منشور برس /(عدن) – “صحيفة الثوري” – خاص..
تشهد اليمن، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، تدهورًا غير مسبوق في قيمة العملة المحلية، حيث تجاوز سعر الدولار حاجز 2300 ريال يمني، بينما وصل الريال السعودي إلى 600 ريال يمني في المناطق المحررة. هذا الانهيار الحاد في قيمة الريال يأتي مصحوبًا بارتفاع صاروخي في أسعار المواد الغذائية الأساسية، مع اقتراب شهر رمضان المبارك، ما ينذر بتفاقم الأوضاع المعيشية لملايين الأسر التي تكافح لتأمين احتياجاتها اليومية.
أزمة غذائية تُعمّق الفقر
كشفت دراسة حديثة أجراها مركز النماء للإعلام الإنساني، استمرت على مدار شهر وشملت مختلف المحافظات اليمنية، عن أرقام صادمة تعكس عمق الأزمة. وأظهرت الدراسة أن 21.6% من الأسر اليمنية اضطرت إلى بيع ممتلكاتها الشخصية لتغطية تكاليف الغذاء، فيما لجأت 35.3% من الأسر إلى تقليص عدد وجباتها اليومية بسبب نقص المساعدات الغذائية. كما أشارت إلى أن 23.5% من الأسر باتت تعتمد على العمل المؤقت كمصدر دخل لتوفير ا طعام، بينما وصلت نسبة 4% من الأسر إلى مرحلة طلب المساعدة من الغرباء، في دلالة واضحة على تدهور الأوضاع الإنسانية.
تعليم متعثر ورواتب لا تكفي
في المناطق المحررة، وخاصة في عدن، يواجه قطاع التعليم انهيارًا شبه كامل، حيث يستمر إضراب المعلمين للشهر الرابع على التوالي. يطالب المعلمون بتحسين رواتبهم التي لم تعد تكفي لتغطية احتياجات أسبوع واحد فقط، في ظل الغلاء الفاحش وتدهور العملة. هذا الوضع أدى إلى حرمان آلاف الطلاب من التعليم، مما يضاعف من تحديات المستقبل في بلد يعاني أصلًا من انهيار مؤسساته.
صنعاء تحت قبضة الحوثيين: نظام جباية بلا التزامات
في المقابل، تعيش العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الانقلابية واقعًا لا يقل قسوة. فقد تخلت الجماعة عن كافة التزامات الدولة تجاه مواطنيها، متحولة إلى نظام جباية يفرض الإتاوات والضرائب دون تقديم أي خدمات أو دعم. يعاني السكان هناك من شح في فرص العمل، وانعدام السيولة النقدية، وتوقف صرف رواتب الموظفين منذ سنوات، مما يزيد من حدة الفقر والبطالة.
رمضان على الأبواب: تحدٍ جديد
مع اقتراب شهر رمضان، يتزايد القلق بين اليمنيين حول قدرتهم على تلبية متطلبات الشهر الفضيل. فالارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية، إلى جانب انهيار العملة، يجعل من الصعب على الأسر توفير أبسط احتياجاتها. وفي ظل غياب أي تحرك حكومي فعال لوقف هذا التدهور، يبدو أن الشعب اليمني مقبل على مرحلة جديدة من المعاناة، تجمع بين الجوع والحرمان وسط صمت دولي مطبق.
و تُظهر هذه الأزمة المتصاعدة أن اليمن يقف على حافة كارثة إنسانية شاملة، حيث يتآكل ما تبقى من مقومات الحياة اليومية للمواطنين. وبينما تستمر الأوضاع في التفاقم، يبقى السؤال: إلى متى سيظل الشعب اليمني رهينة هذا الانهيار الاقتصادي دون أمل في حلول عاجلة؟..