ضع اعلانك هنا

قرار الفصل بين طلاب وطالبات الإعلام مقدمة لتحويل جامعة صنعاء إلى مدرسة تقليدية!

د. سامية عبدالمجيد الأغبري

التقيت بطالبات من كلية الطب والعلوم الصحية في أحد المطاعم الخاصة بالطالبات في الجامعة الجديدة، وانتهزتها فرصة لتوزيع استبيان أعددته عن المرأة واستخداماتها لمواقع التواصل الاجتماعي كي يجبن عليه وعرفتهن بنفسي.

وعندما عرفن أنني أستاذة بكلية الإعلام، وكنت ما زلت رئيسة لقسم الصحافة حينها، تساءلن باستغراب عن أسباب قرار الفصل بين طلاب وطالبات الإعلام، وقالت إحداهن: هل حدثت فضيحة أخلاقية أم ماذا؟

فكان ردي بالنفي، موضحةً أنّ طلاب وطالبات الإعلام أكثر رقيًّا ونضجًا ووعيًا، ونادرًا جدًّا ما نجد طالبًا أو طالبة، يتصرف بشكل غير لائق، وإن حدث ذلك يتم زجره وتعنيفه، فقد كنت مسؤولة عن القسم العام وهم ما زالوا طلابًا في السنة الأولى ووجدت علاقة زمالة راقية وتعاونًا علميًّا وثقافيًّا بين الطلاب والطالبات، حتى إن بعض الطالبات كن يجدن الطلاب أكثر تعاونًا معهن من الطالبات.

فأوضحت لهن أنه لا يوجد مبررٌ علميّ أو قانوني أو أخلاقي لقرار الفصل التعسفي والمفاجئ لي كرئيسة قسم وللطلاب والطالبات، وأن ذلك شكل لهم صدمة غير متوقعة، فالقرار لم يتم مناقشته لا مع الأساتذة ولا مع الطلاب والطالبات.

ومع ذلك، فقد بدأ الفصل التدريجي بين طلاب وطالبات الإعلام تدريجيًّا دون أن يدرك الأساتذة والطلبة أن هناك قرار فصل نهائي سيصدر، فقد كانت هناك قرارات تأتي من أعلى وتحذيرات من الملتقى الطلابي بعدم الاشتراك بالتكاليف والبحوث بين الطلبة والطالبات، وأُعِدت كشوف خاصة بالطلبة وأخرى بالطالبات، وهناك مندوب للطلاب ومندوبة للطالبات من أجل التنسيق في القضايا المختلفة.

ورغم ذلك، كانت العديد من الطالبات يشتركن بإعداد التكاليف والبحوث مع طلاب بالاتفاق مع أستاذ المادة دون معرفة الملتقى، خاصة أنّ أكثر التكاليف، وبالتحديد الميدانية، تتطلب تعاونًا بين الطلاب والطالبات. وكان هناك حرية بالنسبة للطلاب أو الطالبات، الذين يريدون العمل بشكل منفصل.

ثم تطور الأمر وصدرت تعليمات فوقية من الجامعة والملتقى الطلابي بالفصل بين الطلاب والطالبات في إعداد مشاريع التخرج، وكانت هذه أكبر مشكلة تواجه الطلاب والطالبات، وخاصة في قسمي الصحافة والنشر الإلكتروني والإذاعة والتلفزيون، وكنا في قسم الصحافة متجاهلين هذا القرار لأنه لا يصب في مصلحة العملية التعليمية، وتركنا للطلاب والطالبات حرية تشكيل المجموعات في مشاريع التخرج، بحيث تشمل طلاب وطالبات أو تكون محصورة بطلاب لوحدهم أو طالبات لوحدهن.

وكانت بعض الطالبات أو بعض الطلاب يحتاجون لجهود بعضهم، فهناك تكامل فيما بينهم في المشاريع، فعند إعداد صحيفة أو مجلة مطبوعة أو موقع إلكتروني، يمكن للطلاب السهر ومتابعة إخراج المجلة مع مخرج مساعد لهم في صحيفة الثورة مثلًا. وبالنسبة للإذاعة فإنّ المشاريع التي تعتمد على إعداد برامج تلفزيونية أو أفلام تسجيلية أو درامية، تستلزم أن ينجز العمل فريقٌ من الطلاب والطالبات، وأدى الفصل إلى اعتماد الطلاب والطالبات على صحفيين وإعلاميين من خارج الكلية.

