في سبتمبر / أيلول 2014 انقلب الحوثيون على مخرجات الحوار الوطني وقاموا بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من اليمن، مما أجبر الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي للتوجه صوب المملكة العربية السعودية طالبا منهم مد يد العون .
في آذار / مارس 2015 ، قادت المملكة العربية السعودية تحالفا عربيا بهدف إنهاء سيطرة الميلشيات على اليمن وقطع ذراع إيران في المنطقة .
على وقع العمليات العسكرية للجيش الوطني مسنودا بالتحالف العربي، دحرت الميلشيات من كثير من المناطق التي سيطرت عليها بما فيها العاصمة المؤقتة عدن، بينما لا زالت تسيطر المليشيات على أجزاء من الشمال والشمال الغربي بما في ذلك العاصمة صنعاء والحديدة، في ظل تعنت واضح منها تجاه كل مبادرات السلام.
كل ما سبق ذكره جعل اليمن يمر بأزمة إنسانية صعبة وظروف حرجة لاسيما في ظل تزايد انتهاكات الميلشيات ضد المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم والتي أصبحت تتنامى، لتشمل حالات الإعدام والاخفاء والتهجير القسري بالجملة، بهدف احكام السيطرة على تلك المناطق.
يقول عبدالله وهو من ابناء محافظة الحديدة لصحيفة “جلوب بوست” “سياسة الحوثيين تستند الى العنف والوحشية ضد مناوئيها فهم يعتقدون أن وحشيتهم وإجرامهم هو ما يطيل من امد بقائهم في الحكم” .
مدينة الحديدة التاريخية حولتها الميلشيات إلى سجن أخر فهذه المدينة غالبا ما تدور رحى الحرب في الأجزاء الشرقية والغربية منها، بينما لاتزال احياء ومديريات منها لم تصلها الحرب إلا أن الميلشيات وفقا لأحد السكان الذي فضل عدم ذكر اسمه “اصبحت تبدو كسجن عسكري مفتوح نتيجة لاحتلال المليشيات الحوثية للشوارع العامة والمباني السكنية واعتلائها أسطح المنازل” .
التقينا بأحد الصحفيين اليمنيين ويدعى “مانل” والذي أكد لنا تنامي حالة الرعب لدي سكان الحديدة، مشيرا أن الكثير من الناس لا يستطيعون دخول المدينة أو الخروج منها خوفا من أن توجه إليهم الميلشيات تهمة التجسس.
وتابع مانل “لقد كثفت الميلشيات من حملة الاعتقالات في اوساط المدنيين خصوصا منذ اعلان التحالف العربي بدء العملية العسكرية لتحرير المدينة، وأضاف لقد شاهدت بعيني أشخاص في الشارع يتعرضون للسحب والضرب والسجن فقط لمجرد التقاط صور على هواتفهم .
القلعة التاريخية بجوار سجن المبنى السياسي بالحديدة لها قصة أخرى حيث أن الميلشيات لم تكتف بالسجن التابع للأمن فحولت القلعة ايضا إلى سجن واودعت فيه الكثير من المخالفين والمناهضين لسياستها .
محافظة صنعاء واقع آخر مرير حيث نظم عشرات الشبان والشابات مظاهرة سلمية احتجاجا على ارتفاع الأسعار وانهيار الريال اليمني، فقامت الميلشيات بالاعتداء عليهم بالعصي الكهربائية والهراوات، بالإضافة إلى اعتقال العديد منهم، ولايزال مصيرهم مجهولا حتى هذه اللحظة .
وكانت وكالة انباء سبأ التابعة للميلشيات قد وصفت المتظاهرين “بالمرتزقة والعملاء وأنهم يهدفون لنشر الشائعات وإقلاق السكينة العامة” .
الميلشيات استبقت التظاهرات التي دعا لها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنصب العشرات من نقاط التفتيش على مداخل وشوارع وازقة صنعاء مما تسبب في عرقلة حركة الكثير من السكان والمسافرين .
شخص اخر من ابناء صنعاء يدعى محمد قال لصحيفة “غلوب بوست” بأن وسائل التواصل الإجتماعي تخضع لرقابة مشددة وأن أي شخص يوجه انتقادات للحوثيين يتعرض لعواقب وخيمة” لافتا الى أنه تم اعتقال الآلاف من اليمنيين وايداعهم في السجن بسبب رفضهم لسياسة المليشيا.
كما تطرق محمد ايضا إلى قصة مواطن يدعى “محمد العليي”، قتلته الميلشيات مؤخرا بسبب منشور على صفحته في الفيس بوك انتقد فيه سياسة الميلشيات وتجويعها للشعب.
إلى جانب ذلك تواجه المنظمات العاملة في المجال الخيري والإنساني باليمن الكثير من الصعوبات والتعقيدات نتيجة للقيود المفروضة والرقابة الشديدة من قبل المليشيا، خاصة في ظل صعوبة التنقل بين المدن الخاضعة لسيطرتها، إضافة الى تدخلها المباشر في أعمال هذه المنظمات وعرقلة تحويل المساعدات للمتضررين، مما أثار مخاوف تفاقم وقوع كارثة انسانيه أكبر باليمن.
وقالت مصادر عاملة في المجال الإنساني رفضت الكشف عن اسمها ، لصحيفة “غلوب بوست” أن السلطات الحوثية منعت الموظفين المدنيين في مدينة الحديدة من الانتقال إلى صنعاء، ومضايقتهم واحتجازهم بتهم التجسس.
من جهتها أوضحت مسؤولة ملف اليمن في منظمة هيومن رايتس ووتش “كريستين بيكرلي” ، لموقع “غلوب بوست” أن زراعة الألغام الأرضية والقصف العشوائي للمناطق الآهلة بالسكان وتجنيد الأطفال هي السياسية التي تنتهجها الميلشيات للاستمرار في حكم اليمن .
وقالت ” بيكرلي” أن الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون يجنون من ورائها ارباح طائلة، حيث يقومون بتنفيذ العديد من الاختطافات والاعتقالات التعسفية ، ثم يطالبون أسر وذوي المختطفين بدفع فدية مقابل الإفراج عن ذويهم.
وتابعت “الحوثيين يستثمرون الانتقادات الموجهة للتحالف إزاء حقوق الإنسان في اليمن، لكنهم لا يشعرون بفظاعة الأعمال التي يمارسونها في مناطق سيطرتهم، كأخذ الرهائن ، وتجنيد الأطفال للقتال في صفوفهم، والتعذيب ، والإعدامات، والقصف العشوائي على المناطق الأهلة بالسكان”.
وأشارت “بيكرلي” يصعُب توثيق كافة الانتهاكات التي تمارسها المليشيا ضد المدنيين، بسبب عدد تواجد المنظمات الحقوقية في مناطق التي تسيطر عليها.
وأكدت ان الميلشيات الحوثية رفضت منح تصاريح السفر للمنظمات وأوقفت برامج المساعدات الإغاثية ، ووصل بها الأمر الى مطالبة المنظمات العاملة في مجال المساعدات بدفع ضرائب واتاوات.
سبتمبر نت