حماية الثورة والنظام الجمهوري وهزيمة الاستعمار وسحق فلول الملكية
هذه هي القضية في اليمن
الإثنين 27 سبتمبر-أيلول 2010
/ الجمهورية نت/ علي راوح
«هذه هي القضية في اليمن» ذلكم هو عنوان لكتاب أصداره المناضل والمفكر اليمني البارز الراحل عبدالله عبدالرزاق باذيب، بمناسبة الذكرى الأولى لقيام ثورة 26 سبتمبر.. وصدر الكتاب في سبتمبر 1963م أي بعد انقضاء عام من قيام الثورة اليمنية في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م ويقع الكتاب في 16 صفحة وقام معهد التدريب والتأهيل الإعلامي بعدن بإعادة طباعته في مايو الماضي من عامنا الحالي 2010م وتوزيعه بمناسبة الذكرى العشرين للوحدة وقيام الجمهورية اليمنية.
الذكرى الأولى لثورة سبتمبر
وبدأ الكاتب عبدالله باذيب كتابه عن الذكرى الأولى لثورة 26 سبتمبر بالقول هذا الأسبوع أسبوع أعياد وأمجاد، ففيه يحتفل الشعب اليمني بأول وأعز ذكرى هي ذكرى مرور عام على ثورته التي دكت صرح الحكم الرجعي الملكي، حكم الظلام والمآسي والوحشية وأقامت الجمهورية اليمنية وهزت حتى الجذور أعمدة الرجعية والاستعمار في المنطقة وهددتها بالانهيار ويشارك شعبنا في هذا الاحتفال كل الشعوب العربية وشعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وقوى التحرر والسلام في العالم وكل القوى الإنسانية التقدمية.
ضربات المد الثوري
ويمضي الكاتب عبدالله باذيب في حديثه عن واحدية الثورة اليمنية فيقول : تحل الذكرى الأولى والعدوان الرجعي الاستعماري المسلح أخذ في الانكسار تحت ضربات المد الثوري والعصابات الملكية تولي الأدبار فيما مواقع الثورة تتوطد وتتوالى انتصاراتها في الداخل وفي الميدان الدولي.
وتحل هذه الذكرى وجنوبنا العزيز يقترب أكثر فأكثر من أهدافه الغالية في الخلاص من السيطرة الاجنبية وتقرير مصيره بنفسه، وقضيته تخرج بقوة إلى المجال الدولي ويتقرر لأول مرة اثارتها في الدورة الحالية للجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة، وتصبح القضية موضع اهتمام ومساندة الرأي العام العالمي وتتركز عليها انظار العالم، وليس هذا من قبيل الصدفة أن يحدث هذا بعد الثورة.. وسوف تظل الثورة من اهم العوامل في دفع قضية الجنوب إلى الأمام والتعجيل بساعة الخلاص.
عمال تعز والوكالة الأمريكية
ويواصل الكاتب حديثه مستعرضاً الوعي الجماهيري بأهمية نسيان الماضي وتوحيد صفوف جميع القوى والعناصر الوطنية باعتبار ذلك الشرط الأول للانتصار فيقول : إن وحي الذكرى الأولى للثورة يهتف بجميع القوى والعناصر الوطنية ويدعوها إلى نسيان خلافاتها وتوحيد صفوفها باعتبار أن تلاحم وتماسك جبهة القوى الوطنية في الداخل هو الشرط الأول للانتصار، كما تحل هذه الذكرى وعمالنا البواسل في تعز يؤلفون أول نقابة في تاريخ اليمن ويخوضون نضالاً مريراً ضد تجبر الوكالة الأمريكية التي تختفي وراءها أطماع المستعمرين ويشتد هذا النضال ويتخذ اشكالاً مختلفة وان المظاهرة العمالية الشعبية الضخمة التي سارت في تعز قبل أسابيع احتجاجاً على أعمال الفصل التعسفي والتسريح الجماعي وأعمال التجسس، هذه المظاهرة حدث هام وهي دليل على المدى الرائع الذي بلغه وعي الشعب ونضاله وعلى نفوره من أي استعمار، وهي تؤكد أن هذا الشعب الذي رفض الاستعمار حتى في ظل العهد المباد لا يعقل أن يسمح به اليوم ولن يسمح لأية يد أجنبية باستغلاله أو المساس بهيبة الثورة وكرامة الوطن وأن شعبنا يعرف جيداً كيف يميز بين الأعداء والأصدقاء وهو يكن التقدير والامتنان والعرفان بالجميل للذين يأتون لمساعدته بإخلاص وتجرد والنهوض به من وهدة التخلف والبدائية إلى عصر النور والتقدم والحضارة.. ويواصل باذيب في كتابه، أما الذين يأتون لاستعباده واستثمار كدحه والضغط على ثورته لحرفها عن اتجاهها الصحيح فليس لهم إلا الحقد والعداء وهو لهم بالمرصاد.
