تعز .. في طريق استعادة الضوء
ظلت مدينة تعز تحت جنح الظلام طوال تسع سنوات منذ اندلاع شرارة الحرب ، حربُ القت بأضرارها على مدينة تعز في كافة المجالات الخدمية منها تدمير جزئي لمحطة عصيفرة اضافة الى أزمة المشتقات النفطية اخرج المحطة عن الخدمة ، وطوال هذه الفترة ظل ملف الكهرباء طي النسيان رغم ان كل الخدمات مفقودة ابرزها ماء طرقات وغيرها، لكن ملف الكهرباء يعتبر الأكثر تعقيدا وتشابكا ، بفعل الفساد والإمعان في عرقلة إعادة تشغيل محطة الكهرباء وتجاهل السلطات والجهات ذات العلاقة معاناة الناس في تعز الذين يقتلهم ثالوث الرعب “الحصار وغياب الخدمات والفساد .
في هذا التقرير سوف نتناول ملف كهرباء تعز ، ماهي المعوقات التي حالت دون إعادة تشغيل المحطة ، وماذا عن المنحة السعودية ، الى اين وصلت عمليات الصيانة ، وكم هوحجم الضرر فيها ، وكم نسبة الإنجاز في عمليات التجهيز والصيانة لتكون تعز على موعد لمعانقة الضوء ..
الى التفاصيل ..
لأن ملف كهرباء تعز يزتاد تعقيدا وحالت كثير من الامور دون إعادة تشغيل محطة عصيفرة حتى حلت شركات الكهرباء التجاري بدلا عن الحكومي وارهقت المواطن بالأسعار الخيالية ورسوم الإشتراك الشهرية ، وهنا كان لابد من إنطلاق حملة “تعز طافي” التي بدأها ويقودها الصحفي نائف الوافي وناشطون وتهدف الى تحريك المياة الراكدة في ملف كهرباء تعز والمطالبة بإعادة تشغيلها ، حيث لاقت الحملة تفاعل واسع وبدأ المواطنين نشر فواتير شركات الكهرباء التجاري ومطالبة السلطات بإعادة تشغيل محطة عصيفرة وتخليصهم من هذا العبث والسعر المرتفع .
توسعت حملة تعز طافي وصارت مطلب شعبي لتتفاعل السلطة المحلية ممثلة بوكيل المحافظة للشؤون المالية خالد عبدالجليل وبدأت عمليات الجرد في مخازن المحطة ومعرفة ماهو موجود في المخازن وماهو الناقص بالنسبة لقطع غيار الصيانة اعقبها دعوة لكل موظفين ومهندسي محطة الكهرباء بالعودة وبداية الصيانة وهكذا سارت الأمور في البداية بجهود ذاتية وتفاعل المنهدسين وبدعم محدود من السلطة المحلية والتجار وضغط وتحفيز كبير من منظمي حملة تعز طافي .
يقول قائد ثورة الضوء نائف الوافي “دائما أأوكد في منشوراتي شتلصي بتكاتف الجميع فتفاعل الجميع سواء سلطات وجهات مختصة وإدارية في محطة الكهرباء ومواطنين وتجار ومحاميين وصحفيين وكل فئات المجمتع مهم للضغط وتحريك ملف الكهرباء او غيره من الملفات ، فهذا حق من حقوقهم والجهات المختصة مطالبة القيام بواجبها تجاه الناس “،
واضاف الوافي : “انا متفائل جدا في عودة الكهرباء الحكومي من خلال تواجدي بشكل يومي ومتواصل في محطة كهرباء عصيفرة وما اشاهدة من اصرار وحماس كبير من مهندسي الصيانة ونسبة الإنجاز الكبير الذي حققه هؤلاء الأبطال رغم الظروف المحطية وشحة الإمكانات لكنهم يعملون ليل نهار ويسابقون الزمن كي تكون محطة عصفيرة جاهزة للتشغيل ، اضافة الى ان فريق مؤسسة الكهرباء بدأ يعمل في أحياء مدينة تعز من أجل صيانة الشبكة الخارجية وتجهيزها لاستقبال الكهرباء حكومي ” .
* دور السلطة المحلية
قبل اسبوع زار المحافظ نبيل شمسان محطة عصيفرة لأول مرة منذ بداية حملة “تعز طافي” للإطلاع على سير العمل في الصيانة والتجهيز فيها واشاد بالجهود الكبيرة المبذولة من المهندسين والعاملين فيها
وأكد ان السلطة المحلية ستقدم كل الدعم مشيراً ان الاشقاء في البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن لديهم اهتمام كبير بهذا الجانب وان التواصل مستمر لإعداد الدراسات والترتيبات وبوتيرة عالية للبدء بالتنفيذ لإنشاء محطة كهرباء بدعم من الأشقاء في المملكة العربية السعودية ، بواقع ٢٠ ميجا للمدينة و ١٠ ميجا للتربة،
علما أن وكيل المحافظة للشؤون المالية خالد عبدالجليل يتردد على المحطة بشكل مستمر ويطلع على سير عمل الصيانة ويذلل كل الصعاب التي تواجه المهندسين ، ووجهة بشراء قطع غيار الصيانة على حساب السلطة المحلية اضافة الى تقديم الحوافز للموظفين .
