ضع اعلانك هنا

عن ملك الألوان.. هاشم علي

تقريبا هذا اول شيء نشر لي في صحيفة. بعد يومين من موت الفنان التشكيلي هاشم علي, كتبت هذه الخاطرة كنوع من المواساة لصديقي أكرم عبده الذي كان قد اصبح صديقا لهاشم علي وكان قد بدأ يحدثه عن ايام الشباب والنضال وعن قراءة ماركس الذي كان أي حديث عنه لابد ان يحرك شيئا غائرا في النفس وكان من الغريب حقا ان هناك فنانا ومثقفا يتحدث عن ماركس بشجون في مثل تلك الايام. اكرم كان دائما يلح علي بأن اذهب معه لأحظى ببعض الوقت مع هاشم علي الذي لديه موعد ثابت في الجلوس على ناصية شارع 26 سبتمر المقابل لمنزله. ستجده هناك ما بين التاسعة والعاشرة صباحا. لكني حينها كنت بطبيعة جبانة وما يمكن تسميته برهاب المشهورين خصوصا أولئك الذين احبهم واتمنى من اعماقي الالتقاء بهم. 

في المساء وجدت صحفي يبحث عن كتابات عن هاشم علي لكي يعد ملفا صحفيا. كانت الورقة في جيبي بخطي الرديء طبعا والذي لم اكن اثق انه بالامكان التعامل معه من قبل شخص آخر غيري. اعطيته الورقة وبعد ايام نشر الملف في صحيفة الجمهورية وقد تضمن تلك الخاطرة. افرحني ذلك وكان بمثابة عزاء لي لأني لم اقبل عروض صديقي اكرم المغرية.  

الفرشات يتامى

رحل ملك اللون «المعلم الأول» ولم تكتمل حكاية ماركس

كان أكرم قد وعدنا بأنه عندما يلتقي بصديقه

هاشم علي _ يقولها بشيء من الفخر _ سيستأنف مناقشته حول ماركس وأيام العذاب عن سر حبه لتعز والجنون بها

تعز الآن يتيمة كيتمنا مشدوهين أمام آخر عبارة قالها أكرم عن هاشم علي وعن حديث لم يكتمل

كان أكرم يقول:« أن هاشم علي لايزال بروح الشباب

وإن التعرف عليه ليس أمراً صعباً: وجدته هناك

في شارع 62 وحملقت به كثيراً, كانت ملامحه مطبوعة في ذهني, يشبه لوحاته التي كانت تصلنا عبر الجرائد والمجلات مع صوره أحياناً

بدا مرتبكاً أمام نظراتي الحادة قلت له: هل أنت هاشم علي؟

هز رأسه فكان ذلك يكفي لاقتحام عالم هاشم علي عن قرب وأصبحنا أصدقاء منذ تلك اللحظة»

شارع 62 يتيم أيضاً فقد طلة هاشم الصباحية وتلك النظرة المتفحصة التي ترى كل يوم شيئاً جديداً

مات هاشم علي يا أكرم وذهبت معه لوحات كثيرة كانت لاتزال في مخيلته

وقف المرض أمام فرشاة لاتعرف التعب

تلك الفرشاة يتيمة أيضاً

لكن هاشم علي لم يمت.. روحه ستظل في كل لوحة تضج بصمت وتعمل بصمت

تعلمنا الجمال.. تحلق بأرواحنا عالياً

لنتعرف على هاشم علي من جديد كل صباح نتبادل رائحة المشاقر

وعند الظهيرة سنقف قليلاً أمام بائعة الملوج

وعندما يأتي موعد العمل ستجده هناك في مرسمه لا يرغب في أن يكلم أحداً.. 

وسام محمد

نشرت الخاطرة بتاريخ 12/ نوفمبر/ 2009

اللوحة للفنانة ريم الرازحي

ضع اعلانك هنا