منتدى الجاوي يصدر كتابا موسوما ب: (د. ابوبكر السقاف آفاق فكرية … وسياسية يمنية)
حسن الدولة
١٠ ديسمبر ٢٠٢٣م
تلقيت من الصديق المثقف العضوي المهندس منصور علي عبدالجليل نسخة من هذا الكتاب الذي حوى بعضا من كتابات فقيد الوطن الفيلسوف والمفكر اليمني البروفيسور ابوبكر السقاف الذي قال عنه حسين مروة مؤلف كتاب (النزعات المادية في الإسلام) ان خمسة من المفكرين العرب من يستحقون لقب فيلسوف هم الدكتور زكي نجيب محمود والدكتور فؤاد زكريا وعبدالغفار مكاوي والدكتور مراد وهبة والدكتور ابوبكر السقاف).
وقد فوجئت بما قام به المهندس طيار الأخ الصديق عبدالملك ضيف الله وما قام به الصديق منصور علي عبدالجليل من جهود في جمع المقالات والدراسات التي كتبها المفكر البروف ابوبكر السقاف طيب الله ثراه في الجنة
ليضمها هذا المجلد القيم وبهذه المناسبة يجدر الإشارة إلى تلك المناظرة التي دعا إليها ورتب لها الشيخ عبدالمجيد الزنداني التي حدد مكانها في جامعة صنعاء وقد حشد الزنداني لها المئات من انصاره طلاب جامعة الإيمان تلك الجامعة التي سخر منها السقاف قائلا ان مسألة الإيمان متعلقة بأمر الغيب ولا تخضع للتعليم لان موطنها بين العبد وربه والحكم في الإيمان اخروي لا يعلمه إلا الله مستشهدا بما جاء في كتاب الله الكريم ان الرسول قال لاهل الكتاب (لعلي وإياكم على هدى أو على ضلال) وقوله سبحانه لرسوله الكريم: (قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا ما يوحى إلي وما انا إلا نذير مبين) ولو عاش السقاف إلى اليوم لقال لدعاة (الهوية الإيمانبة) نفس ما قاله للزنداني، الذي تعمد ان يبني جامعة الإيمان بأموال شركة الأسماك التي جمعها من المواطنين وقد تعمد ان تكون جامعته مجاورة لجامعة صنعاء متعمدا تسميتها بجامعة الإيمان لتقابل جامعة الكفر حسب وجهة نظره (جامعة صنعاء). ومن المفارقات ان اصحاب الهوية الإيمانية جاءوا بما هو انكر من تسمية جامعة الزنداني ، لأن الإيمان قلبي اخروي لا يحكم فيه إلا الله، ومن يدعي امتلاك الهوية الإيمانية فقد افتأت على الله العالم بمن ضل ومن اهتدى..
الكتاب يحتوي على ٤٠٠ صفحة من القطع الكبير تحتوي على ٣٦ عنوانا في الفلسفة والديمقراطية وعلم الإجتماع والبحث العلمي والتعليم …والحاكمية في الفكر الإسلامي والثورة والمؤسسة الدينية في ايران وفي المجال الإقتصادي وتاثير اصلاحات البنك الدولي وحلم السلام الدائم وقد استوقفني القاضي العلامة عبدالعزيز البغدادي عند موضوع هام الموسوم ب: (اقنعة الطائفية السبعة) حيث اعتبر الطائفية هي الداء العضال الممزق لنسيجنا المجتمعي معتبرا ان اندماجا في إنسانية معاصرة يتطلب تكوين مجتمعا يسوده الحرية والعدل والتقدم، وبخاصة بعد تراجع الوحدة السياسية بسبب حرب صيف عام ١٩٩٤م الظالمة فإن من المهم تكوين وحدة ثقافية باعتبارها الجسر الوحيد الذي لم تفلح قوى الإستعمار ووسطائها المحليين في تحطيمه وهو مقال يحتاج إلى مناقشته والوقوف عند كل قناع من اقنعة الطائفية السبعة التي تناولها تناول الفيلسوف الذي خاض الحياة وخاضته احاداثها مفكرا ومجربا ، وقد تمكن رجل الأعمال الصديق الأستاذ امين قاسم من خلال المقدمة التي كتبها ان يلم بتلك الموضوعات وكاتبها استاذنا خالد الذكر السقاف في فقرات لا تنجاوز الاربع قليلة الكلمات كثيفة المعاني بقدرة هائلة ادهشتني وعرفتني ان صديقي التاجر المثقف يمتلك قلما رشيقا وفكرا موسوعيا ..