لن يسمح الشعب بعودة الثورة إلى الوراء
وينتقل باذيب في كتابه (هذه هي القضية في اليمن) إلى سياسة أعداء الشعب اليمني الحاقدين على النظام الجمهوري فيقول: إن أعداء الشعب لن يلقوا أسلحتهم بسهولة أو طواعية واختياراً وليس بسلاح الحديد والنار وحده سيحاربون ثورة الشعب ولكن بأكثر من سلاح واحد، وربما بما هو أخطر من سلاح الحديد والنار، فهم على جانب محاولة إثارة النزعات الطائفية يحاولون أن يستغلوا صعوبات الثورة في مجال البناء فينشرون الأوهام الخطرة والسموم الفكرية، وفي نظرهم أن اليمن بلد زراعي ويجب أن يظل بلداً زراعياً وان لا يفكر في التصنيع وان الاقطاع لا وجود له في اليمن وان السبيل الوحيد لازدهار اليمن هو السماح بتدفق الشركات والرساميل الأجنبية والتخلي عن التفكير في التخطيط وتوجيه الاقتصاد وتشديد دور الدولة، فمن الواضح أن هؤلاء يشوهون الحقائق ويرددون نغمات استعمارية قديمة بالية ويصبون الماء في طاحونة الرجعية والاستعمار، وان الأخذ بأفكارهم معناه الابقاء على تخلف اليمن وجعله مجرد ملحق زراعي تابع اقتصادياً للدول الأجنبية ومعناه أن يمر الشعب اليمني بطريق جديد وطويل من الآلام والمآسي وبالتالي اجهاض الثورة وتخريبها من الداخل بعد أن فشل العدوان الخارجي، ولهذا السبب يجب ان تلقى مثل هذه الافكار أشد المقاومة.
وأمام اليمن كل الامكانيات لكي تتحول من بلد زراعي متخلف إلى بلد صناعي حديث وفي فترة زمنية قصيرة نسبياً، وهذا ليس ممكناً فحسب ولكنه واجب أيضاً ومن أجل هذا بالضبط ثار الشعب اليمني في 26 سبتمبر من أجل احداث تبديلات جذرية في الوضع تؤمن حاجات الشعب المادية والثقافية المتزايدة ولن يسمح الشعب اليمني بإعادة الثورة إلى الوراء، وان أية محاولة لإفراغ الثورة من محتواها الوطني الديمقراطي وطمس آفاق التطور أمام أعين الشعب سيكون مقضياً عليها بالفشل، والمجد والانتصار لثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
يجب أن تتلاحم جميع قوى الشعب وفئاته .
ويمضي الكاتب باذيب فيقول : ووسط كل ما يقال وينشر ويذاع عن اليمن يبرز السؤال التالي: ما هي حقيقة القضية في اليمن … اليمن الجمهوري الجديد ، يمن الثورة ؟
وسنحاول أن نجيب هنا بإيجاز وتركيز على هذا السؤال الهام …
إن القضية على حقيقتها في اليمن اليوم ليست هي قضية تسلط طائفة معينة على طائفة أخرى كما يصورها البعض وليست هي قضية إجراء انتخابات عامة، وليست هي قضية إقامة حكم على أساس طائفي وإنما القضية في جوهرها بالدرجة الأولى هي قضية الثورة والنظام الجمهوري الفتي ضد خطر الاستعمار والرجعية وهي قضية هزم العدوان الرجعي الاستعماري وسحق فلول الملكية، وهي قضية تصفية مخلفات العهد البائد وآثار حكم الاقطاع والعصور الوسطى من اجل بناء يمن عصري متقدم، هذه هي القضية الحقيقية وقضية القضايا في اليمن اليوم،
ومن اجل هذا يجب أن تتلاحم وتتحد جميع قوى الشعب وفئاته وعناصره الوطنية تأميناً لثورة السادس والعشرين من سبتمبر وتدعيمها لمواقع الجمهورية الوليدة وإحباطاً لخطط ومؤامرات الاستعمار والرجعية وتكريماً لذكرى اليوم الأغر الذي انطلق فيه الجيش اليمني بقيادة عبدالله السلال ومشاركة جماهير الشعب لتقويض أبشع حكم رجعي وإعلان ميلاد الجمهورية اليمنية، ووفاءً لدماء الشهداء والتضحيات الغالية التي قدمها الشعب اليمني بروح من البذل والفداء ونكران الذات لا مثيل لها وتحقيقاً لأحلام الملايين اليمنية في مستقبل مشرق ووطن سعيد كريم ومتحرر تلك هي القضية إذن في اليمن اليوم…
