ضع اعلانك هنا

إلى أين نذهب إذا كان ألمنا غير مرئيّ؟

من المفترض أن يكون الأمر بسيطًا بما يكفي لأكتبه، لكنّ جسدي وعقلي يقومان بمهاجمتي.

ترجمة: آية هشام

لحوالي تسع سنوات، كتبت هذه القصّة في مخيّلتي مرّة تلو الأخرى. وبينما أكتبها الآن عقلي ينكمش خوفا وأشعر بجسدي يتراجع فزعا من تعريض نفسه للضوء. كتبت لهذه القصّة بدايتين مختلفتين وحذفت كلتيهما. أقوم بتحرير سلسلة من المقالات الأسبوعيّة، من بينها هذا المنشور، تُسمّى قصص الجلد، تقف في موضع التقاء بين محاور كبرى من بينها الإعاقة والجنسانيّة والجندر. كلّ ثلاثاء، ننشر قصّة عمّا يعنيه الوجود في جلد شخص مقصيّ، بشكل ما، من نهر الحكايات اليوميّة. كاتباتنا يكتبن بإصرار وجمال عن سكناهنّ لأجسادهنّ وعقولهنّ التي توصف في مجرى نهر الحكايات اليومية، بقسوة وبفقر خيال، بأنّها “الآخر”. تواصل كاتباتنا طريقهنّ بصبر وحكمة ليُزلن الغموض عن تلك الحياة التي يمكن أن نعيش فيها مع مرض نفسيّ أو إعاقة أو مرض مزمن أو علّة ما. وبينما أستعد لأقوم أخيرًا بكتابة قصة ألمي ومرضي لأول مرة في حياتي، أتعجب مجددًا من قدرتهن على فعل ذلك. الأمر صعب للغاية.

 

إحدى هويّاتي المتعدّدة هي أنني كويرية أنثوية femme. وأحد الأشياء التي تَعرفها النساء والشخصيات الكويرية الأنثوية هي كيفية الإبحار بحذر في نهر الحكايات اليومية، لأنّ كلّ شيء نقوله يمكن أن يُستخدم، وسيُستخدم حتما، ضدّنا.

 

يجب علينا التصرف بشكل محدد في أي مهنة لكي نؤخذ على محمل الجد. وهذا يعني ألاّ نتحدّث عن الطرق التي يُقيّد بها الاضطهاد البنيويّ  حياتنا. ألاّ نتحدث عن كوننا مرضى. ألاّ نطلب إجازة لأسباب “تافهة”. ألاّ نتحدث بأمور “شخصية للغاية”، والتي تُعرف في بعض الأحيان بمحاولات “جذب الانتباه”. ألا نُظهر مشاعرنا، خصوصًا إذا كانت غضبا أو يأسا.

 

نكون مقبولات فقط عندما نعمل بمثاليّة ونجاعة مثل إنسان آليّ، دون أن نكشف عن ذواتنا الحقيقية. فعندما لا نفعل ذلك، نجعل الآخرين يشعرون بعدم الراحة. ومثلما كتبت سارة أحمد، “عندما تعرض مشكلةَ، تتسبّبُ في مشكلة”.

 

بالنسبة إلى اللواتي لا يملكن أغطية آمنة أو علاقات أسريّة من أي نوع، فشهرتهنّ كشخصيّات “عاطفية” و”غير مهنية” تعني الفرق بين امتلاكهن أو عدم امتلاكهن وظيفة. بالرغم من ذلك، يوجد حدّ لا يمكن بعده الحفاظ على هذا الصمت الحذر. نجد طرقًا للإفصاح عما بداخلنا فتنفجر السدود، ويتضخّم نهر الحكايات.

