مواطن يمني يوجه رسالة إلى جماعة الحوثي ، ماذا جاء فيها ؟
الحلقة الرابعة والأخيرة
المواطن اليمني عبدالواحد المرادي
يبدو أن الانجليز و الأميركان كانوا هم الأكثر تضرراً من وصول اليمنيين إلى توافقات الحوار الوطني الكبير و لذلك شجعوكم و علي عبدالله صالح على قلب الطاولة و إعادة السلاح و القوة و الحرب الأهلية لحكم اليمن.
لا تقيسوا هداكم الله حكم اليمن اليوم بمقاييس أسلافكم الذين صارعوا من أجل السيطرة على حكم اليمن أكثر من ألف عام تقدماً و تراجعاً تمدداً و انحساراً.. لقد تغيرت ظروف الحياة كثيراً جداً رغم بقاء التخلف.. و لم يعد بإمكان أي أسرة أو طائفة أو سلالة حكم اليمن لا لوحدها و لا متدثرة بالبعض معها و لا حتى بالأسلوب الذي تحكم به القيادة الإيرانية في بلادها و هي على مذهب الاثني عشرية بنص دستورها / مادة 12 تقريباً.
حكم الطائفة في اليمن بعد الآن حكماً مستقراً مستحيل إنه باب من أبواب التدمير الذاتي لنفسها و للشعب كله و البلاد.. و من يحاول ذلك متجاهلاً التاريخ المثقل بالتجارب و التضحيات و متجاهلاً تعقيدات و مطالب الواقع و الناس في البلاد و آمالهم و تعقيدات الإقليم و العالم.. فسيجد نفسه للأسف بعد فوات الأوان ظلوماً جهولاً و ما حوله خراب… و لا يلوم إلا نفسه هذا إذا وجد وقتاً للملامة بعد ذلك. لقد بلغت من العمر عتياً بالمقاييس اليمنية و غير اليمنية و لا مطامع لدي.. و لا أنطق باسم الحزب الاشتراكي اليمني أو غيره هنا و لكني ناصح لكم و تهمني مصالح و مستقبل اليمن كلها شمالها و الجنوب و أنتم جزء من ذلك و في حديث شريف قال رسول الله صلى الله عليه و سلم( الدين النصيحة….) و شخصياً اعتبر الوطنية كذلك صورة من صورها النصيحة.. و أهمية التوجه إليكم بالنصيحة هي لأنكم تسيطرون على مقاليد الأمور في معظم الشمال و عاصمته ولأن نماذج سابقيكم في الطائفة و السلالة يبدو أنها مؤثرة عليكم للأسف تأثيرات سلبية في معظمها كما يبدو.. و حال البلاد و حجم تضحيات و معاناة اليمنيين لم تعد تحتمل المزيد لدى العاقلين.
اسألوا أنفسكم لماذا دعموكم في الحديدة و في نهم و غيرها و في تسهيل وصول السلاح النوعي إليكم.. و في تموضعكم على السلطة في صنعاء بأشكال و أوقات شتى، و اليوم يعترضوا على موقفكم من حقوق الشعب الفلسطيني و يضربونكم الأمريكان و الانجليز؟.
ما هو الرابط بين موقفيهم و ما هو الاختلاف بين موقفيكم؟ فكروا جيداً.. و أعيدوا بناء خياراتكم السياسية كلها في ضوء ذلك؟ إنهم يستفيدون من نهجكم داخل اليمن لأنكم تدمرون نهج و قوى اليمن التحررية الوطنية و هذا يفيدهم.. و حينما تدعمون حقوق الشعب الفلسطيني فأنكم تقتربون من مشاعر و مصالح شعبكم و هذا يسوئهم و يضر مصالحهم؟ لأنهم هم أصحاب المشروع الإسرائيلي في فلسطين و البلاد العربية كما أنهم أصحاب مشروع تدمير البلدان العربية و الإسلامية من داخلها؟
تملوا في تجربتكم و مسار رحلتكم الخطيرة في الحكم و إليه و لو كررت بدأتم للأسف مثل قوة غزو من الداخل لحليف إقليمي كبير و قوي.. و وصلتم و استمريتم كقوة حرب أهلية منذ تمددكم إلى عمران فصنعاء فاستقراركم بالسلطة مع تداخل أدواركم في حرب أهلية يمنية يمنية و حرب إقليمية إيرانية سعودية.