فأين يقف من هذه القضية أولئك الذين يثيرون اليوم قضية الطائفية والمطالب المتعلقة بها ويشنون الانتقادات المريرة الهوجاء التي ترتدي طابع الحملة والهجوم على الحكم الجمهوري ؟
ولابد من الإشارة قبل كل شيء إلى أن الطائفية واقع نشأ في المجتمع اليمني عبر التاريخ نتيجة لأخذ فئات الشعب بمعتقدات واتجاهات مختلفة في التفكير الديني، وكان يمكن ويجب أن يبقى هذا الخلاف في إطار الدين والمصلحة الوطنية، ولكن قوى الرجعية والاستعمار التي لا تترك وسيلة دون أن تلجأ إليها لتفرقة الشعب واضعافه حتى تتسنى لها السيطرة والسيادة، عمدت دائماً إلى إثارة النزعات الطائفية وخلق التمييز الطائفي لنشر جو العداء بين طوائف الشعب الواحد وحولت الطائفية إلى سياسة في معركتها ضد الشعب اليمني طبقاً لسياسة (فرق تسد)
وكان الحكم الإمامي البائد يستغل الطائفية ويعتمد عليها لغرض هيمنته واستمرار وإطالة حكمه بواسطة اثارة الكراهية والحقد بين فئات الشعب وضرب بعضها بالبعض الآخر.
وما محاولة إثارة النزعات الطائفية اليوم سوى سلاح يشهره الاستعمار والرجعية في وجه الثورة اليمنية لاغتيالها وتخريبها من الداخل إذا فشل العدوان الخارجي، وهو فاشل حتماً، وليست هذه المحاولة سوى وسيلة لبعض المنتفعين والانتهازيين وبعض الحاقدين الموتورين لتحقيق شهواتهم الجامحة في الحكم والتسلط وهم في سبيل ذلك لن يتورعوا في أن يخفوا مطامعهم الأنانية الخاصة تحت ستار الرغبة في الإصلاح وتصحيح الاخطاء والمطالبة بالمساواة في الحقوق بين جميع المواطنين وفئات الشعب،
ولن يترددوا في ان يتحدثوا عن تسلط طائفي موهوم ليبرروا نهجهم الطائفي ومن أن يتخذوا من بعض الأخطاء والظواهر السلبية والحوادث الفردية أساساً لإصدار الأحكام العامة الظالمة ومنطلقاً للهجوم والحملة على الحكم الجمهوري واشخاصه غير مبالين بالاضرار الجسيمة التي يلحقونها بقضية الشعب الأساسية.
إن الذين يلعبون بهذا السلاح ، سلاح الطائفية، لا يعالجون أية مشكلة ولا يخدمون أي غرض شريف ولا ينفعون الشعب بل يضرون بقضيته أبلغ الضرر ويصرفون أنظاره عن قضيته الأساسية ويمزقون وحدته الوطنية التي نمت وترعرعت خلال الكفاح المشترك ضد الرجعية والاستعمار والتحمت وتصلبت في نيران ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، إنهم يحاولون سلب الشعب ثقته بالثورة واخماد حماسه لها واشاعة اليأس والبلبلة في صفوفه وبذلك يهيئون الظروف الملائمة للاستعمار والرجعية للإطاحة بالثورة ومكاسب الشعب ليخيم ليل الظلم والطغيان من جديد على اليمن، إنهم يرتكبون عدواناً جديداً على الثورة، أو على الاقل يساهمون في العدوان ويفتحون له الطريق للانتصار ..ولا انتصار .
ثورة الشعب اليمني كافة
والواقع أن محاولة إثارة النزعات الطائفية بأي شكل من الاشكال لا يتفق مع أبسط مقتضيات المهمة الأساسية المطروحة على عاتق جميع قوى الشعب الوطنية في الظروف الحاضرة، وهي مهمة حماية الثورة والنظام الجمهوري الوليد من اخطار وتهديدات الاستعمار والرجعية وهي أخطار وتهديدات حقيقية وجدية، وتستلزم هذه المهمة رص وتوحيد قوى الشعب وفل جميع أسلحة التفرقة بسلاح الوحدة الوطنية، وتستلزم أيضاً رفع يقظة الشعب وتعزيز ثقته بنفسه والمحافظة على حماسه الثوري وعلى الآمال العظام التي فجرتها الثورة في قلبه وتستلزم كذلك دفع عجلة الثورة إلى الأمام في طريق البناء والإنشاء والتعمير والتقدم..