 

***

 

هكذا تبدأ القصّة، أجلس وحيدة بعد منتصف الليل في غرفة المطبخ التي قمت بتأجيرها في مومباي. كان أسبوعي صعبا بشكل استثنائيّ. من المفترض أن أكتب شيئا أستمدّه بسهولة من المحادثات التي أقوم بها ولكنّي بدل ذلك أستمع إلى موسيقى “الغزل” للفنّانة الأسطوريّة بيجوم أختر والتي أستمع إلى أغانيها أسبوعيّا منذ أن اكتشفتها أوّل مرّة.

 

من المفترض أن يكون الأمر بسيطًا بما يكفي لأكتبه، لكنّ جسدي وعقلي يقومان بمهاجمتي.

 

تُسمّى أيضا شموع الشاي المضيئة أو شموع الشاي أو الشموع الصغيرة.الجزء السفليّ من جسدي مشدود بسبب التشنّج.، رقبتي وظهري وكتفي ومعصمي يقتلاني من الألم، بينما تحوم أفكاري القلقة في دوائر تخز بدايات أي شيء أحاول قوله. لقد يأست من محاولة الكتابة. أشعل الشموع وأضواء الشاي وأشبك وردة قماش حمراء في جدول التقويم على مكتبي. أحاول التنفس وزرع قدمي على الأرض. أخلط ورق التاروت، والتي عرفتها عن طريق إحدى صديقاتي المقرّبات. أختار ثلاثة أوراق عشوائية، وأقلبها ليظهر وجهها؛ النجمة. الحبيبان. ورقة متكوّنة من ثماني نجمات خماسيّات.

ورقة الأمل، ورقة لها علاقة بتحسين حرفة المرء. ورقة أخرى عن الانسجام. شكّلت هذه الصور حزاما أحاط بالسؤال الذي أقلّبه في رأسي مرارا عن كتابتي. ومع أنّ الوقت ما يزال بعد منتصف الليل، إلاّ أني أشعر كما لو أنني تجاوزت حياتي الصغيرة، وأصبحت جزءً من شيء أكبر. مازلت أجلس وحيدة في غرفتي بعيدة عن كلّ الأشخاص الذّين أحبّهم/ن ومازلت أشعر بالألم وعدم الارتياح، والأهمّ من ذلك أنّي لم أكتب شيئا بعد.

 

أنا لا أستخدم هذه الأوراق للتكهن ولا أؤمن أنها تستطيع القيام بذلك. ولكني أؤمن بتلك القوّة العميقة التي تمتلكها. هذه الصور الشبيهة بالأصل نابعة عن قصص وسرديّات قديمة مُتجذرة في الأساطير والذاكرة الثقافية والصور الطبيعية. هذه الصور تفعل بي شيئًا يشبه ما فعلته القصص بالبشر على مدى قرون مضت. تجعلني أشعر بوحدة أقل.

 

روحانيتي هجينة؛ ليست متجذرة في الدين، وأرفض النقد الأحاديّ “العقلانيّ” الذي يُقصي ويسخر ويخاف من الروحانيّة المؤنّثة، من أجل المزيد من الثراء والتعقيد. نفعني هذا، بشكل ما، بدلًا من الترصّد على منصّات الويب بأشخاص يتألّمون مثلي. يكسر هؤلاء قلبي، ويجعلوني أشعر بالغضب إلى درجة ميؤوس منها. كما نفعني هذا قطعًا نفسيًا وعاطفيًا أكثر من المتدرّبين/ات المحترفين/ات اللذين تجاهلوا ألمي مرارا.

 

ربما لهذا السبب إذن تجذبني الورقة الثالثة من “الأركانا” الكبرى، ورقة الكاهنة العُليا، أكثر من أي ورقة أخرى، فهي ورقة المعرفة اللاواعية والغموض والرموز والأحلام.

