خوف ينتاب مجتمعاتنا المحلية في مدينة التربة وعموم محافظة تعز اليمنية، جراء الغموض المريب الذي يكتنف المسار القانوني والإنساني لقضية اغتيال الموظف الأممي السيد مؤيد حميدي، رئيس فريق برنامج الغذاء العالمي في اليمن، والذي مات مغدورا في وضح نهار الجمعة 21 يوليو الماضي، وفي قلب مدينة التربة الآمنة، على أيدي مسلحين مجهولين يستقلان دراجة نارية.
اليوم، وبعد مرور (45 يوماً) من الحادثة الإرهابية المدانة تلك، أطلقنا حملتنا (كشف الحقيقة!) لمعرفة من قتل مؤيد حميدي؟ ولماذا قتله؟ والجزاء الذي يستحقه القاتل!
دوافعنا:
ذاته الخوف الذي وقفنا له توجساً مجساً على مدى الأسابيع السبعة الماضية، من يدفعنا الى إطلاق حملتنا هذه، وقد بدا للناس كيف أن الأمور تمضي خلافاً لما بشرتهم به السلطات الأمنية من إجراءات ضبط وتحقيقات “منجزة” أعلنت عنها أول بأول خلال الساعات والأيام الأولى من الواقعة.
ويسألنا الناس: أين الذي بشرتنا به السلطات؟
بشرتنا بعد ساعات قليلة من الواقعة بالتعرف على هوية القاتلين الرئيسيين الذان استقلا الدراجة النارية في عمليتي الهجوم والفرار، ثم في اليوم الثاني بشرتنا بالقبض على القاتلين إياهم، ثم بعد أسبوع أصدرت بياناً لتذكرنا (إن كنا قد نسينا) بأنها نجحت بأقل من 24 ساعة في تحديد هوية المتهمين الرئيسيين وضبطهم مع أكثر من عشرين آخرين.
ولقد رأينا ورأى العالم كيف كانت مجتمعاتنا صادقة في دعم الحملة الأمنية ومصدقة مستبشرة بما يعلنه ناطق شرطة تعز، وما يتحدث به قائدها العميد منصور الأكحلي في تصريحاته ومقابلاته، وكان هذا الأخير قد وعد المجتمع المحلى والدولي باطلاعهم على سير الإجراءات الأمنية وبالكشف عن نتائج التحقيق، فأين الذي وعد؟
انتظرنا كما انتظر الرأي العام العالمي إعلان حكومتنا للرأي العام عن سير الإجراءات ونتائج التحقيقات، فكان أن تعرضنا لصدمة أخرى عنيفة بمقتل ضابط التحقيق عدنان المحيا، يوم الثلاثاء 15 أغسطس الماضي في مدينة تعز وهو أحد أعضاء لجنة التحقيق في جريمة اغتيال حميدي. الأمر الذي جعل الغموض الذي يلف مسار القضية أكثر رعبا.
ويسألنا الناس: هل دفنت الحقيقة بدفن الضحية والمحقق؟
سؤال أدخل مجتمعاتنا في وسواس شك يمضي بها إلى اليقين بأن السلطات لم تلقي القبض على القاتل الفعلي لمؤيد حميدي، وأن هذا القاتل يطوف البلاد، مفلتا من قبضة السلطات، فما بال إفلاته من العقاب.
والأخطر من ذلك هو أن هذا الغموض المريب الذي نسعى لكشفه، قد أطلق على مجتمعاتنا شبح أخر يهددها بالحرمان المهلك من الغذاء والغوث الإنساني، ويتوعدها بمزيد من القيود والعوائق التي تعترض خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن.
دعوتنا:
اليوم، وفي هذا التوقيت الدقيق تنطلق حملتنا لتدق أولاً ناقوس الخطر الذي يتهدد مجتمعاتنا جراء تفاقم الأوضاع على نحو أوردناه في دوافعنا، ولكي ندعوا سلطات الضبط والتحقيق والعدالة إلى:
أولا: الإسراع إلى كشف نتائج التحقيقات في قضية اغتيال مؤيد حميدي، بصورة واضحة شفافة ومقنعة، وأيا كانت هذه النتائج، فالأهم هو وضع القضية على مسار قانوني وإنساني واضح لا يقفز به التضليل فوق أوضاعنا التي سبق وأن و صفتها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة في العالم.
ثانيا: الكف عن الاعتقالات خارج القانون والإفراج عن المعتقلين الذين لم يثبت تورطهم في الجريمة ولم يكونوا مطلوبين على ذمة قضايا جنائية أخرى، وسرعة إحالة من يشتبه في تورطهم الى النيابة العامة وفقا لقانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات.
ثالثا: الامتثال المجمل لأحكام القانون اليمني النافذ ومواثيق حقوق الإنسان المصادق عليها اليمن، في كل إجراءات ومراحل سير القضية وتطبيقات العدالة.
وإذ ندعو الأمم المتحدة ومنظمات العمل الإنساني إلى بذل جهود أكبر مع الحكومة اليمنية لتجاوز القيود والعراقيل التي عادت لتعرض خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.
نهيب بمجتمعات وسلطات المحافظة الأعلى سكانا في اليمن إلى حشد وترتيب أوسع للأدوار والمساهمات والعمل معاً لما من شأنه أن يحقق الجزاء العادل الذي يستحقه قاتل مؤيد حميدي، وجبر الأضرار الإنسانية التي تداعت عن الجريمة الإرهابية المدانة واستعادة سمعة “تعز” ومكانتها الثقافية والمدنية كنموذج جاذب لبرامج التنمية والعمل الإنساني وطارداً للإرهاب.
فمن سيقوم بهذا مالم نقم به نحن؟
صادر عن حملة “كشف الحقيقة!” في قضية اغتيال الموظف الأممي مؤيد حميدي
الإثنين 4 سبتمبر 2023