ضع اعلانك هنا

الحرب في سوريا: تعقيدات الجيوسياسية ومستقبل المنطقة…

كتب / عبدالحليم صبر…

في حديث لنتنياهو قبل أيام، حذر الأسد: يجب أن يفهم أنه يلعب بالنار. في سماء حلب، أوصل أردوغان عبر المسيرات الرسالة للنظام السوري، ومن الأرض عبر الفصائل المسلحة، هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة وأجناد الشام، القاعدة، أجناد القوقاز، وكثير من الفصائل الإرهابية.

أردوغان، يشغله اللاجئون السوريون منذ بدء الحرب، ويشغله أكثر الأكراد، وهي قضية بجذور معقدة من قبل الحرب السورية.

إسرائيل، تتطلع لكبح عناصر حزب الله داخل سوريا في سياق حربها التي تقودها ضد أذرع إيران في المنطقة، بما يمنحها الأمان في عدم نقل السلاح من سوريا إلى لبنان، وهو ما يمثل منعطفًا هامًا في إعادة خريطة الجيوسياسية للمنطقة، تحددت فيه بالتدريج معالم الخطوط منذ ٧ أكتوبر.

التعقيدات في سوريا بظروفها الجيوسياسية لا تختلف عما يحصل في الوطن العربي، ولكننا لا نستطيع نكران أنها تتلاقى وتتقاطع بأدواتها التي خلقتها مصالح أمريكا، روسيا، تركيا داخل الوطن العربي.

ولا شك بأن تلك الدول شكلت هذه الأدوات بالصبغة الدينية باختلافاتها والتي صارت تيارات تتجاوز الحدود بمختلف التوجهات، ولا شك أيضًا أن إيران وقطر وتركيا ترعى هذه التيارات الإرهابية، وبالتالي من غير المعقول تأييد التيارات الإرهابية في حربها في سوريا أو في اليمن، ووجود أذرع حزب الله في ميدان القتال إلى جوار نظام الأسد، من غير المعقول أيضًا أن تستبدل بمليشيات إرهابية أخرى، مهما كانت قساوة وقمع ودكتاتورية النظام القائم.

وإذا تركنا هذا الميدان الشديد بالغموض والتعقيدات في سوريا، وانتقلنا إلى الميدان اليمني كمقاربة للذين تغلبهم العاطفة ويتمنون أن تكون نموذج تحرير حلب لرغبة في تحرير صنعاء، لرفضنا رفضًا قاطعًا أن تكون داعش والقاعدة هي من تقود الحرب ضد الحوثيين ولرفضنا تمامًا أن تكون في صف الشرعية، مهما بلغ ضعف الأخير. كما تكشف هذه المقاربة أن من تلتقون معهم اليوم في إسقاط النظام السوري، يتقاطعون معكم في موقفهم المؤيد للعصابات الحوثية الإيرانية في اليمن، وهو موقف واضح لكل من أمريكا وقطر وتركيا اللواتي يدعمن بقاء العصابات الحوثية الإيرانية في اليمن.

يقتضي حرب المليشيات والتيارات الإرهابية في أي بلد ما، أدوات وطنية واضحة مهما بلغت كلفة الحرب، ومهما تداخلت مصالح الخارج فيه، بحيث يصبح هدف الحرب هو السلام الدائم، وبحيث يصبح مستقبل هذا البلد مرهونًا بتضحيات أبنائه. فضلاً عن بقاء النظام السياسي متماسكًا بالحد الأدنى من المسؤولية، بدلاً من الانهيار الكلي للبلد.

وبعيدًا عن هذه المقاربة التي حاولت فيها إيضاح الصورة للذين جرفتهم العاطفة تجاه ما يحدث في سوريا، فإن الكتابة هنا تثير سؤالًا على جانب كبير من الأهمية، وهو: إلى أي مدى يمكن أن يصمد النظام السوري امام التكالب الحاصل اليوم، وما هي الخطوط الحمر التي رسمتها أمريكا وروسيا للمعركة ولا يمكن تجاوزها.

إن الحرب في سوريا ليست البداية، وإنما هي في طريق الاستمرار منذ مطلع مارس ٢٠١١م، وبالتالي فإن التأييد أو الرفض للنظام لا يتعلق بالمبادئ ولا بالطموح ولا بالعاطفة، بل يتعلق بفهم الصراع. وعندما نستعرض خارطة الصراع في المنطقة منذ عقد ومدى أهمية بقاء أي نظام رغم دكتاتوريته وقمعه في وجه المشاريع الخارجية، فإننا لا نستطيع إلا أن نؤمن ونقول المجد لسوريا ولشعبها ولشرعيتها في وجه كل الأدوات والعناصر الإرهابية، وضد المشاريع التمزيقية للأوطان. حفظ الله سوريا.
—————–
تنويه : المقال يعبر عن راي الكاتب..

ضع اعلانك هنا