إن الناس المخلصين للثورة الذين يضعون مصلحة الشعب اليمني في صميم قلوبهم لا يمكن أن يعملوا إلا بوحي والهام هذه المهمات المقدسة وهم يؤمنون أن الثورة ليست ثورة فئة معينة أو فرد معين أو طبقة معينة وإنما هي ثورة الشعب اليمني كله، بجميع فئاته وطبقاته الشعبية وبشهادة الدماء التي روت أرضه الطيبة.
وهم يدركون أن هذه هي المرة الأولى التي يملك فيها الشعب مصيره بيده في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيدات والتخلف وان رواسب الماضي ستظل تعمل في بعض ظروف غاية في الصعوبة والتعقيدات والتخلف وان رواسب الماضي ستظل تعمل في بعض النفوس وان أخطاء قد تقع وان بعض الظواهر والجوانب السلبية قد تظهر وأنا أناساً ليسوا في مستوى الثورة قد يصعدون إلى مراتب التوجيه وان وجوهاً وعناصر يرتاب فيها الشعب قد تتسلل إلى مراكز الحكم والإدارة,.
أعظم مكاسب الثورة
ويواصل عبدالله باذيب في كتابه (هذه هي القضية في اليمن) مستعرضاً الأساليب الصحيحة لمعالجة الأخطاء والسلبيات بطرق تبني ولا تهدم البناء فيقول:
إننا نعتقد أن الأسلوب الصحيح لمعالجة مثل هذه الأمور ليس هو أسلوب التهييج الطائفي ومحاولة اظهار الثورة بمظهر المتعثر المتخبط والتشكيك في شرعيتها ومحاولة الايحاء للشعب بأن هذه الثورة ما كان يجب أن تقوم وانه لم يكن هناك ما يدعو إلى الثورة كما يفعل المحرضون الطائفيون اليوم، وليس هو أسلوب الحملة والهجوم على الحكم الجمهوري واشخاصه واطلاق الاتهامات والاحكام والتعميمات بالانحراف والانتكاس،
وإنما هو أسلوب العمل على رفع يقظة الشعب ودعوته إلى التسلح بالحذر وتعميق وعيه السياسي ودعوة قادة الثورة إلى المزيد من الحزم ضد الاستعمار والرجعية، وهو أسلوب التوجيه الهادف والنقد الهادىء الرصين البناء والمطالبة بتشجيع مبادرات الشعب الوطنية والديمقراطية والعمل على توضيح وابراز المحتوى الوطني الديمقراطي للثورة،
وفي كل الأحوال يجب أن توضع المصلحة العليا للثورة فوق كل اعتبار ويجب أن يجري التركيز في هذه الظروف على كل ما يجمع ويوحد وعلى الجوانب الايجابية المشرقة، وعلى كل ما يزيد حمية الشعب ويقوي عزيمته الكفاحية ويجب أن تكون لنا الثقة المطلقة بأن هذا الشعب العظيم الذي أبدع في فجر التاريخ حضارة السد والذي جعل من اليمن مقبرة للمستعمرين الاتراك واغلق باب اليمن في وجه كل غاز دخيل والذي أثار إعجاب العالم بثورته في 26 سبتمبر سيعرف كيف يتخلص من جميع النواقص ويصحح الأخطاء ويسحق الأعداء ويحمي ثورته ويبلغ أهدافه.
لقد كانت الثورة نتيجة حتمية للحكم الإمامي الاستبدادي وفي ظل الأوضاع التي فرضها الحكم السابق، أوضاع الرعب والإرهاب والجوع والمأساة، كانت كل الطرق السليمة للتطوير مسدودة وكانت الثورة تعبيراً طبيعياً عن رغبة الشعب في حياة أفضل وأكرم للإنسان، ومن صلب الثورة خرج وليدها النظام الجمهوري الذي يفتح أمام الشعب آفاقاً واسعة للتطور، ولا شك في ان هذه المعاني النبيلة كلها كانت تنبض بقلب الشعب اليمني وهو يفجر الثورة في 26 سبتمبر ثم وهو يلتف حول الثورة ويفتديها بدماء زهرات شبابه وأبنائه،
ولقد عززت الثورة ثقة الشعب بنفسه وبقدرته على صنع المعجزات وأسمى البطولات واعطته الأمل في إمكان تغيير حياته من الأساس واطلاق قواه الخلاقة المبدعة وهذا الامل هو أعظم مكاسب الثورة وهو الذي يريد أن يسرقه منه دعاة الطائفية اليوم، وهو الذي يجب أن نحرص عليه ونصونه.
