القفر.. من معاقل حمير ومضارب اليحصبيين.. حيث تضرب قواعد المجد التليد لحضارة يمنية ضاربة في التاريخ.
تنبسط القفر على مهاد ووهاد وأودية وهضاب نازلة من علِ عند أوابد يحصب يريم وتسترسل امتدادا حتى تتوغل في سحول ذي الكلاع متاخمة للعدين من رأسها في أطراف الحزم الشمالية متداخلة مع أطراف حبيش.
أهلها هم أهل حضارة وعمران وزراعة وتمدن وتجارة. وهم الذين نحتوا في جوف الصخر وجباه الجبال جروفا ومهدوا غرفا هي إلى اليوم شاهد حي على أسلاف لا يموتون بالانتقال من الدنيا.
والقفر.. بلاد قلاع وسدود وحصون. مديرية في موضع درة التاج على رأس خضراء اليمن إب. وهي من بلاد يحصب السَفِل (الأسفل)، مركزها مدينة رحاب، ومبسوطة إلى 15 عزلة إحداها حِميَر.
ومن مناطقها ومعالمها الذائعة حصن وعلان وبلاد إريان وجرف اسعد والحمامات الطبيعية؛ نحو 12 حماما طبيعيا موثقة في كتب التاريخ.
بلاد اجتمع لها وفيها صيت التاريخ وصوت العلم وأعلام القيادة وعلماء الإفادة. وهي على ذلك مخزن رجال ومصنع أبطال وذخيرة في عهدة سبتمبر العظيم واليمن الجمهوري.
وإلى هذه البلاد الحميرية ينحدر أعلام يحصبيون ساركت بأخبارهم الركبان وملكوا البلدان ودان لهم سلطان وحكم الأندلس. وقد ذُكر العديد من أعلام يحصب في القرن الخامس والسادس الهجري، والذي هاجر أبائهم إلى الأندلس واستقروا فيها، ومن هؤلاء:
أحمد اليحصبي: (توفي 433هـ/1041م) أحمد بن يحيى اليحصبي، أبو العباس، تاج الدولة: من ملوك الطوائف بالأندلس كان صاحب لبلة ونواحيها مثل ولبة وجبل العيون وما حولهما. وكان في لبلة أيام الفتنة التي اضمحلت على أثرها دولة بني أمية، فثار فيها، وبايعه أهلها، وتابعهم سكان أطرافها (سنة 414هـ)، فعمَّ بلاده الهدوء والرخاء في أيامه، وكان محسناً ناظراً في إصلاح بلاده، ولم يكن له عقِب فعهد إلى أخ له اسمه محمد. وتوفي بلبلة.
2- إسماعيل اليحصبي: (توفي 528هـ/1133م) الفقيه الأديب النحوي إسماعيل بن علي بن محمد بن علي بن عبدالله ابن محمد بن يزيد السعدي اليحصبي، أبو الوليد. روى عن الوليد هشام بن أحمد وسكن حصن الفيداق (الأندلس) ومات به.
ونقرأ في “معجم البلدان والقبائل اليمنية”؛ القفر: بفتح فسكون. أرض واسعة في منطقة يحصب السِفْل. تمتد من جبال يريم شرقاً حتى جبال وصاب العالي غرباً؛ ومن مغرب عنس شمالاً حتى المخادر جنوباً، وهذا القفر هو ما يقال له (قفر حاشد) أو ما كان يسميه الهمداني (الوحش بلد حاشد). ومنطقة القفر شديدة الحرارة.
وفي أسفلها من جهة الغرب تجتمع روافد وادي زبيد النازلة من عتمه ووصاب ومغرب عنس وجبال يريم وجبل المخادر. وسميت القفر نسبةً إلى (يحصب) بن دهمان بن مالك بن سعد بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة، وتنقسم يحصب إلى قسمان يحصب العلو ويشمل بلاد جهران وبلاد ذمار ومدينة يريم، ومعظم منطقتها.
ويحصب السفل ويشمل منطقة سمارة (جبل صيد) وإلى السحول من أرض ذي الكلاع، وقد ذكر الحجري أن من يحصب العلو قرى: (كتب) و (منكث) و (ماور) و (يريم) وغيرها، وذكر الهمداني أن من يحصب السفل (الواديان الصنع وشيعان، وغيرهما)، وهذا ما ذكره المؤرخ المرحوم محمد يحيى الحداد.
لا عجب إذا أن رجال وأقيال القفر ما هادنوا ولا لاينوا الحوثيين ولا استقر لهؤلاء الدخلاء الجهلاء الطارئين على اليمن وعلى الزمن.
منذ يومهم الأول في القفر لم يستقر للحوثيين قرار ولا طاب لهم مقام ولا يزالون عرضة للطرد والنبذ والدحر جولة إثر جولة.
انتفاضة قبائل ورجال القفر اليحصبية السحولية الكلاعية الحميرية لن تخمد أو تخبو حتى تقتلع العدوان الهمجي وقطعان الكهنوتيين الموعودين بأيام سوداء حتى يسعيد اليمنيون يمنهم وحتى تردددي أيتها الدنيا نشيدي.
كتب/ أمين الوائلي