يثير قرار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، مخاوف واسعة من تداعياته السلبية على الوضع الإنساني والتنموي في اليمن، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على المساعدات الخارجية في ظل الأزمة المستمرة منذ سنوات.
ويُعَدّ اليمن من أكثر الدول تضرراً من الأزمات الإنسانية، إذ تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن الأزمة الحالية تعد الأسوأ في العصر الحديث. ويواجه الملايين مخاطر نقص الغذاء، وارتفاع الأسعار، وانهيار العملة المحلية، إلى جانب انتشار الأمراض وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، مما يزيد من معاناة السكان، لا سيما في مخيمات النزوح.
قلق رسمي ومخاوف من تداعيات كارثية
تحذر الأوساط الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في اليمن من التأثيرات الخطرة لهذا القرار، خاصة على المشروعات التنموية في قطاعات الصحة والتعليم والأمن الغذائي. ومع ذلك، استبعد مصدر مسؤول في وزارة التخطيط والتعاون الدولي أن يكون للقرار تأثير مباشر على أنشطة الحكومة اليمنية، موضحاً أن تمويل الوكالة الأميركية لا يدخل ضمن ميزانية الحكومة، كما أن تنفيذ المشروعات يخضع لجهات دولية مثل البنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة، التي تحدد نوعية المشروعات ومواقع تنفيذها.
وكانت الحكومة اليمنية قد وقّعت في أبريل الماضي اتفاقية مع الوكالة الأميركية للتعاون الدولي لتقديم مساعدات تمتد لخمس سنوات، لكن القرار الأميركي الأخير يهدد بإلغائها فعلياً.
اتهامات بتمويل جماعة الحوثي
يرى الباحث اليمني في الشأن الإنساني، إيهاب القرشي، أن جزءاً كبيراً من التمويل الأميركي خلال السنوات الماضية استُخدم لخدمة جماعة الحوثي، مشيراً إلى أن إغلاق الوكالة قد يحد من حصول الجماعة على هذه الموارد، لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات إضافية على المدنيين المتضررين من الصراع. كما أكد على ضرورة تنسيق الجهود بين الحكومة الشرعية والشركاء الإقليميين، مثل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن ومركز الملك سلمان للإغاثة، لضمان استمرار دعم التنمية والإغاثة.
تداعيات اقتصادية ومعيشية
من جانبه، عبّر الباحث الاقتصادي فارس النجار عن مخاوفه من تفاقم الأوضاع المعيشية جراء توقف المساعدات الأميركية، مشيراً إلى أن الوكالة قدمت مساعدات لليمن تجاوزت قيمتها 5.8 مليار دولار، ما يجعل لتوقفها أثراً كبيراً في تراجع التنمية ومضاعفة الأعباء الإنسانية، لا سيما في ظل تراجع المساعدات الإغاثية الدولية خلال العامين الأخيرين.
وفي السياق نفسه، أوضح جبران العمراني، مدير مكتب وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط، أن أكثر من 80% من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية، مما يعني أن توقف التمويل الأميركي سيزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
خيارات وبدائل محتملة
أمام هذا الوضع، تبحث الحكومة اليمنية عن بدائل لتعويض نقص المساعدات، بما في ذلك توسيع التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي، ووكالات الأمم المتحدة. كما تدرس إمكانية الحصول على منح أو قروض ميسرة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والصناديق العربية، إضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على دعم المشروعات التنموية.
ويرى العمراني أن تحقيق ذلك يتطلب تعزيز الشفافية والحوكمة لضمان كسب ثقة المانحين، مشدداً على ضرورة تطبيق إجراءات رقابية صارمة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط..