ضع اعلانك هنا

من كتاب (حرب العصيد.. جنايات يحيى حميد الدين على اليمنيين)

من كتاب (حرب العصيد.. جنايات يحيى حميد الدين على اليمنيين)

 

من اللحظات الأولى لاجتياح القوات الإمامية المُتوكلية منطقة الضالع، تَداعى رجال القبائل المُجاورة للمُواجهة، تحت قيادة الأمير نصر بن شايف، إلا أنَّهم فشلوا في إيقاف توغل تلك القوات، فأكمل الإماميون احتلالهم لباقي المناطق، لتسقط بعضها دون قتال، مثل جبل جحاف الكبير الذي أعلن شيخه علي طه الاستسلام، والواقع في الشمال الغربي لمدينة الضالع، وكذلك جبل حرير الواقع شرق ذات المدينة، والممتد من الشمال إلى الجنوب، والمتصل بوادي بنا وجبل حالمين، وما والاه من بلاد المفلحي، وقد جاءت الأوامر المُتوكلية بتعيين محمد بن محمد الشامي عامًلا على تلك المنطقة.

 

التجأ الأمير نصر إلى قبائل الأجعود (ردفان) وحالمين، واستعاد بمساعدتهم مدينة الضالع، إلا أنَّ تلك الاستعادة – كما أفاد المُؤرخ حمزة لقمان – لم تستمر سوي يومين فقط، حيث تمكنت القوات الإمامية من السيطرة عليها، وذلك بعد أنْ وصلتها تعزيزات كثيرة من المناطق الشمالية.

 

أما الشعيب فقد انقسم الأهالي هناك إلى فريقين، فريق خَنع، وفريق قَاوم، وأعضاء الفريق الأخير حظوا بدعم ومُساندة كبيرة من مشايخ يافع المُجاورة، وكان حصن شُكُع مقرهم المنيع، وعلى تخومه دارت أولى المعارك، صمدوا فيها ليومين مُتتاليين، لينسحبوا بعد سقوط الحصن إلى أطراف منطقتهم، مُجددين العزم لجولة أخرى حاسمة.

 

وبخصوص الفريق الخانع، فهو لم يخنع مَحبة بالتواجد الإمامي؛ بل نِكاية بمشايخ يافع الموسطة، الذين كانوا يخوضون معهم حتى تلك اللحظة حَربًا شعواء، وفي الوقت الذي تحالف فيه اليوافع بقيادة الشيخ عسكر علي بن نقيب مع بعض القبائل، وقدموا لشيخ حالمين عقائر الصداقة، من أجل السماح لهم بمُحاصرة الشعيب من منطقتهم، تحالف فيه أبناء الأخيرة (الفريق الخانع) مع قبائل أخرى، وقدموا لشيخ قبيلة القاضي مطلق صالح القاضي عقاير مُماثلة، وهكذا توسعت خريطة ذلك الصراع، وكان المُستفيد الأكبر منه القوات الإمامية المُتحفزة.

 

كثَّف ثوار الشعيب المسنودون بثوار يافع من استعداداتهم للمُواجهة، وتمركزوا في حصون القزعة، وما هي إلا أيام مَعدودة حتى أقبل إليهم الجُند الإمامي بحشده الكثيف، حيث تكاثروا وتجاوز عددهم الـ 5,000 مُقاتل، وكان غالبيتهم من قَبائل نهم، وخولان، وجبل عيال يزيد، وبني عبد، لتدور بين الجانبين معركة كبرى استمرت لثمانية أيام، وقيل لستة أيام، كان النصر في آخرها من نصيب القوات الإمامية، وقد جاءت الأوامر المُتوكلية حينها بتعيين محمد بن علي إسحاق عاملًا على الشعيب.

 

نقل المُؤرخ صلاح البكري جانبًا من تفاصيل تلك المُواجهات، وقال أنَّ أبناء يافع تنازعوا قبل عزمهم على المُواجهة، وأنَّه لم يتوجه منهم لمُواجهة القوات الإمامية سوى 800 مُقاتل؛ وأنَّ ذلك التنازع كان سبب فشلهم، وأضاف نَاقلًا تَفاصيل المعركة الأخيرة: «فثارت الحرب، واندحر يافع، والتجأوا في القزعة، وتحصنوا فيها، ولكن الزيود أحاطوا بهم، وقطعوا عنهم الماء والقوت ستة أيام، وأطلقوا عليهم المدفع، فهدوا الحصون، وأسروا 13 شخصًا من يافع، ثم قتلوهم في السجن، وكان عدد القتلى من يافع 250، ومن الزيود 400».

 

واصلت القوات الإمامية بعد ذلك تقدمها جنوبًا، وتمكنت من السيطرة على حصن حالمين، وقد دخل الأمير علي بن يحيى (أحد أمراء خرفة حالمين) تحت طاعة الإمام يحيى، وطلب من القبائل المُقاومة الانسحاب من بلاده، فما كان من ثوار يافع إلا أنْ توجهوا صوب ردفان، مُناصرين لثوار الأجعود والقطيب في مقاومتهم للزحف الإمامي.

 

من كتاب (حرب العصيد.. جنايات يحيى حميد الدين على اليمنيين)

 

بلال الطيب

ضع اعلانك هنا