الدكتور عبد العزيز علوان.. الأكاديمي المغمور بالشعر
احمد الزكري
في الوقت الذي كان العديد من زملاء دفعته في الجامعة يبحثون عن سبل ترفيهية لقضاء وقتهم بالأخص بعد انتهاء المحاضرات، كانت “الصياعة” بالنسبة له هي قضاء الوقت في مكتبة الجامعة بحثاً عن كل جديد في مجال تخصصه في مادة الفيزياء وفي مجال الفكر والأدب والنقد في تمازجٍ واعٍ بين العلوم والأدب.
ذلك البحث والتميز كان سمة للطالب في قسم الفيزياء في جامعة صنعاء عبدالعزيز علوان، الذي بدا ناجحاً في دراسته، كما اصبح اسماً مميزاً في إبداعاته الشعرية ذات النفس المتفرد بلغة يصعب على سواه الجمع بين جزالتها وروعة تراكيبها والق جمالها.
أعلنت جامعة صنعاء عن مسابقةٍ شعريةٍ عام 1986، كانت بداية الإعلان عن الشاعر عبدالعزيز علوان الذي حصل على المركز الثاني فيها، تلا ذلك اهتمام الدكتور عبدالعزيز المقالح بإبداعه الشعري فنشر له قصيده في صفحته في صحيفة 26 سبتمبر عام 1992، وصار بعد ذلك دائم النشر في صحيفة الجمهورية وفي صحيفة الجمهورية الثقافية التي مثلت له متنفسا كتابياً وشعرياً منذ عام 1991 حتى توقفها.
في مديرية الشمايتين، محافظة تعز ، المنتمي إليها الأستاذ عبدالعزيز علوان، مثلت مدرسة الشهيد عبدالرحمن الغافقي في الأصابح – بإدارة الأستاذ عبدالعزيز الدعبي رحمة الله عليه، ومن بعده الأستاذ عبدالله صالح سعيد – شعلةً متقدةً في مجال الأنشطة الطلابية قياساً ببقية مدارس المديرية، فجاء عمل الأستاذ عبدالعزيز علوان فيها أستاذا للفيزياء بعد تخرجه من جامعة صنعاء عام ١٩٨٧م إضافة نوعية للمدرسة فأسهم في تفعيل تلك الأنشطة بالأخص الاحتفالات السنوية التي كانت تقام فيها وكان الأستاذ عبدالعزيز الأوحد في كتابة المسرحية الشعرية، وهي مسرحيات كانت تهدف إلى رفع الوعي العام وتوجيه النقد لأداء السلطات العامة.
ظروف صعبة تجاوزها الدكتور عبدالعزيز علوان في كل مراحل حياته ودراسته، أهمها الوضع المالي الذي كان عائقاً له في أكثر مراحله الدراسية، حتى تمكن من الحصول على شهادة البكالوريوس عام ١٩٨٧، ثم الماجستير من جامعة بونا في الهند عام2000، والدكتوراه في تخصص فيزياء الجوامد من جامعة (كوفمبو) ولاية (كارناتكا) الهندية، عام2010م.
لايتحدث الدكتور عبدالعزيز علوان عن انتمائه الحزبي، لكن من السهل معرفة انتمائه للحزب الاشتراكي اليمني من خلال أحاديثه العامة وكتاباته ومواقفه المرتبطة بهموم وأحلام الناس بالأخص الكادحين منهم، وقد ظل بصفاته تلك نموذجاً لشخص متزنٍ لايتمايل مع الأحداث والمصالح الذاتية الأنانية فهو شخص له قناعاته ورؤاه الساعي الى مناصرتها دون وضعها على خطوط الربح والخسارة اليومية، فمثّل بذلك الإنسان الحقيقي المنحاز الى قيم الحق والعدل، ماجعله مرجعا لكل إنسان في محيطه يبحث عن التميز في شخصيته والتقدير الكبير من مجتمعه.
كل ذلك جعله واحدا ممن تضرروا كثيرا بسبب مواقفه وانتمائه الحزبي، بالأخص أثناء وبعد حرب صيف 1994، التي شنها نظام علي عبدالله صالح ضد الحزب الاشتراكي اليمني، وقد كان تأخير منحته للحصول على الدكتوراه ست سنوات منذ عام 2000 الى أواخر 2006، واحدة من الإعاقات التي حاصرته، ونجح في التغلب عليها.
لو لم يكن الدكتور عبدالعزيز علوان بتلك السمات والمواقف الإيجابية لأمكن له أن يحصل على مواقع إدارية وميزات مادية آنية كثيرة حصل عليها كثيرون لمجرد إعلانهم تغييراً سريعاً في قناعاتهم وتوجهاتهم مع توجه بوصلة الأحداث، وقد كانت الفرصة سانحة أكثر أمامه بالأخص بعد حصوله على الدكتوراه، وتعيينه أستاذاً مساعداً في قسم الفيزياء، في جامعة تعز، وكذلك في فترة الحرب الراهنة الممتدة حتى اللحظة ثماني سنوات عجاف.
ظل التلازم بين عمله الأكاديمي وشغفه الأدبي مستمراً معه، فلم يتوقف مذ بدأ عمله معيداً في كلية التربية في تعز، عن المشاركة في فعاليات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع تعز، وفي فعاليات مؤسسة السعيد الثقافية، من خلال مشاركته في الصباحيات الشعرية أو في تقديم دراسات أدبية منها دراسات عن الشاعر محمد عبدالباري الفتيح.
المزج بين مفردات الفيزياء وجمال الأدب بدا جلياً في كتاباته وتناولاته الإبداعية للحياة بمظاهرها السياسية والاجتماعية والأدبية، فتجد ذلك في قصيدة شعرية يكتبها بلغة فريدة يصعب على سواه تشكيلها، كما تجده في كتابة عن الأغنية والمهجل وعن حركة الحياة اليومية للسياسة والناس، او عن مصطلحات فيزيائة بلغة أدبية سهلة مترابطة هي نتاج للتمازج البديع بين مخزونه العلمي والأدبي.
خلاصة القول مازلنا بحاجة الى أن نقرا شخصية الدكتور عبدالعزيز علوان بالأخص من خلال إبداعه الشعري الذي آمل أن توجد فرصة لنشره في مجموعة أو مجموعات شعرية عديدة، حيث تحتاج كل قصيدة منها قراءة متأنية تكشف عمقاً وثراءً بحجم إبداعه وتميزه.