هي حملة تدعمها الصين من أجل الهيمنة على العالم وتشمل حزمة تحفيز لاقتصاد عالمي بدأ في التباطئ، مصحوب بحملة تسويقية ضخمة لإحياء طريق تجاري تاريخي يوصل الاستثمار الصيني الى جميع أنحاء العالم.
على مدى السنوات الخمس منذ أعلن الرئيس شي جين بينغ عن خطته الطموحة لربط آسيا وإفريقيا وأوروبا ، تحول المشروع إلى شعار واسع لوصف جميع جوانب المشاركة الصينية في الخارج تقريباً.
الحزام والطريق أو ( yi dai yi lu بالصينية) ، هو “طريق حرير القرن الحادي والعشرين” وهو عبارة عن “حزام” متشابك من الممرات البرية و “طريق” بحري يشمل العديد من الممرات الملاحية يبدأ من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا الشرقية وإفريقيا، ويضم الحزام والطريق 71 دولة تمثل نصف سكان العالم وربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وكل شيء اعتباراً من متنزه ترامب في إندونيسيا إلى معسكر الجاز في شونجكين في الصين يقع ضمن هذا المشروع، وقد تعهدت البلدان من بنما إلى مدغشقر ومن جنوب أفريقيا إلى نيوزيلندا بالدعم الرسمي.
كم من الأموال انفقت على هذا المشروع؟
————————————-
من المتوقع أن تكلف مبادرة الحزام والطريق أكثر من تريليون دولار (760 مليار جنيه استرليني)، وعلى الرغم من وجود تقديرات مختلفة حول مقدار الأموال التي تم إنفاقها حتى الآن الا انه وفقا لأحد التحليلات فقد استثمرت الصين أكثر من 210 مليار دولار حتى الآن معظمها في آسيا، لكن جهود الصين في الخارج لا تتوقف عند هذا الحد، فالحزام والطريق يعني أيضا أن الشركات الصينية تشارك في أعمال البناء في جميع أنحاء العالم على نطاق لم يسبق له مثيل، وحتى الآن حصلت الشركات الصينية على أكثر من 340 مليار دولار في عقود البناء على طول الحزام والطريق، وتأتي هذه الهيمنة على حساب المقاولين المحليين في الدول الشريكة.
ان المبالغ الضخمة التي تكسبها الشركات الصينية تتناقض مع الخطاب الرسمي القائل بأن الحزام والطريق مفتوحان للمشاركة العالمية ويعتقد البعض أن المبادرة مدفوعة بعوامل أخرى غير التجارة، مثل حاجة الصين إلى تشغيل العمالة الفائضة لديها.
ما هي المخاطر على الدول المعنية بالمشروع؟
——————————————
في الآونة الأخيرة ، بدأت بعض الحكومات من ماليزيا إلى باكستان بإعادة النظر في تكاليف هذه المشاريع، ففي سريلانكا على سبيل المثال أجرت الحكومة ميناءًا لشركة صينية لمدة 99 عامًا بعد عجزها عن سداد القروض المالية وهذا مؤشر خطر، وفي وقت سابق من هذا العام وجد مركز التنمية العالمية أن هناك ثمانية بلدان أخرى ضمن مشروع الحزام والطريق معرضة للخطر لعدم قدرتها على سداد قروضه.
تعد الدول المتضررة (جيبوتي ، قرغيزستان ، لاوس ، المالديف ، منغوليا ، مونتينيغرو ، باكستان وطاجيكستان) من بين أفقر الدول في مناطقها، وسوف تدين بأكثر من نصف ديونها الخارجية للصين، ويخشى منتقدو المشروع أن تستخدم الصين “دبلوماسية فخ الديون” للحصول على تنازلات استراتيجية مثل النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي أو الصمت حول انتهاكات حقوق الإنسان.
في عام 2011 ، ألغت الصين ديوناً لم يكشف عنها تدين بها طاجيكستان مقابل 1،158 كيلو متر مربع من الأراضي المتنازع عليها.
لماذا يثير المشروع قلقاً عالمياً؟
—————————–
مع توسع مشروع الحزام والطريق في نطاقه فإن المخاوف من ذلك هي ان يكون شكل من أشكال الإمبريالية الاقتصادية التي تعطي الصين نفوذاً كبيراً على الدول الأخرى والتي غالباً ما تكون أصغر حجماً وأشد فقرًا.
