الوحدة اليمنية: حلم تحقق ونضال وطني مستمر
بقلم/ محمد ناصر عجلان
تُعد الوحدة اليمنية التي تحققت في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، محطة تاريخية عظيمة في مسار النضال الوطني اليمني، وحلماً ظل يراود أبناء اليمن لعقود من الزمن، منذ بواكير الحركات الوطنية التي ناضلت ضد الاستعمار والإمامة، وحتى انبثاق فجر الثورة السبتمبرية الخالدة في عام 1962.
لقد شكلت الوحدة هدفاً نبيلاً تلاقت حوله تطلعات الشعب اليمني وقواه السياسية والثقافية والاجتماعية، وكان ذلك واضحاً في أهداف ثورة 26 سبتمبر المجيدة، حيث جاء الهدف الخامس ليؤكد على “تمتين الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة”، وهو ما يعكس إدراكاً عميقاً من رواد الثورة لضرورة وحدة الصف اليمني كشرط أساسي لتحقيق التنمية والاستقرار، والمساهمة الفاعلة في المشروع القومي العربي.
لم تكن الوحدة اليمنية وليدة لحظة سياسية عابرة، بل ثمرة لنضال وطني مرير، وتضحيات جسام قدمها الشعب في الشمال والجنوب على حد سواء. وقد كانت محطات التاريخ مليئة بالمحاولات والجهود السياسية التي عبرت عن هذا التوق الشعبي للوحدة، حتى جاء يوم الثاني والعشرين من مايو 1990، ليعلن ميلاد الجمهورية اليمنية، ويضع حداً لسنوات الانقسام والتجزئة.
ومنذ تحقيق الوحدة، واجه اليمن تحديات كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن التمسك بهذا المنجز الوطني ظل قائماً في وجدان أبناء اليمن، رغم العواصف والمحن التي عصفت بالوطن لاحقاً. وقد أثبتت التجارب أن الوحدة ليست مجرد قرار سياسي، بل هي روح وهوية ومصير مشترك، تتطلب الحفاظ عليها تعزيزا للديمقراطية والعدالة والتنمية الشاملة.
اليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على تحقيق الوحدة، يقف اليمن في مفترق طرق، ويُعاد طرح السؤال عن كيفية الحفاظ على هذا المكسب التاريخي وترسيخه، خصوصاً في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر بها البلاد. وهو ما يحتم على جميع القوى الوطنية أن تضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، وتعمل بروح المسؤولية الوطنية لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق المصالحة، والانطلاق نحو بناء يمن موحد، حر، وعادل.
إن الوحدة اليمنية كانت ولا تزال منجزاً عظيماً، وجذوة الأمل التي يجب أن تبقى مشتعلة في قلوب اليمنيين، فبها ينهض الوطن، وبتماسك أبنائه تتحقق التنمية والسيادة والاستقرار.
والله من وراء القصد
كتب / محمد ناصر عجلان