أكد مدير الصيانة في محطة عصيفرة المهندس أحمد البيضاني ان العمل والصيانة في محطة عصيفرة تسير بوتيرة عالية وكل المهندسين متفاعلين ويعملون حتى في الفترة المسائية والحمدلله بتفاعل وتحفيز الجميع حققنا انجاز كبير في صيانة المولدات ولم نكن نتوقع انه في خلال هذه الفترة نحقق كل هذا رغم شحة الإمكانات ، ومنتظرين كل الوعود لكي تشتغل المحطة بالمستوى المطلوب .
يشكو المواطن أحمد هزاع من غلا الكهرباء التجاري وتعاملهم الإستفزازي حسب تعبيره حيث قال : “كنا نعتقد في البداية ان الكهرباء التجاري نعمة ولكنها اصبحت نقمة علينا وتكلفنا مبالغ كبيرة والفواتير تجي بالشهر مرتين وياليت نسلم من استفزازهم وتهديدات الفصل النهائي وفي كل شهر ندفع رسوم اشتراك ، ولذا لازم ترجع الكهربا الحكومي وتشغيل محطة كهرباء عصيفرة “.
* ماقبل حملة تعز طافي
قبل خمس سنوات ابدى الصندوق السعودي لإعمار اليمن رغبتة في تشغيل محطة كهرباء تعز اسوة بكهرباء عدن ضمن المناطق المحررة ، بدورها وزارة الكهرباء طلبت من إدارة مؤسسة كهرباء تعز تقييم أضرار ومتطلبات تشغيل محطات عصيفرة وبيرباشا والنسيرية فقدم المدير تقرير بمتطلبات بقيمة مليار ريال ، رُفض هذا التقرير وتم تكليف لجنة مركزية بالنزول الى تعز وتقييم الاضرار وكانت النتيجة 350 مليون
* عرقلة الدعم والتشغيل
وبالفعل تمت عملية استيراد قطع غيار اصلاح المحطات ووصلت القطع ولفات الكيبلات ضغط عالي الى الميناء وعندها تذرعت ادارة مؤسسة كهرباء تعز استحالة امكانية تشغيل محطة عصيفرة لانها في خطر وتقع بالقرب من خط النار ، وتمت عرقلة اصلاح المحطة بهذا المبرر
نشر المحامي عمر الحميري في ٢٠١٩ معلقا على دور الحكومة وتشغيل الكهرباء انذاك قائلاً :” خصصت الحكومة الشرعية كمية خمسة وثلاثين الف طن ديزل لتشغيل محطات توليد الكهرباء في مدينة تعز لمدة ثلاثة اشهر اسوة بالمحافظات المحررة ويتجدد المخصص كل ثلاثة اشهر ،
واضاف : “لكن اللافت والمثير للشك أن مدير عام الكهرباء (يقصد السابق) كما افاد مصدر من الوزارة انه طلب تسليم مخصص المحافظة من الديزل الى محطات تجارية مقابل تشغيل الكهرباء للمدينة باسعار تجارية ورفضت الوزارة ذلك العرض واشترطت لتسليم المخصص التزام الشركات التجارية ببيع الكيلو الوات الواحد للمواطنين بمبلغ خمسين ريال يوزع مناصفة بين الشركات التجارية والنصف الاخر خمسة وعشرين ريال يورد لحساب المؤسسة العامة للكهرباء في البنك المركزي ولكن رفض مدير عام الكهرباء هذا الشرط ويبدو ان هذا الهدف الاساسي من عرقلة تشغيل واصلاح محطات الكهرباء في المدينة “.
* تعطيل متعمد وفساد مزدوج
لا شك أن هناك تعطيل متعمد لشبكة الكهرباء الحكومي وقبلها عرقلة عملية التأهيل والصيانة لمحطة عصيفرة والتي كانت ستنفذ بدعم سعودي عام 2018 ، وبحسب مراقبون فإن من يقف وراء هذا العبث اصحاب الشركات التجارية التي بدأت العمل في نفس العام ، اغلبها تستخدم مولدات منهوبة سواء من المحطات الكهربائية او من مؤسسات حكومية منها مولدات مكتب المالية وجامعة تعز والبنك المركزي وصحيفة الجمهورية وغيرها
مؤسسة الكهرباء حينها سهلت لأصحاب الشركات التجارية بإستخدام شبكة الكهرباء الحكومية بحجة التسهيل في توفير الكهرباء للمواطنين ، السلطة كان الأجدر بها توقيف هذا الإجراء وتعمل على منع استخدام الشبكة الحكومي لصالح عمل خاص لكن التدخل كان كارثي وعملت تراخيص رسمية بإستخدام الشبكة الحكومي الى حين عودة الكهرباء ، وهذا الأمر قد يؤخر عملية تشغيل محطة كهرباء عصيفرة بحجج وعراقيل الشركات التجارية ومن يقف خلفهم .
في الأخير لابد من تجاوز الماضي والعمل على تصحيح المسار في كثير من الملفات أبرزها إعادة تشغيل محطة عصيفرة لتنعم تعز بالضوء وتخفيف لو جزء بسيط من معاناة المواطنين الذين يعانون ويلات الحرب والحصار وغياب الخدمات وغلاء الأسعار ..
نقلا عن صحيفة 26 سبتمبر ،، مجيد الضبابي