خلال كلمته في المؤتمر الدولي في اليابان “علوش: آن الأوان لتحرك دولي عاجل لإجبار الاحتلال على وقف الانتهاكات بحق عمالنا”
طوكيو – رام الله: أكد السكرتير العام لاتحاد نضال العمال الفلسطيني محمـد علوش، بأن واقعنا وظروفنا العمالية صعبة، وأن هناك حصاراً اسرائيلياً مشدداً وإجراءات عقابية يقوم بها الاحتلال، الذي حرم عمالنا من الحق في العمل، حيث فقد قرابة النصف مليون عامل فلسطيني وظائفهم في سوق العمل الإسرائيلي، الى فقدان عشرات الالاف من فرص العمل في غزة وفي الضفة نتيجة التدمير والتخريب الممنهج لقطاعات العمل والتنمية والمشاريع الاقتصادية والاستثمارية الفلسطينية والتي دمرها الاحتلال بشكل كامل في ظل الاجتياحات المتلاحقة وفي ظل سياسة الحصار وتقطيع الأوصال وعزل المدن والتجمعات الفلسطينية، وتكريس الاستيطان الاستعماري على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال علوش، خلال كلمته في المؤتمر الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطيني، والذي نظمه حزب الحركة من أجل الاشتراكية في اليابان، صباح اليوم الأحد، اننا في اتحاد نضال العمال الفلسطيني، ونحن نشارككم أعمال هذا المؤتمر، الذي يمثل عنواناً للنضال الأممي المشترك في مواجهة الهيمنة السياسية على القرار الدولي من خلال ما تقوم به القوى الاستعمارية الامبريالية وأدواتها المتمثلة بالبنك الدولي وصندق النقد الدولي من أجل خلق سياسات اجتماعية واقتصادية لإجهاض النضال من أجل العدالة الاجتماعية وتكريس الهيمنة والوصاية والتبعية والافقار والنهب، وتدمير مشاريع التنمية الوطنية وبنيتها في بلداننا خاصة، وفي العديد من بلدان العالم لفرض ارادة النظام الامبريالي الاستعماري ضد شعوبنا وادامة احتلالها وافقارها لشعوبنا، والهيمنة على مقدراتها وثرواتها القومية.
ووجه علوش التحية للمؤتمر والذي يضم حشداً واسعاً من القوى والأحزاب اليسارية والاشتراكية والمنظمات للعمالية، باسم الطبقة العاملة الفلسطينية، وباسم اتحاد نضال العمال الفلسطيني، قائلاً: نحييكم رفاقنا الأعزاء، وأنتم تعقدون هذا المؤتمر للتضامن مع عمال وشعب فلسطين، ومع القضية الفلسطينية العادلة، على مدار يومين متواصلين، تأكيداً منكم على مواقفكم المبدئية الثابتة ورفضكم الطبيعي للاستغلال والاحتلال والهيمنة الاستعمارية والوحشية الامبريالية التي تتجلى في الحرب الدموية الإرهابية والابادة الجماعية التي تقوم بها اسرائيل ككيان قائم بقوة الاحتلال على الأرض الفلسطينية، بدعم مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الغاشمة التي وقفت عكس تيار التاريخ ووقفت مع الظلم والقهر والاستبداد والغطرسة الاستعمارية، مستعيدة بذلك عقليتها الاستعمارية التي لم تسطع التحرر منها، وهو ما يخالف مواقف غالبية الشعب الأمريكي الذي يرفض الحرب ويطالب بالسلام والاستقرار.
وأضاف علوش، تواصل إسرائيل حربها التدميرية الشاملة في مواجهة شعبنا الأعزل، حيث اتخذت من الدعم الغربي والأمريكي ذريعة لارتكاب أفظع جرائم الحرب في العصر الحديث، حيث ترتكب يومياً مجازر مروعة بحق المواطنين الذين تلاحقهم صواريخ وطائرات ودبابات الاحتلال من منطقة الى أخرى في قطاع غزة المدمر كلياً، والذي بات غير قابل للحياة، بفعل الممارسات العدوانية الغاشمة، وما تخلفه آلة الحرب الهمجية من دمار شامل على كل المستويات، في استهداف مباشر للأحياء والتجمعات السكانية، وتدمير البنى التحتية والجامعات والمدارس ودور العبادة والمتاحف وملاعب الأطفال، والمشافي والعيادات الصحية، ومراكز الايواء والمؤسسات الدولية الاغاثية والإنسانية التي لم تستلم من نيران وقصف الاحتلال المدجج بالأسلحة الامريكية وغيرها التي تقدم من قبل العديد من البلدان لإسرائيل في مخالفة لكل القوانين والقرارات الدولية.
وأكد علوش أن الشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة الجماعية والتطهير العرقي وكل ممارسات الحرب الكولونيالية، في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية واجهاض المنجزات الوطنية الفلسطينية، ومواجهة الإرادة الدولية والقرارات الدولية، وخاصة في ظل تنامي الدعم العالمي للقضية الفلسطينية والاعترافات المتواترة بدولة فلسطين من بلدان العالم المختلفة، الى جانب مكانتها السياسية والقانونية في الأمم المتحدة، وكذلك في المحافل الدولية المختلفة وبشكل خاص في محكمة العدل الدولية بناء على الدعوى القضائية التي تقدمت بها حكومة جنوب افريقيا فيما يتعلق بملف جرائم الحرب والإبادة في غزة، كذلك في المحكمة الجنائية الدولية بهدف محاكمة مجرمي الحرب من قيادات إسرائيل وحكومتها الفاشية والعنصرية وجنرالات جيشها الذي يمارس إرهاب الدولة المنظم تطبيقاً لسياسات وقرارات ما يسمى بمجلس الحرب في حكومة إسرائيل.