و اليوم تتزايد لديكم ملامح و مكونات نظام استعمار داخلي و هو شكل لنظام يواصل حرباً أهلية ساخنة و باردة من مواقع حكم و سيطرة إلى حد كبير يحاول الاستحواذ على كل موارد البلاد و مقادير و موارد شعبها بالقوة و القهر و الحيلة و الفتيلة و مواصلة إلغاء مسئولية الدولة عن حياة مواطنيها التي كان قد بدأها نظام المرحوم صالح و خصخصة بقية الخدمات العامة مع إضافة إلغاء المرتبات و الخُمس و إسراف في الجبايات و تعديات على التجارة و البنوك و إعادة إنتاج للأمية و الجهل بصور موسعة و حيثما وجد تعليم فطائفية أخرى و الباب الرئيسي لعمالة الشباب هي الجندية و الحرب حياكم الله… و هذا للأسف على خلاف و عكس نهج الخالق الحكيم ( الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف) و فتح أمامهم شروط حرية و كرامة الإنسان.
إخوتنا و خصومنا تنبهوا هداكم الله كأنكم أنتم و الشعب اليمني كله موضوعاً كبيراً لمكيدة كبرى بل حتى إيران و العرب و المسلمين موضوعاً لمكيدة أكبر صنعهما الاستشراق الاستعماري و تنفذها حكومات دول الغرب الكبرى بموجب المكيدة الأولى أنتم تدعمون لتكونوا قوة حرب أهلية يمنية عظمى حاكمة لاستهلاك اليمنيين في نزاع داخلي مديد موضوعه السلطة و الثروة و الكرامة و التدين الصحيح و بموجب المكيدة الأكبر الثانية مطلوب أن تتحول إيران أو تدفع إلى محاولة إقامة امبرطورية إيران الإسلامية بالسيطرة على بعض البلدان العربية و بينها السعودية كما يفكر بعضهم لاستنزاف العرب و الفرس في صراع مديد مماثل و أكبر و ربما تركيا و باكستان و غيرها أيضاً تجر إليه. حول السلطة و الثروة و الكرامة و الغرور القومي و نموذج التدين الصحيح؟؟! و ماذا بعد ؟ ما هي صورة المستقبل التي ستنتج عن ذلك ما هي صورة المستقبل.. و كيف سيجتمع أطرافه؟ هم الغربيون الحكام يعملوا على حبلها و حملها و أثقالها بلادنا بالأزمات و تناقضاتها.. و هي ستلد حسب الشهيد جمال جميل.. وكما يتوقعون و يريدون لا نموذج واضح جاذب و لا مشروع قابل للعرض و القراءة.
قيسوها مع مطالب مؤتمر لندن1907 مؤتمر كامبل بنرمان موضوعه و كيف يستطيع الغرب الاستعماري المهيمن منع تحرر و تقدم و وحدة الشعب الكبير الذي تجمعه الجوامع الكبرى بين المحيط و الخليج و القريب من أوروبا الاستعمارية.
إسرائيل أداة كبيرة للنزاع و الصراع العربي الإسرائيلي و ما أوجعها و أقساها.
و النزاعات المؤسسة على التناقضات الثانوية الداخلية و المفتعلة أداة أكبر داخل الأقطار و داخل الإقليم و كذلك هي وصايا بن غوريون أول رئيس لوزراء إسرائيل.. هذه خلاصة لرؤيتهم فكروا و قرروا أين موقعكم من ذلك..؟ و ما هي صورة اليمن التي يمكن أن تنتج عن نهجكم الراهن؟ و ماذا لو عدتم إلى طريق الصواب طريق السلم الأهلي و الوطني لليمن بتنوعه السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الجغرافي و بنموذج مؤتمر الحوار الوطني الشهير مثلاً و رؤاه التصالحية الوطنية السلمية عبر الحوار السياسي السلمي بين جميع اليمنيين في شمال اليمن و جنوبه.
و اعذروني من بعض تكرار و بعض الجلافة أو خشونة التعبير فهذه ربما بعض نتاج حياتي التي كانت مثقلة بالمتاعب في مختلف مراحلها و على الله الاعتماد و منه يرتجى التوفيق.
عدن
25 / 1 / 2024