“باقة حزن على تاج النهار” “ذويزن”
من يقُل أن سراج الدار غابْ
أو وقفْ قلب المدينة ؟
لا أصدق !
***
من دموعي
قفز الحرف يصيح
وجعي … يا وجعي
كبر الجرحْ بحرفي
كبر الحرفُ بجرحي
ومضى ينهشُ من دَقّاتِ قلبي
كُل حزني …
كل آهات الفجيعة
بَكْ عرفتْ النور
بَكْ لميَّت أوارقي
شتاتي
والمهَانَة
من حروفكْ اكتسى حَرْفي ثيابُهْ
من مباسم كل كلمة قلتها لي :
إرْتَوى حرفي شمول
إرتوى شوقي أمَلْ
إرتوتْ كل أزاهيري
إبْتِسَامَهْ
***
يَا سِراج الدّارْ
يا ضَوْئي
ويا قلب الجميع
مَنْ يَقُل أن سراج الدارْ غَابْ
أو وَقف قلب المدينهْ ؟
لا أصَدِّق !
هَذهِ دَقاتُ قلبي تَتَسابَقْ
ليجدْ حَرْفي طريقُهْ
بين حُزني
عند معشوقي الذي غنّى لكل العاشقين
***
إن قتلني الحُزنُ لكْ
وِنْ رَمَىَ بي ألمي في بير أوجاعي عليك
وِنْ جَرَفني كَمَدي لَلْهَاوِيَهْ
إفتديتَكْ
في حَيَاتَكْ
في مَمَاتكْ
أفتديتَكْ
مش بُعمري بَسْ
بقلبي
أو بروحي
بأزاهير صغاري
وكباري
بالملايين – التي غنْت أهاجيسك وصَوتَكْ
بدموع العاشقين
أنت فيهم تتلألأ كالصَّباحْ
الجميع مِنَّك وفيْك
هم يعيشون بكْ
وتحيا أنت فيهُمْ
أنت تحيا
***
لَكْ أنا حنَّيت حنين العيس في كل البوادي
لَكْ أنا غنّيت أغاني الصبر
أغاني الانتظار للوليمَهْ
إرْتَجَفْ قلبي هُمُومْ
في زمان الغلب تنخرني
أهازيجي عَلَيْك
توجعني جراحاتي
لأنَّكْ أنتْ فيني
لأنك بين أيَّامِيْ وَلَيْلِي
بين أحزانِيْ وأفراحِيْ
تَعِيْشْ
***
أنت شامخْ
فوق نجمتَنا شموخَكْ
في وريد الشعب
أحلاَمكْ وَوَعْدَكْ
في ضمير الأرض والأجيال قلبَكْ
ينتشي
يرقص
يغنِّي
يتجلىّ
مِثْلَ عملاق الحياةْ
***
من أرادوا قتل حُبي هُزِموا
حملوا عارَ الزمانْ
تحت حُبي سقطت كل مواخير السفالة
كان حبي في زمان الغدرِ أقوى
من زمان العارْ والدانات أقوى
كان أقوى
لأنْك أنت ربّيْتُهْ
وأسقيتُهْ دمُوعَكْ
أنت غَنّيْتُهْ بِذارْ
أنْتَ شذّبتُهْ كَحِيْفْ
أنْتَ قطّفْتُهْ حَصَادْ
واستوى حُبْ الجميع
أستوى لا الدهرْ يقدرْ لُهْ
ولا خُبْث العَهَارَهْ
***
عاد حُزْنِيْ للبدايهْ
وأنْتَ تزمُلْ
فوق سقف الدار
وسط الدارْ
تِحْتَ الدارْ
في كل الجهات المشرقَهْ
كُنْت تَزْمُلْ
زملةَ الحب المبكِّرْ
كان بين الفجر وبينكْ
ألْفَ معنى
كل ما شليت زاملْ
ردّ صوت الفجر زاملْ
وأنتشر حُبْكْ
وحُبْ الفجر بين الأوفياءْ
إنتشر كالبرق يحمي الحُبْ
من كل الفجائِعْ
***
للهوى الباقي طريقُهْ
أنت مدّيتُهْ بأمجاد الحَقِيقَهْ
أمجاد الوفاء الحقْ
ذي غنُّوا مَعَك صوت الخلودْ
من عميق الليل أخرجتم سفِيْنَتَنا
إلى بَرِّ الأمانْ
وغنّيتُمْ لنا :
… هذي السفينةْ
هذه قلب الجمِيْعْ
أحرسوها مثل نيني العَينْ
مثل القلبْ
مثل الإنتصارْ
مثلما يحرس الحارسْ حبيبُهْ
والذي جرّب يحب الفجر بدري
لا يموت.
***
أنت تنثرني
وتُبْحِرْ بي إلى وادي المعنّى
ومعي البحَر الكبيرْ
ومعي الحُب الكبيرْ
وبلادْي تحتمي بالبحر من كل الجوانبْ
بوقوف البحر جنب الحُبْ
تَشْمُخ بي السَّفِينهْ
في طريقَك
تدفعني على مدِّ الزمانْ
من سُفَال الموتْ
إلى تاج الفرَحْ
***
بضوئَكْ يستنير داري
طريقي
وليالي الحُزنْ
تعجز أن تُغدِّر
وسْط ضَوْئََكْ
أنت ما سيّبْت دَيمةْ دونما ضوّيْتْ فيها
أنت ما سيّبْت مشتلْ دونَما ورّدْت فيه
في طريقكْ أزهرتْ كل البراعِمْ
أوْرَدَتْ كل الغصونْ
أنت باقي بين أزهَارَكْ وغُصْنَكْ
كَالْهواء
هل يعيش الغصن من غَيْر
الهواء؟
أنت باقي كالهواء
تُحْيي النُفُوْسْ
هل يموتْ مُحيي النفُوسْ
***
أه .. ما أكبر جرح الإنتصارْ
تترادف في تعاريجُهْ حُرُوفي كالجُنونُ
ويطير الحِسْ من هول الفجيعَةْ
ترتمي كالموج آهاتي على القلب المُدَمّى
يتجرّعْني الأسى
يَسْتَفز الصّبْر في جوفي مداميك الحياةْ
وَعَلى ظهريْ سياط الذعر
تأخذْ ما تُريدْ
وأنا أعشَقُ هذا النّصرْ
هذا الحُزنْ
هذا الإرتجافْ
أتلوّى مثل منزوع الفؤادْ
وعلى كتفي أبُز الأرض
أمتشق المدينةْ
***
لعنتي عَ الْيَوْم ذي هزّت كياني
أغرقت روحي دَمَارْ
ومضت تعبثُ في أغوارِ نفسي
كالحريق
وأنا أنسجُ من ضَوْئَكْ
ثوب الصّبْرْ
ثوب الإنتصارْ
وعلى جُرحي أدُوسْ
وعلى أعماق آلامي
أغَنِّي للبقاءْ
وفي نورَكْ غسلتُ الحُزْنْ
دَفّأت المفاصلْ
لملمتُ الفراغ المُرْ
ضَمّدْتُ الوَجَعْ
وكالنورسْ طارتْ كل أحزاني إليكْ
كل آهاتي وأوجاعي
وآلامي إليْك
أنت باقي
والطريق باقي
وكل العاشقين
آه .. ما أكبر جرح الإنتصارْ
من يقُلْ أن سراج الدارْ غاب
أو وقفْ قلبْ المدينَةْ ؟
لا أصَدِّقْ .
*د.سلطان الصريمي.. من ديوان” نشوان واحزان الشمس”