وقال علوش: في ظل هذه الأوضاع القاسية والمؤلمة والظروف الاستثنائية الراهنة، وأمام إصرار حكومة الاحتلال الفاشية والعدوانية على مواصلة ارتكاب هذه الجريمة النكراء بحق شعبنا الأعزل وطبقته العاملة التي دفعت ثمناً باهظاً للعنصرية الإسرائيلية المتنامية والتي تغذيها عقلية هؤلاء الفاشيين الذين يقودون الحكومة الإسرائيلية.
وأكد علوش أن الدول الرأسمالية والامبريالية تتحكم في إدارة وتسيير صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، وغيرهما من المنظمات والهيئات الدولية التي أدّى تطبيق تعليماتها وشروطها إلى ارتفاع حجم ونسبة البطالة والفقر والتخلف وتقويض قطاعات الفلاحة والصناعات التحويلية، وإلى زيادة تحكُّم الشركات العابرة للقارات والمصارف الأجنبية في ثروات البُلدان المُقْتَرِضَة، وقد أظهرت التجارب دَعْم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدّولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية أنظمة الاستبداد والاستغلال الفاحش والاضطهاد وسياسات القمع والسجون والاغتيالات والتصفيات السياسية للمعارضين النقابيين والمُنْتَمِين للتنظيمات التقدّمية في أمريكا الجنوبية وفي آسيا وإفريقيا، وفي الوطن العربي، وبالمُقابل دعمت هذه المُؤسسات الدّولية الفساد وتواطؤ الأنظمة الحاكمة وفئة من البرجوازية الكُمْبْرادورية (التي تُمثل المصالح الأجنبية) لسيطرة الشركات العابرة للقارات على الثروات الطّبيعية والمعادن والأراضي الصالحة للزراعة والأسواق الدّاخلية، ما يؤدّي إلى زيادة عدد النازحين من الأرياف نحو الضواحي الفقيرة للمُدُن الكبرى، وزيادة الهجرة غير النظامية، وإلى زيادة القمع.
وأوضح علوش بأن علينا جميعاً التأكيد بأن الدّور الأهم للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، هو العمل على هيمنة الأيديولوجية والسياسات الاقتصادية النيوليبرالية، وعقد الصفقات المالية مع الحكومات الفاسدة والمُطَبِّعَة مع الكيان الصهيوني، وَيَفْرِض على الدّول المُقْتَرِضَة تطبيق برنامج التَّكَيُّف الهيكلي الذي يتضمّن خفض الإنفاق الحكومي والخصخصة، وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية وخفض قيمة العُمْلَة وخفض عدد الموظّفين وما إلى ذلك، غير إن البدائل المطروحة على مستوى دولي بقيت داخل المنظومة الرّأسمالية الليبرالية.
وأردف علوش بأن الحرب على غزة وعلى الشعب الفلسطيني هي حرب كاشفة، وقد كشفت بما لا يدع مجالاً للشكل طبيعة الدور الذي تلعبه الإدارة الأمريكية وحلف الناتو والقوى الغربية والرجعية في دعم إسرائيل لممارسة أبشع الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية، دون أي رادع دولي، لإجبار جيش الاحتلال وحكومته الفاشية على وقف الحرب ووقف اطلاق النار والذهاب نحو تحقيق التهدئة الشاملة والمتوازنة التي تضمن عدم الاستمرار في تنفيذ الجرائم وحرمان الملايين من أبناء شعبنا من حقهم بالعيش بسلام واستقرار وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
ووجه علوش نداء الى الحركة العمالية والى كل القوى المحبة للعدالة والسلام من أجل بناء جبهة عمالية عالمية لمناصرة القضية الفلسطينية، واسناد وتمكين شعبنا من أجل أن ينال حريته على أرضه، مؤكداً انه لا سلام ولا استقرار في العالم وفي المنطقة الا بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً ومتوازناً، يوفر لشعبنا حقوقه الوطنية العادلة والمشروعة والتي يناضل في سبيل تحقيقها على مدار عقود طويلة من النضال في مواجهة النظام العنصري في إسرائيل، حيث حانت لحظة التاريخ من أجل العدالة لفلسطين لتعيش بحرية وكرامة وطنية وإنسانية وبسلام حقيقي ينهي كل هذه المآسي والويلات التي ألمت بنا منذ وعد بلفور المشؤوم وإقامة الوطن القومي لليهود دون وجه حق على أرضنا وفي أكذوبة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
وختم علوش كلمته بالقول: نناديكم من أجل أن تكونوا مع الحق ومع الحقيقة ومع الانصاف.. لنناضل معاً من أجل مستقبل أفضل لشعوبنا وللإنسانية جمعاء.