يقين الحياة وإرادة التاريخ
ويختتم المناضل والمفكر اليمني الراحل عبدالله عبدالرزاق باذيب كتابه (هذه هي القضية في اليمن) الذي أصدره بمناسبة الذكرى الأولى لثورة 26 سبتمبر فيقول :
نحن ندرك الآن مدى عمق حاجة الشعب إلى النهوض وإلى إحداث تبديلات أساسية ثورية في الوضع ، وندرك أن التركة الهائلة المثقلة بالفساد والدمار التي خلفها العهد البائد لا يمكن تصفيتها وتكنيسها في أيام معدودات وان المقاومة لازالت تجري ضد العدوان وتستنزف الكثير من الجهد والمال والضحايا، وان المؤامرات تحاك بهمة ضد الثورة ومستقبل الشعب اليمني،
ولكننا نعتقد أن عملية البناء يمكن ويجب أن تسير جنباً إلى جنب مع عملية المقاومة والتطهير والدفاع عن الثورة وان الأيدي التي أيدت الشعب اليمني وساعدته في الوقوف ضد العدوان يمكن ان تساعده في بناء بلده من جديد وتحقيق أمانيه المشروعة العادلة في التعليم والتصنيع والإصلاح الزراعي والتقدم الاجتماعي ورفع مستوى حياته وتقريبه من اليوم الذي يبني فيه الاشتراكية أجمل احلام إنسان اليمن وكل إنسان ..
إن بقاء اليمن متخلفة معناه التنكر للثورة والدخول في حلف مع الاستعمار ولقد كانت اليمن مستقلة سياسياً في الماضي ولكن حكامها الأئمة كانوا متحالفين واقعياً مع الاستعمار من خلال ركام التخلف، ولم يعد هناك ما يبقي اليمن متخلفة اليوم فلقد مضى الوقت الذي كان فيه الاستعمار السيد المطلق على الشعوب والمالك الوحيد للخبرة وأصبح في إمكان أي بلد مهما كانت درجة تخلفه أن يبني نفسه ويستثمر موارده وثرواته لمصلحته وحده، ولقد وجدت هذه الامكانية في اليمن الآن بعد قيام الثورة وسقوط الحكم الرجعي الذي كان أكبر عقبة في طريق تقدم اليمن وما أكثر أصدقاء الشعب اليمني الذي كان يتلهف للثورة ليفجر طاقاته الكامنة الحبيسة عملاً وخلقاً وإبداعاً..
وفي هذه الأيام المجيدة ونحن نحتفل بالذكرى الأولى للثورة فإن أروع ما يريد أن يراه الشعب هو استعراضات الجيش اليمني في وضعه الجديد وقد أصبح حارساً عتيداً للثورة وأن أحسن ما يريد ان يسمعه هو الإعلان عن المشاريع الإصلاحية الجديدة والإعلان عن البدء في العمل فيها بالفعل..
إن تحقيق سلسلة من الإصلاحات وتنفيذ وإقامة العديد من المشاريع الملموسة من شأنه أن يزيد الشعب تمسكاً بالثورة وتعلقاً بها وينبغي أن تجرى عملية البناء والإصلاح وفقاً لخطط مدروسة تسير باليمن في طريق التطور المستقل وتجنبها طريق التطور الرأسمالي الذي هو طريق الآلام للشعوب، وفي غمرة السير الثوري وفي خضم التغييرات التي ستطرأ على المجتمع ستذوب جميع النعرات الطائفية في بوتقة الوحدة الوطنية ونار الوعي الوطني الجديد وتكنس بقايا حكم الإقطاع والعصور الوسطى، ويحل الطابع الحضاري في الحياة اليمنية محل الطابع القبلي الذي يعرقل سير اليمن،
وأخيراً فإننا لنتطلع إلى انتهاء الفترة الانتقالية الاستثنائية التي فرضتها ظروف العدوان ليتمتع الشعب بحرياته الديمقراطية التي حرم منها طيلة سني العهد البائد كي يلعب دوره بفعالية في بناء المجتمع ويسهم في حضارة الإنسان، وإننا على ثقة بأن الثورة اليمنية لن ترجع إلى الوراء وان الشعب اليمني سينتصر، وهذا ليس مجرد حدس ولكنه يقين الحياة وإرادة التاريخ.