ابتسام القاسمي / العربي الجديد
أنشئت على “فيسبوك” صفحة تحمل اسم “تيديكس الغلابا” بغرض نشر قصص فشل الأشخاص، والذين كلّما حاولوا النجاح مجدّدا، انتهوا إلى فشل أكثر!
يبدو الأمر أشبه بنكتة؛ فمن الذي يرغب في الحديث عن فشله والتشهير بخيبته على الملأ؟ لكن الطريف أنّ الصفحة خلال يومين فقط، حظيت بآلاف المعجبين والمتابعين، ونشرت العديد من قصص الفشل التي تسابق أصحابها على إرسالها لـ” تيديكس الغلابا”، فيما ينتظر مئات آخرون دورهم لنشر قصص فشلهم، والحصول على شهادة فشل!
بدأ الأمر حينما بدأت فعاليات “تيديكس تعز” في مدينة تعز اليمنية، للحديث عن تجارب الشباب اليمني الناجحة، حيث كتب الصحافي اليمني، مختار عبد المعز (والذي تعود أصوله أيضاً إلى مدينة تعز)، منشوراً على صفحته الشخصية على “فيسبوك”: “مثل ما تيديكس تعطي الناجحين مساحة للتحدّث عن تجاربهم، أنا بعطي مساحة للفاشلين يتحدثون عن تجاربهم، محد أحسن من حد، تحدثوا عن تجاربكم الفاشلة في الحب والعمل والعلاقات الاجتماعية والسفر والغربة والتعليم، كيف بدأت مشوارك بمليون ريال وأصبحت الآن مديون عشرة مليون… كيف درست واجتهدت وجبت بالثانوية ٧٠% وما عجبتك النتيجة وعدت السنة وجبت ٥٢%، كيف فتحت المشروع الأول وفشلت فيه، وفتحت الثاني وفشلت، وأخذت قرض وفتحت المشروع الثالث وبفضل الله ما قدرت تسدد البنك، وحاليا تأنتر (أي تستخدم الأنترنت) من السجن…، الفشل بداية النجاح.. ألهمنا بتجربتك الملهمة.. ).
الطريف أنّ هذا المنشور حظي خلال ساعات بأكثر من ألف تعليق، وأكثر من ثلاثة آلاف تفاعل من الجمهور، ما ألهم كاتبه إنشاء صفحة سماها “تيديكس الغلابا”، هدفها نشر قصص الفشل، لأنه رأى أنّ الكثيرين بحاجة إلى مساحة للتنفيس ومشاركة تجاربهم الفاشلة، يقول مختار: “والله ما أخذلهم، وسأعطيهم مساحة للحديث، وسأعمل لهم شهائد متحدّث بتيديكس الغلابا مثل شهادة تيديكس الأصلي!”. وقد تهافت مئات الشباب على إرسال قصص فشلهم وألحوا على نشرها لدى الصفحة، إذ وجد البسطاء الأُنس بهذه المشاركات والاهتمام من شخص مرّ مسبقاً بتجارب فاشلة قبل أن ينجح، ما جعله يشعر بهم، ويعطى تجاربهم اهتماماً لا تشوبه مقاييس برجوازية في اختيار القصص، فصاروا فخورين بفشلهم وواجهوه.
ينتظر مئات آخرون دورهم لنشر قصص فشلهم، والحصول على شهادة فشل!
يفسّر مختار ذلك بقوله “لقد صاروا فخورين بفشلهم وواجهوه ؛ لأنهم تحرّروا من عقدة الفشل والقيود، وسينتصرون في الأخير؛ فالحكمة تقول: واجه مخاوفك، ما زالت لديّ خمس مائة رسالة لقصص فشل، طلب أصحابها مشاركتها في الصفحة، إضافة للقصص التي ما تزال تتوالى، فقد شجعتهم قصص الغير على أن يعدّوا عيبهم شيئاً يفخرون به، لأنّ المشاركة جزء من الراحة والعلاج النفسي؛ فالفشل سيظل مرّاً إن لم تبتلعه، ولن ينجح الإنسان إلا إذا تقبّل فشله، أما إن ظلّ الإنسان يؤنّب نفسه على فشله، فلن يتمكن من تجاوزه ولن يصل إلى النجاح”، وإضافة إلى تعاطف مختار مع الفاشلين، فهو يأمل أن تصل قصصهم إلى التجار ورجال الأعمال أو المؤثرين؛ فيتبنوا أصحاب القصص ويأخذوا بأيديهم إلى النجاح.
لقد تمكن “تيديكس الغلابا” من جذب الأنظار إليه، وجعل الآلاف يتابعون قصصه ويتفاعلون معها، وسحب البساط من الفعالية الأصلية؛ فهم الأغلبية من الناس الذين لاذوا به من التفرقة المجتمعية التي تدعم الناجحين وتزدري الفاشلين؛ فتزيدهم فشلاً وإحباطاً، وبما أنّ الكثيرين استلطفوا هذه المبادرة، ربما قريباً نرى “تيديكس الغلابا” متحدّثاً عن نجاحه لدى “تيديكس الأصلي”، وبالتزامن مع هذا قد يحكي “تيديكس” الأصلي قصة فشله لدى “تيديكس الغلابا” إلا أنّ منشئ الصفحة يقول “لقد نجحنا في تغيير جو السوشيل ميديا، وهذا يعد مخالفاً لشروط الفشل! لهذا حينما ننتهي من نشر قصص الفشل سنحذف الصفحة لأنها نجحت”.
المادة خاص بالعربي الجديد