ونعود إلى تلك المناظرة الشيطانية التي انسحب منها عندما وجد المدججين بالسلاح في جنبات القاعة والصراخ ورفع شعارات التكفير في قاعة تعج بالضجيج القبلي حيث دخل الأستاذ الدكتور أبو بكر السقاف منفردًا لا يرافقه ودخل بعده الزنداني الذي رافقه ايضا مسلحون، فتعالت اصوات التصفيق والتأييد وشعارات والصراخ بآيات مثل قوله سبحانه (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) ومثل (ومن لم يحكم بما انزل فاولئك هم الكاقرون هم الظالمون هم الفاسقون) مرددين التكبير (الله أكبر) فشق موكب الزنداني طريقة مباشرة إلى المنصة في مشهد استعلائي استكباري غوغائي مصحوبا بالتصفيق والتكبير فدخل الزنداني رافعا هامته متعال ضيقا حرجا كانما يصعد إلى السماء واخذ طريقه إلى المقعد الامامي في المنصة وابتسامته الساذجة الصفراء تعلوا محياه اجلسوا الشيخ على المقعد الأول في المنصة. وقد حدد له ذلك المقعد ابن عمه الدكتور منصور الزنداني )رئيس نقابة هيئة التدريس في الجامعة. وأخذ المكرفون وافتتح الجلسة بمقدمة طويلة تاليا آيات تفرق بين الكافرين والمؤمنين التي قصد بها ادانة السقاف الفيلسوف واحاديث التكفير مرحبا بمن اسماه علامة الاسلام الشيخ الجليل ، ثم اختتم كلامه بلهجة ساخرة قائلا هيا أين الفيلسوف أبو بكر السقاف ؟! لكن الدكتور السقاف رد عليه بصوت هادئ وقور خفيض أنا هنا. قال: تعال إلى المنصة نبدأ المناظر الفكرية! رد السقاف أي مناظرة فكرية في ثكنة عسكرية؟! لن اصعد المنصة قبل أن تختفي تلك المظاهر المسلحة ليس خوفًا منها ولكن احترامًا للمؤسسة الأكاديمية وللفكر ذاته. فتباهى الزنداني واعتبر ذلك انهزاما فقال بلهجته الساذجة الساخرة وابتسامته الصفراء من تعتبرهم ثكنة عسكرية هم جند الله لا تخاف منهم أصعد يا سقاف! لكن الدكتور أبوبكر نهض وحقيبة المعلقة على كتفه منصرفا … بهدوء من القاعة. فضجت بالتصفيق البليد بانتصار الشيخ على الفيلسوف. مطالبين بإغلاق قسم الفلسفة وللأسف الشديد ان الزنداني رغم نفوذه في ذلك الزمن لم يستطع اغلاق قسم الفلسفة حاى جاء انصار الله فحققوا حلم الشيخ الزنداني .
وكان الدكتور السقاف يقول ان البلدان لا تزدهر ولا تتقدم إلا في مناخ تفوح في ارجائه الحرية، وان واد الفلسفة هو وأد للفكر والعلم باعتبار الفلسفة هي أم العلوم قد كان رحمة الله تغشاه منافحا عن الحريات وقد تعرض إلى ضرب مبرح من قبل عصابة الشبخين الزنداني رئيس حزب الاصلاح رئيس مجلس النواب اليمني، الذي قال للشيخ عبدالرحمن نعمان الذي قابل الشيخ الاحمر لينصفه من الذين اختطفوه واوسعه ضربا فرد فرد عليه الشيخ الاحمر (( من كتب لُبج! يا عبدالرحمن)) فالرحمة للسقاف زالشكر للمنتدى الجاوي بصنعاء الذي تولى اصدار هذا الكتاب …