بقلم الكاتب / ناجي البشري..
اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر ذكرى إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948، وقد احتوى الإعلان على مجموعة من الحقوق السياسية والمدنية، ومن أهمها الحق في الحياة.
ويبدأ الإعلان بعدة مبادئ أساسية: الحق فى الحرية والمساواة، ومن ثم، فلا تفرقة بسبب العنصر أو اللغة، أو الدين، أو بسبب الوضع السياسى، أو الاجتماعى. وفى هذا المعنى تقول المادة الأولى من الإعلان: «يولد الناس أحرارًا، متساويين فى الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلًا، وضميرًا، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء».
وهو الاعلان العالمي الذي اول ماتفتحت عيني على قراءته في السنة الأولى الجامعية في قسم الاقتصاد والعلوم السياسية.
وكنت حينها كلفت من الدكتور حميد المخلافي .
بعمل المقارنة بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور اليمني .
وقد بذلت جهد في ذلك.
وحين اشكلت علي احد الفقرات ذهبت إلى كلية الشريعة والقانون واستشارات احد الاساتذة العراقيين وعمل هو على استدعي اثنين أكاديمين وكنت المرة الاولى اجلس بشجاعة كباحث لمناقشة هذه الفقرة مع ثلاثة أكاديمين عراقيين .
ويمتاز الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على ما سبقه من وثائق بشموله، وعالميته، فلقد ولد بعد حربين عالميتين، قاست ويلاتها البشرية كلها، وذلك من جراء عوامل التمييز السياسية والاجتماعية، وجاء ليكون قمة التطور فى هذا النطاق، بوصفه مستوى مشتركًا، لكافة الشعوب والأمم..
لقد شرع الإسلام – منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا – «حقوق الإنسان » فى شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها وصاغ مجتمعه، فى أصول ومبادئ تمكن لهذه الحقوق وتدعمها.
الأمثلة، التى يمكن أن نسوقها – نحن العرب – من الإسلام، لنؤكد جوهر دعوته، إلى حقوق الإنسان، أو من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، وخاصة، فى حفظ حقوق الجماعات غير المسلمة التى لقيت فى كنف المجتمع العربى الإسلامى، أكرم معاملة، دون ما تفرقة، أو تعصب بسبب الدين، أو الأصل العرقى.
إنه من المؤسف ما نشهده في العالم اليوم من ازدواجية المعايير في مجال حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها دوليا؛ حيث أصبح هذا الأمر ظاهرة مكشوفة، ولم تَعُد بالضرورة حماية الحقوق هي الهدف بحد ذاتها؛ وإنما بقدر ما تُحققه من مصالح سياسية واقتصادية لتلك الدول،.
لذلك نجد أن بعض الدول التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان على مستوى العالم لا تحرك ساكناً، وتغض الطرف عن تلك الانتهاكات الصارخة التي ترتكب في حق المدنيين في دول ليس لها مصالح فيها؛ فمدن تُدَمّر وأطفال ونساء تقتل وتشرد؛ بينما نجد هذه الدول تثير بعض القضايا ضد هذه الدولة أو تلك تاركة تلك القضايا الكبرى التي تمثل انتهاكات صارخة وغير مسبوقة لحقوق الإنسان في عالمنا المعاصر، بل وصل الحال إلى المطالبة بحقوق تعارض الفطرة السليمة والأديان السماوية وما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة كالمطالبة بحقوق ما يسمى بالمثليين وجعلها جزء من اجنداتها وممارسة الضغوط على الدول والمجتمعات من أجلها والترويج لها رغم الموقف الصريح الرافض لها في أرجاء العالم ومن مختلف المجتمعات والثقافات..
ولما كنا نسلم بأن قضية حقوق الإنسان ليست مجرد قضية شعارات ومؤتمرات وقرارات، وإنما بالدرجة الأولى قضية وعى بهذه الحقوق وممارسة لها، فإننا نعتقد أن تعريف الشباب بهذه الحقوق وتربيتهم على احترامها يجب أن يحتل أولوية خاصة فى برامج الأجهزة المسؤولة عن التربية والتعليم والثقافة والإعلام، فى اليمن وباقى الأقطار العربية..
يبقى بعد هذا كله أن جوهر قضية الإنسان هو أنها ليست مجرد إقرار المواثيق الدولية والدعوة للالتزام بها فحسب، وإنما احترام وتنفيذ ما جاءت به المواثيق من مبادئ وحريات فى واقع الحياة العملية…
وإذا كان لنا من كلمة أخيرة، فإن حقوق الإنسان اليمني وحرياته الأساسية حقوق وحريات أصلية لا يمكن التنازل عنها، وتنبع من ثوابت راسخة فى التراث الفكرى الاسلامي، وفى نضال شعبنا من أجل الحرية والعدل والمساواة، وتستند فى ذات الوقت إلى المبادئ العامة فى الدستور اليمني. ويجب ألا يغيب عن البال لحظة واحدة أن قضايا حقوق الإنسان وتأكيدها والتصدى لحمايتها والدفاع عنها تبقى مسؤولية كل الأحرار، فى كل زمان ومكان، ومهما كانت التضحيات…