نظمت مؤسسة تهامة للحقوق والحريات ندوة حقوقية مميزة عبر تقنية الاتصال الافتراضي “جوجل ميت”، مساء السبت الموافق 21 ديسمبر 2024، بمشاركة نخبة من الناشطين والخبراء الحقوقيين والسياسيين. ركزت الندوة على قضايا حقوق الإنسان في اليمن، مع تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي تواجه سكان تهامة، الذين يعانون من الانتهاكات المركبة، في ظل النزاع وتدهور الأوضاع الإنسانية.
خلال الجلسة، تحدثت الأستاذة رولا القط، المستشارة الحقوقية، عن أهمية دور المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان في مواجهة الانتهاكات في اليمن، مشددة على ضرورة التوازن بين المبادئ الحقوقية والأدوات العملية لضمان تحقيق العدالة. وأشارت إلى أن منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية تلعب دورًا محوريًا في توثيق الانتهاكات في المناطق المهملة، مثل تهامة، التي غالبًا ما تُدفن معاناة سكانها في الظل. وأكدت أن توثيق هذه الانتهاكات ونشرها بشكل منهجي يضع ضغطًا دوليًا على الجهات المسؤولة عن الجرائم الحقوقية.
وفي مداخلة شاملة، ركزت الأستاذة منال مجاهد، الناشطة الحقوقية، على الوضع الإنساني المزري في تهامة، حيث يعاني سكانها من قمع متعدد الجوانب يشمل التهجير القسري، الفقر المدقع، وتفشي الانتهاكات بحق النساء والأطفال. وسلطت الضوء على قضية السجينة التهامية حنان شوعي المنتصر، التي تمثل رمزًا لمعاناة السجينات في تهامة واليمن عمومًا. وأوضحت أن حنان، المحتجزة لدى مليشيات الحوثي، تعاني من أوضاع صحية خطيرة بحسب تقارير طبية مستقلة. ودعت منال المجتمع الدولي، ولا سيما الأمم المتحدة ومكتب المبعوث الأممي، إلى اتخاذ خطوات عاجلة للضغط على مليشيات الحوثي لإطلاق سراحها، خصوصًا في ظل تدهور وضعها الصحي.
كما أشارت إلى الانتهاكات التي تواجه النساء السجينات في تهامة، حيث يتعرضن لظروف احتجاز غير إنسانية وسوء معاملة ممنهجة، تشمل الإهمال الطبي والحرمان من الحقوق الأساسية. وأضافت أن الأطفال في تهامة يعانون من أوضاع مأساوية، تتراوح بين التجنيد القسري من قبل المليشيات والحرمان من التعليم، مما يترك جيلًا كاملًا يعاني من انعدام الأمان والفرص.
من جهته، ناقش الدكتور محمد السمان، السياسي اليمني، التحديات المرتبطة بالدفاع عن حقوق الإنسان في المناطق المهمشة مثل تهامة، مشددًا على أن التهميش الذي تعاني منه تهامة ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة لسياسات طويلة الأمد أهملت هذه المنطقة، وتركتها فريسة للفقر والنزاعات. وأكد السمان أن توحيد الجهود بين المنظمات الدولية والمحلية أمر ضروري لمواجهة الانتهاكات في تهامة، حيث يتطلب الوضع هناك إجراءات استثنائية لضمان إنصاف الضحايا ووقف الانتهاكات.
شهدت الندوة تفاعلًا كبيرًا من المشاركين، الذين أكدوا في مداخلاتهم على أهمية تسليط الضوء على منطقة التي تعاني من إقصاء مزدوج؛ الأول بسبب الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها أهلها، والثاني بسبب غياب الاهتمام الدولي الكافي. ودعا بعض المشاركين إلى إطلاق حملات مناصرة خاصة بتهامة تركز على النساء والأطفال المتضررين بشكل خاص، بالإضافة إلى ضرورة تقديم الدعم الإنساني المباشر للسكان المحليين.
كما تناول الحاضرون النقاش حول أهمية دعم السجينات المفرج عنهن، سواء عبر توفير الرعاية النفسية أو مساعدتهن على إعادة الاندماج في المجتمع، مع التأكيد على ضرورة توثيق معاناتهن لتكون شهادات حية على الجرائم التي ترتكب في تهامة واليمن عمومًا.
واختتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة وضع قضية تهامة في صدارة الأجندة الحقوقية الدولية، والعمل على تعزيز التعاون بين المنظمات الحقوقية والإنسانية لضمان تقديم الدعم اللازم لسكان المنطقة ومواجهة التحديات الجسيمة التي يعيشونها يوميًا. وأجمع المشاركون على أن تهامة تمثل رمزًا لمعاناة اليمن الكبير، وأن النهوض بها هو خطوة أساسية لتحقيق العدالة والإنصاف في البلاد…