أعيش مع الانتباذ البطانيّ الرحميّ، وهو مرض نسائي لا يوجد له سبب أو علاج معروف. الشيء الوحيد الذي يثير تقريبا قلق كلّ طبيب/ة قمت بزيارته/ا بسبب الألم والإرهاق المزمن الذي سبّبه لي هذا المرض في حياتي، هو مدى رغبتي في الإنجاب، لأنّ هذا المرض يمكن أن يصيبك بالعقم أيضًا. ما هي فائدتي، كشخص تمتلك رحما، إذا لم أستطع أن أدفع من جسدي بطفل/ة أو اثنين على الأقل؟

 

عودوا معي إلى سنّ التاسعة عشرة. كانت حياتي كلها وصولًا إلى تلك اللحظة مليئة بالعنف. في البيت، على يد شخص مسؤول بشكل جزئيّ عن وجودي الماديّ، ومن المفترض أن يحبّني ويهتمّ لأمري. غير أنّه لم يفعل.

 

أنا في الواحدة والعشرين. يقبض على جانبي الأيمن ألم ضخم.

 

أنا في العشرين. غالبًا ما أعاني من الآلام. عندما تأتي دورتي الشهرية، تأتي معها موجات من الألم، بالكاد أقوى على تحمّلها. كلّ  ما يصلني من ثقافتنا السائدة يقول بأنّ الدورة الشهريّة شيء مؤلم، يعني من المفترض أن أتألم، وفي حال لم أحتمل هذا الألم، فهناك شيء مريب فيّ.

 

أنا في الواحدة والعشرين. يقبض على جانبي الأيمن ألم ضخم. يبدأ حينما يبدأ، ولا يوجد شيء يمكنني فعله لأوقف الشعور بهذا الألم. تأخذني صديقتي إلى طبيب. يُشخّص الطبيب مرض التهاب المعدة، ويكتب لي دواءً. لا يفعل الدواء شيئًا. تأخذني أمي إلى طبيب آخر. يقول إنّ لديّ التهاب الزائدة الدودية، ويطلب منها أن تأخذني إلى إحدى المستشفيات المحلية فورًا. أنا لا أعاني من التهاب الزائدة الدودية. في النهاية، يُخبرني طبيب ثالث أنني يجب أن أحصل على أشعة مقطعيّة. لم أكن أعرف حينها أنّ هذا سيكون الفحص الأوّل من عشرات الفحوص التي قمت بها على مرّ سنوات طويلة. حياة كاملة من الجيلاتِين على معدتي. وفي كلّ مرّة يقول الشخص الذي يُشغل الآلة: “أوه أنت لديك كيس”.

 

أنا في الواحدة والعشرين. أخبروني للتو أنّه لدي شيء يسمى الانتباذ البطانيّ الرحميّ، وأن الكيسة على مبيضي الأيمن كبيرة ويجب استئصالها. يُحتمل أن تعرّضني للخطر. أشعر كما لو أن كائنا فضائيّا يكبر بداخلي؛ إنه حَمْل وحشي.

أنا في الواحدة والعشرين. خرجت للتو من العملية. أستيقظ من التخدير مُنتحبة، أقول لأمي على نحو متكرر أنني أحبها. أحبك، أحبك. لدي شريك رائع، أقيم معه علاقة جنسية جميلة. وعلى سبيل المزاح بيننا، قرّر أنه لن يحلق شعر وجهه إلى أن نستطيع ممارسة علاقة حميمية مرة أخرى. أسأل الطبيب متى يمكنني ممارسة جنس إيلاجي مرة أخرى. يتغير وجهه؛ “ألست غير متزوجة؟”.

 

أنا في الواحدة والعشرين. الطبيبة الأخرى تساعدني على الجلوس وتقول: “هل تعرفين لماذا لديك هذا المرض؟ أنت رجولية للغاية. من المفترض أن تكون النساء وديعات. لهذا السبب يوجد الكثير من الهرمون الذَّكَري في جسدك”. ضحكتُ باكية من عدم التصديق.

