سرد سريع لاهم الاحداث الكاشفة في البحر الاحمر ،والتي تشرح منحنى السلوك الايراني المزعزع للامن البحري
نوفمبر؛ اختطاف السفينة جلاكسي ليدر.
ديسمبر؛ قصف السفن الدولية دون تميز وحصر الاستهدافات على الناقلات غير المرتبطة باسرائيل.
بداية يناير؛ قصف الاصول العسكرية الغربية ومحاولة تفجيرها بقارب مفخخ.
ثم في نهاية يناير؛ اغراق سفينة نفط بريطانية في اقوى هجوم على السفن التجارية و بما انذر بكارثة بيئية و امنية..
هذا سرد سريع لاهم الاحداث الكاشفة في البحر الاحمر ،والتي تشرح منحنى السلوك الايراني المزعزع للامن البحري ، وكيف تطور بنسق تصاعدي متسارع ومقصود ، وكيف اتخذ لنفسة سياقا اقليميا خاصا بل ومستقلا في بعض الاحيان عن ديناميكيات الحرب في غزة.
فمنذ نوفمبر الماضي ؛ اثبتت ايران بانها متهورة بما يكفي لتوسيع رقعة النار في البحر الاحمر ، وذلك على الرغم من انها ظلت اجبن من الدخول في مواجهة اقليمية مباشرة مع واشنطن.
لذا فقد عكفت على اشعال اليمن كساحة نشطة للمواجهة البحرية، واكتفت بمشاهدة غزة كملعب رئيسي للصراع الميداني مع تقديم الدعم الكلامي والرمزي. و حرصت قدر الامكان على تخفيف احمال الصراع عن جغرافيا هلالها الشيعي(العراق ، سوريا ، لبنان) لتجنب استهداف اصولها الاستراتجية الثمينة هناك.
اما على الجانب الاخر ، فقد بادر الحوثيون بحماسة شديدة الى اعادة تعريف انفسهم كجماعة مارقة و مؤذية لمصالح العالم واليمن ، وترسيخ دورهم كبندقية ملتزمة باجندة ايران ومصالحها.
صحيح ان الجماعة استفادت من هذه الاندفاعة لتعزيز دورها الاقليمي الذي شهد طفرة نوعية خلال الفترة الماضية ، حتى داخل محور “الممانعة” نفسه.
لكن طفرة الحوثين لا تعود الى حنكتهم الاستراتجية او تفوق قدراتهم العسكرية. بل هي طفرة خلقها توازن العرض و الطلب الجيوسياسي : اي تدني قيمة الحوثين السياسية لدى صانع القرار الايراني ، بالتوازي مع تنامي اهمية الجغرافيا اليمنية التي يسطرون عليها.
لذا لا تتردد طهران عن الدفع بهم ضمن مقامرات جيوسياسية عالية الخطورة ، وتشجيعهم للذهاب بالصراع الى حافة الهاوية. بخلاف نصائحها المقدمة الى حزب الله و الذي ما انفك يحاور المبعوث الامريكي الى لبنان للتفكير في كيفية تطويق الصراع وخفض التصعيد وتطبيق القرار الاممي ١٧٠١.
وفي المحصلة لم تسهم الانشطة الحوثية – حتى الان على الاقل- بالتاثير الاستراتيجي على مجريات الاحداث في غزة ، ولم تعدوا عن كونها عمل تضامني رمزي (وهو ما يمكن اعتباره عملا انتهازيا اكثر من كونه جهدا بطوليا).
بيد ان تحركات الحوثي اثبتت ناجعة غير مسبوقة في تحقيق عقيدة الردع الايرانية ، والتي تتوخى دوما دفع جبهات الصراع خارج حدوها المباشرة والى داخل الدول العربية المجاورة، وهو ما يحصل حرفيا اليوم بانتقال المواجهة من الخليج العربي الى البحر الاحمر.