جين غولي، الاستاذ المشارك في الجامعة الوطنية الأسترالية يصفها بأنها محاولة لكسب الأصدقاء والتأثير على الناس. يقول غولي: “لقد قدموا هذه المبادرة الكبيرة للغاية التي أخافت الناس، وبدلاً من استخدام قوتهم الاقتصادية في تكوين صداقات ، فقد عملوا على اثارة المزيد من المخاوف عن كون هدف المشروع هو التأثير على الدول”.
بينما يرى شان وينهوا ، الأستاذ بجامعة جياوتونج في شيان ، فإن السياسة الخارجية المميزة لشي هي “أول محاولة كبرى من جانب الحكومة الصينية لاتخاذ نهج استباقي تجاه التعاون الدولي لتحمل المسئولية”.
ويخشى البعض من ان التواجد التجاري الصيني الموسع حول العالم سيؤدي في النهاية إلى تواجد عسكري موسع، ففي العام الماضي، أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها بالخارج في جيبوتي. ويقول المحللون إن جميع الموانئ تقريبا والبنية الأساسية للنقل الأخرى التي يتم بناؤها يمكن أن تكون مزدوجة الاستخدام للأغراض التجارية والعسكرية.
“إذا كان بإمكانها نقل البضائع ، يمكنها ايضاً أن تحمل الجنود، يقول جوناثان هيلمان ، مدير مشروع Reconnecting Asia في CSIS.
ويشعر آخرون بالقلق من أن الصين سوف تصدر نموذجها السياسي، يقول هربرت ويزنر السكرتير العام لمركز بن الألماني، إن حقوق الإنسان “تُركت في الخنادق على جانبي طريق الحرير الجديد”.
أين ينتهي المشروع؟
——————
من المرجح أن يستمر الحزام والطريق لأسباب ليس أقلها أن هذه المشاريع تشير إلى الولاء لـ “شي”، فقد تم تضمين هذه المبادرة في دستور الحزب الشيوعي الصيني ، الذي ألغى أيضًا حدود المدة، تاركاً “شي” يواصل المشروع خلال الوقت الذي يريده.
كما أنه يعطي المشاريع الصينية العابرة للحدود غلافاً لتكون جزءا من الخطة الاستراتيجية الكبيرة للحزام والطريق، وفقا لوينسلو روبرتسون المتخصص في العلاقات الصينية الأفريقية: إنها ليست مبادرة مركزية، بقدر ما هي علامة تجارية.
“من يحدد ما هو مشروع الحزام والطريق أو بلد الحزام والطريق؟ لا أحد على يقين. كل شيء ولا شيء هو الحزام والطريق “.
ماذا بعد؟
——–
ليست كل خطط مشروع الحزام والطريق متعلقة بالبنى التحتية الصلبة التي يتطلبها فالصين تخطط لإنشاء محاكم دولية في شينزين وشيان- المحور السابق لطريق الحرير الأصلي- لحل النزاعات التجارية المتعلقة بالمشروع.
يقول جوناثان هيلمان ، مدير مشروع Reconnecting Asia في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “إنه تذكير بأن الحزام والطريق هو أكثر من الطرق والسكك الحديدية والبنية التحتية الصلبة الأخرى”. “إنها أيضا وسيلة للصين لكتابة قواعد جديدة، وإنشاء مؤسسات تعكس المصالح الصينية، وإعادة تشكيل لقوة تأثيرها “الناعمة” حول العالم.
وقال المسؤولون الصينيون إن المحاكم التي ستستند إلى هيئات القضاء والتحكيم والوساطة التابعة لمحكمة الشعب العليا في الصين، ستتبع القواعد الدولية وستدعو خبراء قانونيين من خارج الصين للمشاركة.
ويقول خبراء قانونيون إنه من المحتمل أن تكون المحاكم على غرار محاكم مركز دبي المالي الدولي والمحكمة التجارية الدولية في سنغافورة، التي أبرمت بالفعل اتفاقاً مع الصين لحل النزاعات المتعلقة بالنزاعات والطرق، لكن منتقدي استقلال النظام القضائي في البلاد ، الذي يخضع بشكل تقليدي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم ، يشعرون بالقلق من أن المحاكم ستحابي الصينيين على حساب الشركات الأجنبية.
كتب: ليلي كيو و نيكو كوميندا- صحيفة الجارديان
ترجمة وضاح عثمان