نصيبنا دوماً الدراسة في العراء تحت حرارة الشمس والجو المحيط المليئ بالفوضى علاوة على ذلك كنت غير مقتنع ان الإنسان يمكن له أن يتعلم الكثير من الأشياء في مكانٍ واحد فما بالك بأن يكون هذا المكان في الصفيح واشبه بحضيرة حيوانات..
كرهت المدرسة والمدرس لم أكرههم لكونهم كذلك بل لأنهم بيعدان كل البعد عن أسمائهم ، كان ابي يؤدي دور المهتم بي ويقوم بتعليمي في المنزل ما أستطاع، حيث كان يرى بعد المحاولات العديدة الفاشلة في تلقيني اني لا أصلح للتعليم ( ثنتين كَسب وروح ارعي ) كانت دائمًا تتردد هذه الجملة ، أن نحكم على الطفل بالفشل دون دراسة سبب فشله أو إهماله إن صح التعبير فهو قتل متعمد ..
ذات المدرس الذي كان يعلمني اكتشفت مؤخراً انه لم يحصل على أي تحصيل علمي، فمرحله خطيرة من مراحل حياة الفرد يبنيها شخص بهذا المستوى من الجهل أكيد سيكون الناتج فشل، وانا الاحظ الأطفال هنا في المانيا استغرب أنهم لا يدرسون بل يتعلمون لا يتم سجنهم لسبع ساعات بين أربعة حيطان بل يتنزهون مع معلمتهم ويلعبون ويستمتعون ، نحن كنا كل يوم نتعرض للضرب من قبل المعلم ..
صعب جدًا أن تتذكر مرحلة صعبة كهذه .. مرحلة أنتجت منا جيل لا أدري ماذا يمكن تسميته ، إن مرحلة الدراسة الإبتدائية هي أصعب مرحلة في حياة التلميذ يجب أن يتسم المعلم بصفات الأم اولاً قبل أن يكون مُدرس لا ان يكون مجرد سجان وجلاد فبذلك الأسلوب التعنيفي لن ينتج طالب مثالي أبدًا
اليوم الأول من حياتي الدراسية كانت أطول يوم عشتها في حياتي … اما ما جاء بعده من ايام سأتحدث به لاحقاً ..
حسين مقبل