كذلك الطالبات كن يجلسن في مقاعد منفصلة عن الطلاب ولهن حمامات خاصة ومصلى وكافتيريا خاصة بهن ولا يختلطن بالطلاب إلا في أضيق الحدود، فإذا لاحظ أحد المسؤولين في الكلية أو الملتقى أو الأمن طالبًا وطالبة يتحدثان ولو كان الحديث في جانب علمي أو مهني، يتم تهديدهما ومنعهما من الاختلاط مع بعض لأي سبب كان.

وحتى الرحلات، سواء كانت علمية أو ترفيهية، فممنوع فيها الاختلاط إطلاقًا، بينما كنا في السابق نعمل رحلات مشتركة، ولا يحدث فيها أي أمور مسيئة للطالبات.

لذا لم يكن هناك مبررٌ للفصل، خاصة في ظل الحصار الأمني المفروض على الطلاب والطالبات، ولأنّ البنية التحتية أيضًا للكلية ليست مهيَّأة للفصل، من قلة عدد القاعات والكادر التدريسي وإمكانيات التطبيق العملي.

الذي سيترتب على قرار الفصل، عدم قدرة الطلاب والطالبات على الاستفادة من مكتبة الكلية، وكذلك سيحرمون من الساعات المكتبية المقررة لهم، وهي حسب اللوائح والقوانين ساعة أسبوعية لكل مادة. كما أنهم لن يتمكنوا من اللقاء مع أساتذتهم لمناقشة الصعوبات التي تواجههم في البحث أو عرض مشاريع التخرج، وما إلى ذلك من المسائل العلمية التفصيلية.
وفوجئنا أساتذة وطلابًا وطالبات بجدول الفصل دون قرار رسمي من مجالس الأقسام والكلية يتم تعميمه على الكل، ودون مناقشته قبل إقراره. لذا جاء القرار بتحديد ثلاثة أيام مكثفة للطلاب (السبت والأحد والإثنين)، وثلاثة أيام مكثفة للطالبات (الثلاثاء والأربعاء والخميس).

وأدى هذا القرار التعسفي إلى إعلان الطلاب والطالبات الإضراب عن الدراسة، ووضعوا مطالبهم بتحسين وضع البنى التحية للكلية أولًا، واستمر الإضراب لمدة أسبوع، وأُلزم الأساتذة بالحضور والتوقيع، وتم إبلاغ الطلاب والطالبات بأن المحاضرات لن تعوض. واستمر التدريس بنظام الفصل لدرجة تدريس طالبة واحدة من قبل أستاذ، وعلق البعض على ذلك تهكمًا بأنه “اختلاء بين طالبة وأستاذ”.

وعندما عاد الطلاب والطالبات للدراسة مكرهين، فوجئوا بأنه لن يسمح للطلاب بدخول الكلية تحت أي مبرر في أيام الطالبات، وأيضًا لن يسمح للطالبات بدخول الكلية في أيام الطلاب. من هنا بدأت تظهر سلبيات هذا القرار على العملية التعليمية بشكل كبير.

الذي سيترتب على قرار الفصل عدم قدرة الطلاب والطالبات على الاستفادة من مكتبة الكلية، وكذلك سيحرمون من الساعات المكتبية المقررة لهم، وهي حسب اللوائح والقوانين ساعة أسبوعية لكل مادة. كما أنهم لن يتمكنوا من اللقاء مع أساتذتهم لمناقشة الصعوبات التي تواجههم في البحث أو عرض مشاريع التخرج، وما إلى ذلك من المسائل التفصيلية الصغيرة؛ فوقتُ الأساتذة مزدحم بالمحاضرات.

منع الطلاب والطالبات من الحضور للكلية في غير الأيام المقررة لهم لاستكمال معاملتهم بشؤون الطلاب والكنترول، سيحول الكلية إلى مدرسة تقليدية يتلقى فيها الطلاب والطالبات محاضرات نظرية ولا يجدون إمكانية للتطبيق العملي، سواء داخل الكلية أو خارجها.

كما لم يعد هناك إمكانية للتعامل العلمي والمهني بين الطلاب والطالبات داخل الكلية وتبادل المعلومات والخبرات، والقيام بمشاريع صحفية وإعلامية مستقبلية مشتركة. وتبعًا لذلك لن تكون هناك علاقة زمالة علمية ومهنية بين الجنسين بعد التخرج.

فهل هناك نية مبيتة للفصل بين الجنسين في مجال العمل الصحفي والإعلامي مستقبلًا؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام- جامعة صنعاء.

•••
د. سامية عبدالمجيد الأغبري
أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام- جامعة صنعاء.

ضع اعلانك هنا