ايمن سعيد
ليس هُناك شيء أجمل من سهرات الريف مع شباب القرية. تضحكون، تتبادلون أطراف الحديث، ابتداءً من فضاء السياسة؛ والتاريخ، ثم الأدب، حتى العودة إلى الدائرة الحقيقية والتي تُصيبنا بالجمود، والتيه المُميت. يبدأ أحدهم بسؤاله: “كيف للشعب أن يصمت لأكثر من ثلاثين سنة على رئيس قاتل للرئيس الأسبق؟ ثم ينتهي بنا المطاف بقول أحدهم مُداعبًا وضاحكًا: ” لولا ثورات الربيع العربي، لكانت الدول العربية دول عُظمى”
وأنت في غُرفة تتربع في منطقة مُرتفعة عن بقية المجالس، ما إن تفتح نوافذها التي تطل على القرية؛ حتى تشعُر بأنك خليفة قوم، يسهر الليل؛ ليبقى الجميع بخير. يتسربُ من النافذةِ القريبة هواء بارد، يقشعر منه جسدك، تغلقها، ثم تعود للحديث عن الكُتاب والروائيين، مُدّعيًا بأن: “خولة حمدي” أفضل روائية عربية. يُعارضك صديقك من زاوية بعيدة، قائلا :” لا يوجد أجمل من “عماد زكي” فـ رواياته ليست مُملة وبامكان المرء إكمال أيّ رواية له بنهار واحد، لا أقل ولا أكثر”. يكثرُ الحديث في هذا الجانب، بآراء متفاوتة، كلٌ حسب ما قرأ وتلذذ، لكنك مستمر في مدح “خولة”حتى نادوك “أيمن خولة”
لكي تذهب بهم بعيدًا، بعد مُناكفات كلامية شديدة، تُفكّر حينها بالسؤال: ماذا عن كُتاب القصيدة؟ لا شك بأنك سوف تتكلم عن حذيفة، لكن هذه المرة لن تتفوه إلا بعدما ترى آراء الجمع، أقصد جميع من في الغرفة. تسألهم حينها؛ لتعرف أذواقهم الشعرية، فينادي أحدهم باسم: “محمد عبدالباري” ويقول الآخر ليس لي في الشعر شيئًا، فيما يهمس صديقًا بجانبك: “أنا أفضّل حُذيفة” تعرفُ حينها بأنه فقط يريد أن يُفسد رأيك، تُعطيه تلميحات بأن يصمت، وتصيحُ قائلًا: “حذيفة وبس” مرددًا بعض أبياته والتي يقول فيها:
“يبكي الغريب حنينًا،
إن رأى وطنًا للأخرين
فما يُبكيكَ أن تُره”
لم تصمت، إلا بعد قراءة أربع قصائد له؛ حتى اسموك: “أيمن العرجي”
ما ألطف السهرات الريفية. أريد المكوث في الريف فقط؛ لأجل هذه السهرات المُفّعمة بالبساطةِ والحُب القروي. تبًا لمُحبي السفر!
أيمن سعيد