 

أنا في الثانية والعشرين. هربت من بيت لا أستطيع احتماله، بالرغم من أنّ الأب العنيف لم يعد يسكن به. أنا في المملكة المتحدة في منحة دراسية. ولأول مرّة في حياتي لا يستطيع أبي الوصول إلي. لطالما اعتقدت بأنني سأشعر بالابتهاج عندما أتمكن أخيرًا من بدء حياتي. إلا أنني أصبت بانهيار عصبيّ.

 

تعرفت على امرأة في الجامعة لن تعرف أبدًا حقيقة أنها أنقذت حياتي بثرثرتها معي عندما كنت أعرب عن قلقي حول تقديم واجباتي في الموعد المحدد لأنّني انتحارية. ساعدتني في الوصول إلى معالجة نفسيّة. أخبرتني الحقيقة: وهي أنني أندب طفولة لم أحصل عليها أبدًا. أدرك أن الهروب لا يساوي ما تخيلت أنه حصول المرء على حياة خاصة به.

 

أنا في الثانية والعشرين، النظام الطبيّ البريطانيّ غير مُموّل بالقدر الكافي ومُثقل بالأعباء. أطباء الفترة المسائية سريعو الغضب. تنفد مني أدوية الاكتئاب في بعض الأحيان. كما تنفد مني جلسات العلاج النفسي. أشعر بأنني مُخدرة، ولا أتوقف عن الشعور بالألم أبدًا.

 

أنا مجبرة على القيام بالسونار المهبليّ. أشعر بوجهي مُنسحقا من شدّة الألم. يُخبرني الرجل الذي يُشغّل الآلة بأنه يعتقد بأنني مصابة بالانتباذ البطانيّ الرحميّ. لكنّه غير متأكّد تماما لذلك يجب عليّ أن أعيد الفحص حتّى يعطيني رئيسه (أي الطبيب المشرف على حالتي) نتيجة نهائيّة. “إنها حقًا تكنولوجيا هائلة، كما تعرفين”. ما الذي أعرفه، أنّ لديّ مرض الانتباذ البطانيّ الرحميّ؟ وأنّي خضعت لعملية جراحية لأجلها؟ الموعد المقبل سيكون خلال شهرين.

 

أنا في الثالثة والعشرين. في الرابعة والعشرين. في الخامسة والعشرين. في السادسة والعشرين. أعمل في عدة وظائف تأخذ كلّ ما بداخلي. كلّ زيارة للطبيب متبادلة وغير محتملة. “هل أنت متزوجة؟” “هل تريدين أطفالًا؟” “لماذا لا تملكين أطفالًا؟” “حان وقت حصولك على أطفال”، “استلقي وافتحي ساقيك. لن يؤلمك هذا”. إنها تؤلم دائمًا. توقفت عن الذهاب.

 

أنا في السابعة والعشرين. وجدت أخيرًا طبيبة لا تكترث لكوني ناشطة جنسيًا وأنّي كائن لا يريد الزواج ولا أعتقد حتى أنني أريد أطفالًا. لكن الشيء الوحيد الذّي استطاعت تقديمه لي هو حبوب منع الحمل لإيقاف دورتي الشهرية. الإرهاق والألم مستمرّان. الاكتئاب – المرتبط بالحبوب – والقلق لا يتوقفان. لا أدري ما الذي ستفعله الحبوب بجسدي على المدى البعيد. لا أملك خيارًا سوى الاستمرار بأخذها.

 

عندما تتأكد أنني أشعر بالراحة خلال الفحص، تبدأ بالتحدث عن قطتها لتُلهيني، أبدأ بالبكاء شاعرة بالامتنان.

 

أنا في الثامنة والعشرين، ولأولّ مرة أجد طبيبة تُعطيني خيارات أخرى غير الحبوب

 

أنا مدركة تمامًا أنني سأتمكن من الدفع لمشفى خاص حتّى أتمكّن من رؤيتها بانتظام، ولا يهمّ كيف سأزاحم للحصول على المال. من البشاعة أن أستطيع فعل ذلك في بلد تتعرض فيه النساء إلى الاعتداء بشكل روتينيّ في أقسام الولادة والمستشفيات الحكومية.

