الكاتب : جياز السامعي مناضل وجريح في حرب تحرير تعز من مليشيات الحوثي …
نحن أبناءَ سامِع، قدّمنا قرابة ٣١٧ شهيدًا، ومئات الجرحى، وآلاف الشباب، وبرغم تضحياتنا الكبيرة، ونضالنا المستمر، وإيماننا المطلق بالجمهورية، وولائنا الصادق للوطن، وإخلاصنا التام للقضية، إلا أننا لا نملك صوتًا في تعز، ولا تأثيرًا في مراكز القرار، ويتم التعامل معنا بنوعٍ من الازدراء والتحقير، ولا نعلم ما السبب.، ومع ذلك، يُصرّ البعض منّا على التشدّق بالشعارات الزائفة، يبيع لنا الوهم، ويركض خلف السراب بلا رؤية، ولا حجّة، ولا حقوق.
الكثير من أبناء المديرية غادروا بفعل نكران جهودهم، وتبخيس أدوارهم، لا سيّما فيما يتعلق بالامتيازات، من دورات تأهيلية، ومستحقات مالية، بالإضافة إلى توزيع الرُتب، والحصول على العلاج أسوةً بالآخرين في الدرب ذاته.
ومع ذلك، تجد أبناء المديرية لا يسمع لهم أحد، وحتى حقوقهم المشروعة منقوصة، إن لم تكن مسلوبة، في حين أن أبناء بعض المديريات الأخرى – وهم معروفون للجميع – متجذّرون في أروقة الجيش والسلطة والقرار، وهذا – طبعًا – بفعل المحسوبية، والقرابة، والفرز المناطقي، وهؤلاء يحصلون على امتيازات كثيرة، بكل سهولة، وبدون عناء أو تكلف.
رقمٌ كبيرٌ جدًا منحته سامِع للوطن والجمهورية، ولنيل قيم الحرية والكرامة: قرابة ٣١٧ شهيدًا، ومئات الجرحى، ومقاتلون كُثر، تبخّرت تضحياتهم، وأصبحت من الماضي؛ لا سلطة، ولا دولة، ولا مجتمع يهتم بهم، نتيجةً للمحسوبية، والفرز المناطقي، والعنصري، والحزبي.
وكأن الدماء التي سُكبت لا ثمن لها، والجماجم التي تكسّرت بلا وزن، والأطراف التي بُترت صارت رمادًا، والأشلاء التي تطايرت أضحت عبثًا، ودموع الأمهات ترفًا، وفراق الأهل والأقارب نزهة، وأنين الجرحى تحوّل إلى آلة عزف تضجّ بالصخب، والبطولة ذكرى منسيّة دونما إشادة، وبدت سامِع منزوعةً من التقدير الحقيقي.
وكمثالٍ بسيط لظواهر الإقصاء والتهميش، فقد تعمّدت وزارة التربية والتعليم التابعة للشرعية حجبَ علامات طلاب المديرية لعامين متتالين، إيذانًا منها بركل المديرية نهائيًا في أحضان الجهل والكهنوت، وحرمان أبنائها من فرص التعليم التي كفلها لهم الدستور والقانون.
لماذا هذه المعاملة القاسية؟! العلم عند الله!