ضع اعلانك هنا

تهامة فوق الأنا والزعامات ومن يظن نفسه مالكا للنضال مخطئ .!!..

: الكاتب / عبدالمجيد زبح ….

من يعرف تهامة وتاريخها الطويل يدرك أنها أرض صامدة تقاوم المتسلطين والظلم الممنهج والمستمر بصبر. وقد عانت تهامة قرنًا من الإقصاء والتهميش والتسلط السياسي والاجتماعي وعانت من النهب والاعتداء على حقوقها ومن محاولات مستمرة لمصادرة إرادتها وسلب قرارها. ولكن هذه الأرض لم تنكسر بل كانت على الدوام ميدانا للنضال والمقاومة من ثورات القرى في مواجهة القهر والاستبداد إلى صمود الفلاح في مواجهة الظلم الاقتصادي والاجتماعي وصولًا إلى دماء الشهداء التي روت ترابها على مدار أكثر من مئة عام. وكل محطة من محطات النضال هذه شكلت إرادة صلبة لتهامة وصقلت وعيها الجماعي وجعلتها مدرسة للصبر والثبات وأكسبتها روح المقاومة التي لا تموت وأثبتت أن تهامة ليست مجرد مكان بل قضية حية تتحدى كل من يحاول قمعها أو تقليص شأنها.

نعم للواء خالد خليل رصيد نضالي معروف ومواقف سابقة يقدرها الجميع ولا أحد ينكر ما قدمته في مراحل معينة. لكن النضال لا يتحول إلى ملكية خاصة ولا يصبح بطاقة استثمارية تشهر في وجه الآخرين متى ما ضاق الأفق أو تهدد الموقع. فالقضية التهامية أكبر من الأفراد وأسمى من نزعات الزعامة التي تحاول أن تجعل من المشروع التهامي شركة قابضة تدار بأهواء شخصية.

ومنطق أنا النضال وبدوني لا نصر هو منطق مرفوض تمامًا. فالنضال في تهامة بدأ قبل أن تعرف السياسة طريقها إلى القاعات وقبل أن تكتب الشعارات على اللافتات. نضال ممتد من دماء الشهداء الأوائل ومن وجع الفلاح المقهور ومن صمود القرى التي قاومت القهر والنهب والتسلط منذ أكثر من مئة عام. فهل يعقل أن تختزل هذه المسيرة العظيمة في شخص واحد أو أن تتحول إلى مشروع فردي يرهن بمزاج قائد.

فالحراك التهامي ليس امتدادا لشخصك ولا ملكا خاصا بل هو امتداد لروح شعب كامل ناضل وضحى ولا يزال ينزف من أجل كرامته وحقوقه. وإن محاولاتك المتكررة لتصوير نفسك كمنقذ أو كصاحب الامتياز الحصري في هذا الحراك لا تخدم تهامة بل تضعفها وتشتت صفوفها.

لقد كان الشهيد عبدالرحمن حجري رحمه الله مثالًا للقائد الواعي أدرك تناقضات الواقع وتنوع المواقف وتعامل معها بعقل الحكيم لا بعاطفة الفرد ورفض التسلط على القرار التهامي أو مصادرة الإرادة الشعبية. بينما نراك اليوم تتنقل بين المواقف بتناقض لافت تارة تعلن ولاءك للمشروع التهامي وتارة ترهنه لمصالح وأجندات لا تخدم إلا الطامعين والمتسلطين الذين عرفناهم عبر التاريخ كأعداء دائمين لتهامة.

وتهامة اليوم لا تحتاج من يكرر الكلمات الناعمة أو يطلق التصريحات المطاطية بل تحتاج إلى قادة أشداء لا يساومون على مبدأ ولا يخشون قول لا حين تمس تهامة أو تباع قضيتها في سوق الصفقات السياسية. ومن أراد أن يخدم تهامة فليضعها فوق كل اعتبار ومن أراد أن يستخدمها سلما للمجد الشخصي فليعلم أن الشعب التهامي لا يرحم المتاجرين بقضيته.

تقدر تهامة نضال اللواء خالد خليل ونحفظ لك ما قدمته في الماضي ولكن عليك أن تدرك أن التاريخ لا يرحم من يقف في طريق المستقبل. ومن يعتقد أن تاريخه يمنحه حق الوصاية على الناس فعليه أن يتذكر أن تهامة أنجبت آلاف المناضلين ولم تقدس أحدًا. وليس بالضرورة أن تكون من أوائل المناضلين حتى تفرض نفسك قائدًا وليس بالضرورة أن تنتصر تهامة بك. فتهامة ستنتصر بمبدئها وبوعيها وبإخلاص أبنائها لا بأسمائهم ولا بألقابهم.

نعم ضحيت وقدمت لكن من ضحى بحق لا يتحدث عن تضحيته لأن الناس هي من تحفظ ذلك وتكرمه لا هو من يذكرهم به. فإن كنت مؤمنًا بعدالة القضية فاعلم أن تضحيتك جزء من نهر طويل من دماء الشهداء وليست تاجا يعلق على صدرك وحدك.

وما حدث بالأمس وما صدر عنك من ارتجال هو مؤشر واضح على أنك لست المؤهل لقيادة المرحلة. فالمشاريع النضالية لا تنتصر بمن بدأها بل بمن تمسك بمبادئها وحافظ على نقائها وسار عليها بثبات.

ونقولها بصدق لا بعداوة تهامة لن ترتهن لأحد ولن تدار بالعواطف. ومن لا يستطيع قول الحقيقة ومن لا يستطيع مواجهة المتسلطين والطامعين فليتنح احتراما لتاريخه ويفسح المجال لمن يملكون القدرة على المواجهة.

تهامة لا تحتاج إلى مزيد من الشعارات ولا إلى زعامات موسمية بل إلى رجال يقولون ويفعلون يقفون بثبات أمام كل من يحاول سرقة القرار التهامي أو تحويله إلى ملحق لأجندات الغير. فالتاريخ لا يكتب بالأمنيات بل بالمواقف. ومن لا يصلح للمرحلة يجب ان يقول له بكل احترام نضالك محفوظ ولكن مكانك خلف الصف لا أمامه.

صحيح يعز في النفس أن تجرد الأقلام وليس عليك وإنما لقول الحقيقة التي لم تعد تسمع إلا على الملأ ويجب على كل تهامي أن يقولما يرى من منطلق تهاميته ومظلوميته وإيمان بتهامة هوية وأرض وليس من منطلق تبعية حزبية فتهامة أكبر من الأشخاص وأكبر من المحاباة والمجاملة على حساب تهامة

ضع اعلانك هنا