 

أنا في الثامنة والعشرين، ولأولّ مرة أجد طبيبة تُعطيني خيارات أخرى غير الحبوب التي تناولتها بشكل متقطّع لمدة ثماني سنوات. أخبرتني عن حبوب أخرى مخصصة للبطان الرحميّ وعن اللولب الرحميّ، الذي سيوقف دورتي الشهرية لمدة خمس سنوات. أعجبت بها بشدة، فهي لا تسأل أي أسئلة عن الزواج أو الأطفال. كما تبدو أنها تفهم الألم الذي أعاني منه. أختار الحبوب الأخرى. تُخبرني أنّه من الصعب الحصول عليها. تُعطيني بطاقة شخص يُمكنه إحضارها لي. بعد ذلك بثلاثة أشهر، يُريني أحد معارفي، والذي يعمل والديه كطبيبين، بدائل أقلّ تكلفة بخمس مرات. أشعر بخيانة عميقة.

 

أنا في الثامنة والعشرين.

لقد ولدت تحت قمر شبه مكتمل. أحيانا أمزح وهذا ما أشعر به: منغلقة بطريقة مُحبطة ولكن ليس بما فيه الكفاية. إذا كنت أعمل في وظيفة بدوام كامل (أو، بأكثر واقعية في المجالات التي أستطيع العمل بها؛ أي وظيفة كثيرًا ما تُحتم عليّ العمل خلال اليوم والليل وإجازات نهاية الأسبوع) لا يمكنني الحصول على الكثير من الأشياء التي تجعلني أشعر بالحب والسلامة العقلية، وخاصّة شعور الانتماء إلى مجموعة. إذا أردت الحصول على مكان يمكنني العيش فيه بمفردي، فلا يمكنني أن آخذ معي قطتي. إذا استهلكت معالقي للطبخ، أو أردت أن أرى صديقا، أو أن آخذ دروس رقص، فيجب عليّ أن أناضل مع طاقتي التي لا يمكنها أن تُوجه إلى الأشياء التي أريدها وأحتاجها بشدّة.

رغم كلّ هذا، دائمًا ما أتطلع إلى لحظة من الحميمية لا يؤثر عليها ألمي، وإلى حياة تستوعب رغباتي الإنسانية المتنوعة. وهذه فقط تجربتي، والتي يمكنني أن أمارس بها أنواع معينة من الامتيازات لا يمكن لملايين من الأشخاص في نفس الموقف ممارستها.

 

وبينما يقترب يوم عالمي آخر للمرأة العاملة، نتجاوز الغسيل الوردي الذي يغطيه، ونعيد التأكيد على أن تطلعنا للمزيد هو فعل سياسي.

 

أن نُرى كأشخاص صالحة للعمل وألاّ يتم نبذنا لأنّ أجسادنا لديها احتياجات خاصة، ولأنّنا نجعل هذه الاحتياجات مُعلنة. أن يُعترف بألمنا في حد ذاته، وليس من خلال عدسة القدرة على الإنجاب. أن يُرى مرضنا على أنه جدير ببحث يحاول إيجاد سبب أو علاج له.

سأتّبع يوهانا هدوا Johanna Hedva، والتي اقتبستُ سابقا من مقالها البديع “نظريّة المرأة المريضة”، لأنضمّ إلى جيوش الأجساد المريضة والشغوفة والمُتعبة و”غير المحبوبة” والمثيرة للسخط والساخطة والمدفوعة والمستنزفة و”الصعبة” والصامدة والغاضبة و”الهستيرية” والمُحبة والحادة والمبدعة. رافعات أذرعنا إلى الأعلى ومتطلّعات إلى المزيد. نحو قمر ضخم، مكتمل ومثير للدهشة.

 

هذا النص منقول عن موقع قصص الجلد – Skin Stories

ضع اعلانك هنا