كتب – محمد ناجي..
في هذه المرحلة التي تسبق الانتصار الشامل والسيطرة الكاملة على جميع الأراضي السورية هي مرحلة حساسة للغاية وبما أن الاحداث الحاصلة تشير بأن سوريا اليوم تعيش هذه المرحلة الدقيقة والحساسة بعد سنوات من الحرب والصراع الداخلي، التي تركت آثارًا عميقة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل الانتصارات التي حققها الشعب السوري والأحرار في مواجهة الظلم والطغيان، أصبح من الضروري أن يركز الطرف المنتصر على إزالة التخوفات الداخلية والخارجية، وتقديم الطمأنينة لجميع الأطراف المعنية، سواء داخل سوريا أو على الصعيد الدولي والإقليمي.
إزالة التخوفات الداخلية:
أولًا، يجب على القوى المنتصرة داخل سوريا أن تبذل جهدًا كبيرًا من أجل إزالة المخاوف والقلق بين أفراد الشعب السوري، الذين عانوا من سنوات طويلة من الحرب والمآسي. الناس في سوريا بحاجة إلى الإحساس بالأمان والاطمئنان، وليس فقط من حيث الأمن المادي، بل أيضًا من حيث المستقبل السياسي والاقتصادي. يجب أن تكون هناك خطوات حقيقية على الأرض لضمان المصالحة الوطنية، وإعادة بناء الثقة بين جميع أطياف الشعب السوري، وذلك من خلال ضمان الحقوق والمشاركة المتساوية للجميع في بناء الدولة الجديدة.
طمأنة المجتمع الدولي والإقليمي:
بالإضافة إلى الطمأنة الداخلية، يجب على الحكومة أو القوى المنتصرة في سوريا العمل على طمأنة المجتمع الدولي والدول الإقليمية. تتزايد المخاوف من أن تكرار التجارب السابقة في سوريا قد يؤدي إلى زيادة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، مما سيؤثر على الأمن الإقليمي والدولي. لذلك، من المهم أن تتوجه الحكومة السورية بعد الانتصار إلى المؤسسات الدولية والدول الكبرى برسالة واضحة ومطمئنة، تُظهر التزامها بالحفاظ على السلام والهدوء، والعمل على بناء علاقات إيجابية مع جميع الأطراف.
طمأنة حلفاء النظام السابق:
من جانب آخر، يجب أن يكون هناك جهد لطمأنة الدول التي كانت حليفة لنظام بشار الأسد. هذه الدول قد تكون لديها مخاوف من تغيير جذري في سياسة سوريا الخارجية بعد الانتصار. فطمأنتهم بأن هدف الأحرار في سوريا هو بناء دولة قوية ذات سيادة، تتعاون مع جميع الدول الإقليمية والدولية، دون استثناء، سيكون له دور كبير في إزالة تلك المخاوف وبناء علاقات متوازنة مع هذه الدول في المستقبل. يجب أن تكون الرسالة واضحة: الهدف الرئيسي للأحرار في سوريا هو الحفاظ على السيادة الوطنية للبلاد، وبناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وكرامة الشعب السوري.
الهدف الحقيقي للأحرار: بناء سوريا جديدة:
في النهاية، يجب أن يتحد الجميع حول الهدف الرئيس: بناء سوريا جديدة تقوم على أسس من الحرية والكرامة، وتحرير الشعب السوري من كافة أشكال القمع. هذا يتطلب جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف السورية، سواء في الداخل أو في الخارج، لإنهاء الحرب وبناء دولة تستحق أن تكون نموذجًا للسلام والتعاون في المنطقة. يجب أن يكون الخطاب السياسي والرسمي موجهًا نحو بناء الثقة مع الجميع، والحرص على تفعيل الحوار الوطني الشامل بين جميع القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، لضمان أن تكون سوريا المستقبل هي دولة قوية ومستقرة تحترم سيادتها وحقوق مواطنيها.
ختامًا:
إن المرحلة التي تمر بها سوريا بعد سنوات من الصراع هي مرحلة حساسة للغاية. إن إزالة التخوفات والقلق، سواء داخليًا أو خارجيًا، يتطلب جهودًا استراتيجية وفكرًا سياسيًا بعيد المدى. يجب أن يتوجه الجميع نحو بناء دولة سوريا الجديدة التي تتمتع بالسيادة والكرامة، وتحترم حقوق مواطنيها، مع فتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية والإقليمية…