منشور برس /“صحيفة الثوري” – تقارير:
خاص —
في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يشهدها اليمن، تبرز قضية العدالة الاجتماعية كأحد التحديات الأكثر إلحاحاً، حيث تتزايد معدلات الفقر والبطالة، ويتسع التفاوت في توزيع الموارد والخدمات الأساسية بين مختلف الفئات والمناطق. ومع استمرار النزاع وتأثيراته، يواجه اليمنيون صعوبة في الوصول إلى حقوقهم الأساسية، ما يجعل الحاجة إلى سياسات عادلة وشاملة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
مفهوم العدالة الاجتماعية
العدالة الاجتماعية تعني تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع فئات المجتمع، وضمان توزيعٍ عادلٍ للموارد والثروات، وتوفير فرص متساوية في التعليم والصحة والعمل، مع حماية الفئات الأضعف من التهميش والاستغلال.
الوضع الراهن للعدالة الاجتماعية في اليمن
تُعد العدالة الاجتماعية في اليمن من أبرز القضايا التي تعاني من تدهور حاد، نتيجة للحرب المستمرة منذ سنوات، والانقسامات السياسية، والتدهور الاقتصادي. فقد انعكس ذلك في تزايد الفقر، وغياب الخدمات الأساسية، واحتكار الثروة والسلطة من قِبَل فئات محددة، مما زاد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبين المدن والأرياف.
1. التفاوت الاقتصادي
يعاني اليمن من تفاوت اقتصادي شديد، حيث تتركز الثروة بيد قلة، بينما تعيش الأغلبية تحت خط الفقر.
انهيار الريال اليمني وارتفاع الأسعار أدّيا إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين، مما جعل الحد الأدنى من العيش الكريم بعيد المنال.
دخل الموظف الحكومي لم يعد يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية لأيام معدودة من الشهر.
2. غياب الخدمات الأساسية
يعاني اليمنيون من نقص حاد في الخدمات الصحية، مع تدهور المستشفيات وضعف البنية التحتية.
التعليم يشهد تراجعاً خطيراً بسبب توقف المرتبات للمعلمين، وانهيار المنشآت التعليمية، وعدم توفر بيئة تعليمية مناسبة.
المياه النظيفة والكهرباء أصبحت رفاهية لا تتوفر إلا في بعض المناطق وبأسعار مرتفعة.
3. غياب تكافؤ الفرص
المحسوبية والفساد يؤثران على توزيع الوظائف والموارد، مما يحد من فرص الشباب والفئات المهمشة في الحصول على فرص عمل متكافئة.
النساء في اليمن يعانين من تمييز واسع في سوق العمل، بالإضافة إلى القيود الاجتماعية التي تحدّ من مشاركتهن الاقتصادية والسياسية.
4. تأثير النزاع على العدالة الاجتماعية
الحرب عززت الفجوة الطبقية، حيث استفاد أمراء الحرب من الصراع، بينما ازدادت معاناة الفئات الأضعف.
النازحون فقدوا سبل العيش ويواجهون ظروفًا صعبة في المخيمات، دون أي ضمانات لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.
آفاق الحلول لتعزيز العدالة الاجتماعية
1. إصلاح اقتصادي شامل
وضع سياسات اقتصادية تضمن توزيعًا عادلًا للموارد، مع تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.
إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية لضمان استقرار العملة ورفع مستوى دخل المواطنين.
تحسين بيئة الأعمال لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها أحد الحلول الفعالة لمكافحة البطالة.
2. تحسين الخدمات الأساسية
إعادة تأهيل البنية التحتية الصحية والتعليمية، وضمان توفير الخدمات الأساسية لكل المواطنين دون تمييز.
صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم، خاصة في قطاعي التعليم والصحة، لضمان استمرار تقديم الخدمات.
3. تحقيق العدالة في توزيع الفرص
إنشاء آليات لضمان تكافؤ الفرص في التوظيف، بعيدًا عن المحسوبية والانتماءات السياسية أو المناطقية.
دعم تمكين المرأة اقتصاديًا وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة.
4. إنهاء الحرب وبناء دولة المواطنة
العدالة الاجتماعية لن تتحقق دون إنهاء الحرب وإرساء دولة تقوم على أسس المواطنة المتساوية، بعيدًا عن مراكز النفوذ الضيقة.
تبني سياسات وطنية تعزز المصالحة والعدالة الانتقالية لضمان حقوق الضحايا وتعويضهم.
ختاماً العدالة الاجتماعية ليست مجرد مطلب نظري، بل ضرورة لبناء يمن مستقر ومزدهر. تحقيقها يحتاج إلى إرادة سياسية، وإصلاحات عميقة، وضغط مجتمعي من أجل نظام يضمن الحقوق المتساوية لكل المواطنين، ويكفل لهم حياة كريمة دون تمييز أو تهميش.