ما بين عشية وضحاها، خرج للعلن نبأ تواجد قيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح في العاصمة الإماراتية أبوظبي، في زيارة أريد لها أن تكون “سرية للغاية” على ما يبدو.
ولولا عدسات الكاميرا التي سجلت مراسم استقبال ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، الاثنين، لوزير خارجية بريطانيا “جيرمي هانت” وأظهرت عن طريق المصادفة تواجد قيادة الحزب ضمن المدعوين الى مأدبة العشاء، لما عرف شيء عن الزيارة.
لم يصدر حزب الإصلاح – عبر دوائره الإعلامية – أية معلومات بهذا الأن حتى الآن، وهو ذات الشيء الذي قامت به قيادة الإمارات، وهو ما أثار فضول كثير من المراقبين حول طبيعة الزيارة ولماذا أريد لها أن تكون غير معلنة.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ (المشهد اليمني) معلومات ترتبط ارتباطاً مباشراً بهذا اللقاء الذي جمع بين عدوين لدودين، لم تنجح اللقاءات السابقة أو محاولات التوفيق العديدة التي قادها ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، في إحداث شرخ في سد العداوة بينهما، والتي بلغت ذروتها بتصنيف أبوظبي للإصلاح كياناً إرهابياً وأحد فروع تنظيم ” الإخوان المسلمين”، واستهداف قياداته ضمن عمليات اغتيال ممنهجة، بحسب ما كشفت عنها تحقيقات استقصائية غربية مؤخراً.
وقال المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، بأن قيادات الحزب (محمد اليدومي وعبدالوهاب الآنسي) كانت في العاصمة الإماراتية أبوظبي منذ يوم الأحد الفائت، أي قبل يوم من خروج الصور للعلن.
وأضاف: حضر بن زايد ضمن وفد إماراتي رفيع الى السعودية مساء السبت الفائت، وعقد لقاءً هاماً مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز ونجله الأمير محمد بن سلمان، ناقشا خلاله مواضيع طارئة كان على رأسها عملية تحرير الحديدة والتشاور حول الترتيبات التي ستجرى عقب تحرير المدينة الساحلية.
وتابع: الوفد الإماراتي الرفيع غادر الرياض يوم الأحد الماضي عائداً الى الإمارات، وهو نفس اليوم الذي توجه فيه القياديان الإصلاحيان الى أبوظبي.
(المشهد اليمني) تساءل عن مدى إمكانية أن تكون قيادة الإصلاح قد غادرت في ذات الطائرة التي غادر بها محمد بن زايد، لكن المصدر قال إن المعلومات في هذا الخصوص ليست مؤكدة، لكنها تعد احتمالية واردة الحدوث.
وحول طبيعة المشاورات التي تجريها قيادة الحزب في أبوظبي، قال مراقبون لـ (المشهد اليمني) أن ملف الحديدة سيكون بلا شك على رأس طاولة المباحثات بين الغريمين، خاصة مع إصرار أبوظبي على الدفع بطارق محمد صالح لتولي زمام المدينة بعد تحريرها، الأمر الذي يتخوف منه الحزب كثيراً، ويخشى أن يشكل عامل تهديد لوجوده مستقبلاً.
في حين قالت مصادر أخرى أن الحزب يعد أصلاً خارج حسابات السيطرة في الحديدة، مع تولي الإمارات زمام العمليات العسكرية في المدينة، ورجحت أن يكون اللقاء يهدف للتوصل الى تسوية، خاصة فيما يتعلق بدور وحضور الإصلاح في محافظتي مأرب وتعز، والتي تعد مواطن القوة السياسية والعسكرية بالنسبة للحزب.
ولا تخلو الهجمة الإصلاحية الفريدة من نوعها ضد قطر مؤخراً من الدلالة والإشارة الغير مباشرة لما يعتمل في الخفاء بين الحزب وبين أبوظبي، بحسب سياسيين تحدثوا لـ (المشهد اليمني).
ومطلع العام الجاري شهدت الرياض لقاءاً جمع رئيس الحزب وأمينه العام بولي عهد أبو ظبي بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وحينها سرت حالة من التفاؤل بأن اللقاء سيكون مقدمة لتغيير في طبيعة العلاقة العدائية بين الطرفين والتي تتسبب بتعقيد ملفات كثيرة في اليمن، إلا إنه بعد مرور شهور عديدة على اللقاء الأول لم تظهر أي نتائج وظلت حالة التربص قائمة، يترجمها خطاب عدائي تجاه الإصلاح تبناه الإعلام الرسمي الإماراتي وتغريدات مسؤولين كبار.
وفي الشهر الماضي كشفت صحيفة «بَزفيد نيوز» الأمريكية في تحقيق استقصائي عن استقدام الإمارات مرتزقة أمريكان لتنفيذ اغتيالات في اليمن وكانت قيادات الإصلاح في عدن وشخصيات دينية وسياسية جنوب البلاد على رأس قائمة المستهدفين.
ونشرت الصحيفة تصويراً جوياً للعملية التي استهدفت رئيس الإصلاح في عدن البرلماني إنصاف مايو وتم خلالها تفجير عبوة ناسفة وعربة مفخخة إلا أنه نجا من العملية.
وتدير الإمارات فعلياً محافظات جنوب وجنوب شرق اليمن، باعتبار قواتها العسكرية وتشكيلات عسكرية محلية تابعة لها هي التي تسيطر على الأرض وتدير العمليات العسكرية في نطاق جغرافي واسع وصولاً إلى مدينة الحديدة الساحلية (غرب اليمن).
المشهد اليمني